د. أشرف فهمي موسى يكتب: صحابة وصحابيات مع الصناعات اليدوية “الهاند ميد” (2)

مدير عام التدريب بوزارة الأوقاف

انطلقت الشرارة الأولى للصناعات اليدوية (الهاند ميد) في سابقة ولأول مرة في تاريخ الشهداء بمحافظة المنوفية، بشباب الخير بالشهداء،

ويستمر العطاء والتوسع للوقوف بجانب الأسر المنتجة، وكذلك الأسر الأولى بالرعاية حالة من النشاط والعمل بدلا من البطالة والكسل .

وإنَّ الرضا يسكن القلوب إذا تأمَّلنا قول الله (عز وجل):

“أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا

وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ

خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ”،

والكسب الحلال والإبداع عبادة لصاحبها أجر، لأن مفهوم العبادة لا يقتصر على الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج،

فجميع الأعمال، والصناعات التي تحقق احتياجات الفرد، أو المجتمع، أو نفع الناس هي من الطاعات التي يتقبلها الله (عز وجل).

تجارة الثياب والأقمشة

وكان في عصر سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) صحابة وصحابيات في المدينة المنورة لهم سوق لبيع الثياب والأقمشة،

فعن أبي هريرة (رضي الله عنه): “دخلت السوق مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجلس إلى البزّازين (تجار الأقمشة)

فاشترى سراويل بأربعة دراهم، وكان لأهل السوق وزَّان يزن للناس..”، واشتغل سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)

بتجارة الثياب والأقمشة وابنه عبد الله (رضي الله عنه)، وسيدنا عثمان بن عفان (رضي الله عنه)، وسيدنا

عبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنه)، وسيدنا طلحة بن عبيد الله (رضي الله عنه)، الذي كانت أرباح كل يوم ألفي درهم،

ومنهم سويد بن قيس العبدي، الذي اشترى منه النبي (صلى الله عليه وسلم) السراويل، وممن عملوا في نسج الثياب

وحياكتها سيدنا الزبير بن العوام (رضي الله عنه)، وسيدنا عمرو بن العاص (رضي الله عنه).

ومنهم سيدنا سهل بن سعد (رضي الله عنه) قال: حِكْتُ للنبي (صلى الله عليه وسلم) جُبَّة من صوف، وجعلتُ حاشيتَها

سوداء، فلما لبسها قال: انظروا، ما أحسنها وما أبهجها، فقام إليه أعرابي فقال: يا رسول الله، هبها لي،

وكان (صلى الله عليه وسلم) إذا سئل شيئا لم يبخل به، فدفعها إليه، وأمر أن تُحاك له جبة أخرى”،

ومنهم سيدنا عبد الله بن ربيعة وكان يعمل بمهنة العطور.

صحابيات يحترفن حياكة الثياب

ولم يكن العمل قاصرًا على الرجال فحسب بل كانت صحابيات يحترفن حياكة الثياب في العهد النبوي وكانت تمارسها النساء

في البيوت ، وكن يعتمدن في ذلك على خيوط الحرير، والصوف، والكتان (وهو ما يعرف الآن بالكروشيه)، ومن النساء

من كن يعملن في مستحضرات العطور كأمُّ عبد الله بن ربيعة، وهي أسماء بنت مخربة، و الحولاء بنت ثويب.

وفى الرواية أن امرأة جاءت ببردة منسوجة إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقالت: إني نسجت هذه بيديَّ، فجئت أكسوَكَها،

فأخذها النبي (صلى الله عليه وسلم) وكانت هذه البردة من صوف، وجُعِلَ لها في حاشيتها خطوط وزخرفات.

وقد اشتَهر سيدنا حمزة بن عبد المطلب (رضي الله عنه) باحتراف الصيد، وقد نزلت آيات على قلب النبي (صلى الله عليه

وسلم) تثبت مهنة الصيد، قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ”.

وقد كان ( صلَّى الله عليه وسلَّم ) يشيد بالمبدعين من أصحاب الصناعات والحرف اليدوية ويرفع من شأنهم،

وعاب سيدنا عمر بن الخطاب على من يجلس بلا عمل ولا حرفة يتكسب منها، ورد في الأثر عن عمر بن الخطاب

(رضي الله عنه) أنَّه إذا نظر إلى رجلٍ فأعجبه، قال: هل له حرفة؟ فإن قالوا: لا، قال: “سقط من عيني”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.