جلال حمام يكتب : الرئيس السيسي .. رجل إعلام مصر

 

تعد الحرب الإعلامية من أخطر أنواع الحروب، نظراً لتأثيرها في نفسية متلقي المعلومة، بغسيل دماغه نحو ما ينبغي الإيمان والإقتناع به، مما يجعله يغير الواقع، تبعاً لما تلقى وترسخ في عقله.. كما أنها تعد حرباً باردة، لا يمكن التنبؤ بنتائجها ونهايتها.. وهي سبيل لإفساد عقول الشباب والأمة، ونشر الفوضى والإرباك بين صفوفهم.. وقد كشف الخبراء عن أن هذه الحرب تؤدي إلى تثبيط العزيمة، وسلب الإرادة، وبالتالي سهولة السيطرة علي من يتعرض لها.. وهذه الحرب عبارة عن بث الأفكار، والإشاعات، والمعلومات الخاطئة والمغلوطة وغير السوية بين الناس، من خلال الفضائيات، والإذاعات، والإنترنت، والجرائد، بهدف تغيير وجهات النظر وتسييرها باتجاه ما هو مطلوب منها، وتحقيق التضليل الإعلامي، والتلاعب بالرأي، والوعي العام، وسلوك المواطنين..
وقد واجهت مصر، خلال السنوات الماضية، حروباً إعلامية ضارية، لم تتم مواجهتها بالقدر الكافي لدحضها وكشف أهدافها.. لذلك.. لا تتسرع عزيزي القارئ في تفسير عنوان المقال أعلاه، ولا تعتقدن أنه نوع من الُزلفي إلى الرئيس، لأنه في غنىٍ عن ذلك، ونحن لا نقول إلا ما نعتقد أنه الصواب، وأنه كلمة الصدق، في حق الرجل الذي يدرك دوماً أن الدولة المصرية فعلت الكثير، ومازالت، بينما الإعلام المصري، بكافة وسائله، مازال دون المستوى المطلوب من التغطية اللازمة، التي تستطيع أن تعطى ما تم إنجازه من مشروعات قومية عملاقة، وعلاقات إقليمية ودولية للدولة المصرية غير مسبوقة، حقه المطلوب، وقاصر عن إيصال صوت المشروعات القومية العملاقة، وصورتها التي أصبحت واقعاً على الأرض، تكلفت تريليونات الجنيهات، ولم تلق من الإعلام الاهتمام الكافي لحجمها، أو قل، افتقاد هذا الإعلام الوسيلة الأبسط لتوصيل أعباء إنشاء هذه المشروعات، وتبيان أهدافها ومراميها للمواطن، بإسلوب سهل وبسيط، يستطيع هذا المواطن فهمه، بأرقام قليله، وتحليل عميق.
لذا.. وفي كل مرة ينتهي فيها مسئول عن وزارة، من تقديم عرضه عن مشروع قيد الافتتاح، إلا وينبري الرئيس للتعليق، بالشرح والتحليل البسيط، لكل ما قاله هذا الوزير أو ذاك، لأنه يؤمن أن الأرقام الصماء والعرض شديد التخصص، لا يمكنه الوصول إلى عقل ووعي المواطن، الذي يحتاج من يقوم على إيصال الفكرة المرادة إليه، بإسلوب سهل ممتنع، لا يقدر عليه إلا رئيس، يحفظ عن ظهر قلب، تفاصيل ما يجري على أرض بلاده من مشروعات، ويدرك مدى مناسبتها للحظة الراهنة، وعدم إمكانية تأجيلها، وإلا ستكون العواقب وخيمة، مثلما وقعنا من قبل، وعلى مدى أكثر من ثلاثين عاماً، من تعطل وتوقف، وعدم البدء في مشروعات، لو كانت قد نُفذت على وقتها، لوفرت مصر الكثير من مليارات تُنفق الآن، ولاستمتع المواطن بثمارها منذ سنوات.. ولكن الرئيس، مع ذلك، يدرك، أن مالا يدرك جُله، لا يُترك كُله.. وبدأ رحلة بناء الجمهورية الجديدة، بصبر وعزيمة، متحملاً المكاره، من مغرضي الخارج وشياطين الداخل.. لكن مازالت الفجوة كبير، بين ما تم ويتم إنجازه، وبين إدراك المواطن لحجم وأهمية وقيمة هذه الإنجازات.
