“أهل مصر”, “حياة كريمة”, ” صنايعية مصر”, “العدالة الثقافية”, “معارض كتاب الوديان والقرى”, “الصالون الثقافى” وغيرها من المشروعات الثقافية العديدة والمتنوعة التى تميزت بملامح ذات طابع وطنى وكأنها تنبع جميعها من نهر واحد عنوانه “الهوية الوطنية” وهو المسار الاستراتيجى الذى انتهجته الدولة – الآن- ويبدو أنه سيشكل ملامح الواقع العام, وبمعنى أدق سيعيد اكتشاف الشخصية المصرية من جديد حتى تتلاشى سلبيات وتنمحى تشويهات طالت الحياة اليومية الإعتيادية, وبدلت سلوكيات وأنماط تفكير كان المتعارف عليها أنها منسوبة لجماليات الشخصية المصرية فى أزمنة وأحوال ولت وغادرت واقعنا, ربما نتيجة لهجمات وافدة من ثقافات معادية تخطط لطمس الهوية الوطنية للمصريين حتى يسهل بعدها تنفيذ مخططاتها التى تتقطر بالدماء حسدا من عند أنفسهم, ذاك لأنهم وجدوا هزيمة منكرة لهم أمام جيش مصر وشرطتها, وصعب عليهم تركيع اقتصادى للمواطن المصرى, فناورت الفئات الظلامية والتفت على هدم الثابت من الشخصية المصرية, ومن هنا كان التوجه الاستراتيجى فى إعادة صياغة الملامح الأصيلة للشخصية المصرية إنطلاقا من كونها خطوط الدفاع الحصينة للوجود المصرى, ولأن الشرق المصرى اعتاد الدفاع عن الوطن كاملا واعتاد تسديد فاتورة الدم عن جموع المصريين, كان لزاما لتحقيق استراتيجية استعادة الهوية الوطنية أن تتضمن أولا تحقيق العدالة الثقافية وصولا لأطراف الوطن كما قلبه ونواته, وكان من آليات تنفيذ الوصول هو تفعيل مشروعات ثقافية حقيقية كالتى تصدرت الحديث وهى حياة كريمة وأهل مصر وارسال مجموعات من أطفال المحافظات الحدودية (الوادى الجديد والبحر الأحمر وأسوان وجنوب وشمال سيناء) إلى المحافظات السياحية والأثرية والزراعية والتجارية والحضرية والبدوية والساحيلية حتى يحدث التمازج الانسانى بين القادم من الأجيال من جانب ومن آخر تصقل خبرات النشء وتثرى معارف الأطفال عن بلدهم الأم “مصر”, ومع الأطفال كان الشباب فى جولات موازية ومن ورائهم السيدات صانعات المستقبل, وكل هؤلاء يتعلموا ويعلموا الحرف التراثية المحلية لكل محافظة حفاظا عليها من الإندثار والنسيان, ويتبادلوا من خلال ورش الحكى الموروث الشعبى الناقل للمُثل والأخلاق والمبادىء, ويتباروا فى منافسات فنية من رسم وموسيقا وغناء وتمثيل وأخرى أدبية كنظم الشعر والقاءه وسطر السرد كقصص وروايات ومقالات, ليتعلموا جماليات الفنون والآداب التى تملىء فراغ الوجدان بالإيجابى من الحياة وتكحل العين بالأمل وترضى النفس بالآخر, لكن معضلة المعادلة تكمن فى ايجاد المناخ الثقافى العام حتى تثمر الأهداف وما كان النجاح حليف التجربة لولا وجود هذا المثقف من أبناء المقاومة الذى تربى على “ثقافة الإنتصار” فبمقارنة مباشرة بين ميناء ومدينة دونكيرك الفرنسيين ونظيرهما ميناء ومدينة بورسعيد المصريين نجد أهالى وجنود الأول انسحبوا وتركوا بلادهم وكان معهم دعما من جيش المملكة البريطانية وجيوش من دول اوربا أمام المحتل النازى, وكان بالنسبة لهم قمة الانتصار هو “الانسحاب” أما بورسعيد فالأمر معكوس تماما فكانت جيوش دول عدة وللفكاهة كانت ذات الدول التى انتصرت بالإنسحاب – سابقا- وفى هذه المرة أيضا مارست ما اعتادت عليه “الانسحاب” وانهزمت بالإنسحاب أمام البورسعيدية, وانهزمت ايضا بالحصار القوة الصهيونية أما السوايسة وصمودهم وعنادهم , وصدّر أهالى الاسماعيلية بواكير ثورة على الاستعمار غيرت أحوال نصف الكرة الجنوبى, أما الحديث عن ثقافة المقاومة لدى السيناوية فالكلام مغزول بالدرر ويكفي أهالى سيناء ومن جائهم من مناحى الوطن أنهم الأسبق فى الوطنية وان أرضهم “سيناء” كانت ولاتزال معارج للشهداء, لذا كان المثقف من أبناء القناة وسيناء فاعلا حقيقيا لانجاح المشروعات الثقافية الوطنية انطلاقا من ادراكه ووعيه بأهمية اعداد الوجدان العام وبناء الفكر للأجيال القادمة واعتبار أن الثقافة استثمار لصالح الحاضر والمستقبل وجب تنميته ورعايته, ووجب تقدير كل مثقفى مدن القناة وسيناء أصحاب المبادأة دائما, ولنا قادم ان شاء الله مع الثقافة ومدن القناة وسيناء والمصرى الجديد.