يؤمن الرئيس بأن المؤتمرات وافتتاحات المشروعات القومية، منصات يستفيد المواطن من البيانات والمعلومات المطروحة فيها، والتي يتم النقاش حولها، كما يستفيد منها الإعلام، من خلال ما تطرحه من معلومات، تكون مصدراً للتناول بالشرح والتحليل والتفسير.. وهنا، لابد من الإشارة إلى أن الرئيس لا يقوم فقط على الشرح المبسط والتفسير الدقيق لمجريات العمل في المشروعات القومية في مصر، لكنه يبادر دوماً إلى إماطة اللثام عما يمكن فهمه على منحى غير دقيق من كلام هذا المسئول أو ذاك، بغية وضع اليد على المعنى الدقيق للكلام الذي تم إيراده، حتى لا يُفهم من العامة على غير مراده.. وتلك وظيفة إعلامية بالغة المهنية.. رئيس حريص على أن لا يُفهم أمر على غير حقيقته.. وفي ذلك تطمين للمواطن، بأن كل شيئ يسير في قنواته الطبيعة.. رئيس يبتغي مصلحة المواطن، حتى ولو سعى هذا المواطن إلى كسب عيشه، من مشروع، لم يسلك فيه طريق القانون.. يؤكد الرئيس هنا، أن الدولة لا تريد أن تُحاسب هؤلاء، بقدر ما تبتغي أن تساعدهم، حتى يكون كل شيئ في نصابه القانوني، فيرتاح المواطن، وتراقب الدولة مُخرجات إنتاجه، حتى تأتي في صالح المستهلك.
رأي الرئيس السيسي، أن حواره المباشر إلى المواطنين، هو أقصر الطرق إلى الحقيقة، متسلحاً بالمصارحة والمكاشفة، حتى في أبسط المعلومات، وصولاً إلى أخطرها، واتخذ من مواجهة الذات بالحقيقة، طريقاً لتصديق الناس لكل ما يقال، حتى ولو بالاعتراف بالخطأ، وأن هناك قصوراً حدث في يوم ما، أو زمان ومكان معينين، أدى إلى ما نحن فيه، ليس من قبيل تعرية النفس وكشف عوارها، بقدر ما هو اعتراف يؤدي إلى إصلاح الذات، (نعترف بأننا لم نكن أكفاء، في مرحلة سابقة، في إدارة مشروعاتنا، وكان القطاع الخاص الأقدر على ذلك منا.. العيب في نظام التسعير وسوء الإدارة، وغياب الحوكمة).. يقولها بنبرة قوية، ولكنها هادئة، لا تعتمد الانفعال أو التشنج، بل هي الرغبة في الخروج من هذه الدائرة التي اختنقنا منها، وأوصلتنا إلى مآلات سيئة، شهدتها عصور سابقة، وألقت بظلالها، حتى في الوقت الراهن، في بعض الكيانات الهامة والحيوية، في إقتصاد مصر.
هذه النبرة الهادئة العاقلة، المعتمدة على المعلومة والرؤية الصائبة للإصلاح، هي بعض ما يفتقده كثير من القائمين على إعلامنا، الذي يتخذون من التشنج اسلوباً للعرض والتناول، وكأننا في (خناقة)، مع أن العقل والحكمة والهدوء، الذين تقودهم المعلومة، والرؤية الصائبة هي الأصلح، وإلا خسرنا كثيراً، بفقدان المواطن للثقة في وسائل الإعلام هذه، وبالتالي في الدولة برمتها، باعتبار هذا الإعلام معبراً عن وجهة نظر الدولة، أو هكذا يظن الناس.
إن مصر، بكل تفاصيلها ومكوناتها، كتاب مفتوح أمام الرئيس السيسي.. قرأه بعناية، ودرس ما فيه من مشكلات وتحديات، بوعي وفهم.. ولم يقف عند معرفة المشكلة، بل وضع الحلول الملائمة لها، بموضوعية ومنطق، يجعل كل حل قابل للتحقق.. ولذا، فقد أتعب الرئيس كل الذين حوله من مسئولين، بهذه المعرفة، وبالقدرة الفائقة على ابتكار الحلول، التي تصل حد الحلم.. يؤكد دوماً، أنه طالما وُجد الحلم تحقق الإنجاز، لأن الحلم يفجر طاقات الإبداع ويدفع نحو العمل الخلاق.
لقد أكد الرئيس السيسي على أنه لا يمكن أن نهيل التراب على مشروع قديم توقف، مادام هناك دلائل على إمكانية نجاحه، بديل إعادة إحياء مشروع توشكى وخروجه إلى النور، حتى لو تطلب الأمر إزالة تسعة كيلو مترات من أحجار الجرانيت، كانت تعترض مسار وصول المياه إلى بقية مناطقه الزراعية، وحتى لو تطلب ذلك، ملايين الكيلوات من المتفجرات، لفتح مسار المياة، لترتوى بها الأرض العطشى، إيذاناً بالإثمار، من أجل خير ورفاهية المواطن المصري.. ومع ذلك، فإنه يمتلك الجرأة بالتأكيد على أن الجيل الحالي يدفع فاتورة إهمال الدولة، في تطوير المرافق لستين عامٍ مضت، خوفاً من مسئوليها على كراسيهم.
إذاً.. نحن أمام رئيس يبشر دائماً بالغد الجميل، الذي اعتمل في نفسه يوماً، كحلم لابد من السعي وراء تحقيقه.. وقد فعلها، وبلا تردد.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.