بدأت فترة رئاسة فرنسا الدورية للاتحاد الاوروبي مع مطلع العام الجديد ..وخلال الاحتفال باعياد الميلاد جرى إضاءة برج إيفل وقصر الإليزيه في باريس باللون الأزرق الأوروبي، في إشارة ترمز إلى تسلم فرنسا رئاسة الإتحاد الأوروبي من سلوفينيا
التي كانت ترأس المجلس الأوروبي منذ الأول من يوليو الماضي على أن تسلمها في النصف الثاني من السنة إلى تشيكيا.
وحدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون برنامجا طموحا للرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي على أمل مواجهة ومعالجة القضايا الرئيسية خلال فترة الرئاسة الدورية للاتحاد وهي ستة أشهر.
وقد بدأ سقف ماكرون عاليا لرئاسة بلاده التكتل الأوروبي إذ قال في بيان بهذه المناسبة :
“الرئاسة الفرنسية ستكون لحظة حقيقة لتنظيم ومساءلة المنصات الرقمية و تسعير الكربون على الحدود الأوروبية على الواردات وأيضا الحد الأدنى للأجور وعلاقتنا مع إفريقيا”.
ويبدو أن ماكرون سيواجه خلال الستة الأشهر القادمة تحديات ليست فقط أوروبية بل أيضا في الداخل الفرنسي إذ ستجرى الانتخابات الفرنسية في أبريل المقبل في وضع غير مألوف للدول التي تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي.
وأصبح على الرئيس الحالي العمل على أكثر من جبهة
اولا – تنفيذ برنامج الاولويات لرئاسة الاتحاد ثانبا ضمان الفوز بالانتخابات لتكملة المسيرة وإلا سيأتي رئيس جديد بافكار جديدة ورؤى مختلفة
وربما يؤدي ذلك الى اجراء تعديل على اولويات الرئاسة الدورية الفرنسية للاتحاد الأوروبي ومن هنا يعتبر هذا التحدي حالة غير مألوفة
حيث تتولى دولة رئاسة الاتحاد وغير معروف ان حكومة هذه الدولة ستكمل عملها لتنفيذ برنامجها لرئاسة الاتحاد ام لا .
وتسلمت فرنسا الرئاسة من سلوفينيا التي كانت ترأس المجلس الأوروبي منذ الأول من يوليو فيما تولت ألمانيا الرئاسة الأوروبية خلال النصف الأول من العام الماضي.
ومع تولي المستشار الألماني أولاف شولتس زمام الأمور في البلاد خلفا للمستشارة أنجيلا ميركل التي ظلت في منصبها لستة عشر عاما،
ستكون أولوية رئاسة فرنسا الأوروبية اختبار شكل العلاقات الجديدة بين باريس وبرلين.
وأكد ماكرون على ان فترة رئاسة الاتحاد الأوروبي تحدث كل 13 عام مرة واحدة، على هذا يجب تحويلها إلى فرصة للتطور في القضايا الدفاعية وضبط الحدود ومواجهة التغييرات المناخية وبناء التحالفات مع أفريقيا.
وخلال هذه الفترة، ستتمتع فرنسا بنفوذ كبير لتحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي وإيجاد طرق للتوصل إلى حل وسط بين الدول الأعضاء البالغ عددهم 27 دولة بشأن القضايا محل الخلافات،
والتي تعد من أهمها الخلافات مع بريطانيا بعد انسحابها من الاتحاد الأوروبي. كما أعطت فرنسا الأولوية لثلاثة مجالات؛
-تحديد الحد الأدنى للأجور في جميع دول الاتحاد الأوروبي، – وتنظيم أنشطة التكنولوجيا والشركات الرقمية – وفرض ضريبة الكربون على المنتجات المستوردة إلى أوروبا بسبب آثارها البيئية المدمرة.
بينما تفضل دول مثل إيطاليا والسويد بسبب غياب برنامج محدد، التفاوض على حد أدنى للأجور كل عام.
اتخذت الحكومة الألمانية الجديدة مؤخرا خطوة كبيرة في هذا الاتجاه، معلنة أنها تنوي رفع الحد الأدنى للأجور من 9 يورو يصل إلى 12 يورو للساعة. وان الراتب في فرنسا محدد بـ 10 يورو.
كما يدعم ماكرون إصلاح منطقة “شنجن “من أجل “حماية حدود أوروبا بشكل أفضل” في مواجهة أزمات الهجرة.
كما يخطط ماكرون لتقديم خطة لمراجعة قوانين ميزانية الاتحاد الأوروبي بهدف استقطاب الاستثمار وتحقيق المزيد من النمو في الاتحاد الأوروبي.
تتمثل إحدى أهم خطط ماكرون في إنشاء جيش أوروبي موحد، وعلى الرغم من عدم رغبة بعض الدول الأعضاء، فإنه يواصل الضغط من أجل تطبيق خطة لتعزيز القدرة الدفاعية للاتحاد الأوروبي من خلال إنشاء جيش أوروبي موحد ومستقل.
لا شك أن ماكرون سيعطي الأولوية للسياسة الدفاعية الأوروبية المشتركة في جدول أعماله، وقد شدد مؤخرا على أنه سيتم إنشاء الآلية أولا بين فرنسا وألمانيا ثم تنطبق على أعضاء آخرين في الاتحاد الأوروبي.
كما يريد الرئيس الفرنسي أن تقدم بلاده تعريفا لـ “الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي” أثناء رئاستها للاتحاد الأوروبي،
ولذلك اقترح مراجعة معاهدة ماستريخت في إطار محدد لميزانيات الدول. وخلال الاجتماع المشترك بين المفوضية الاوروبية بصفتها الجهاز التنفيذي للاتحاد الاوروبي من جهة والحكومة الفرنسية من جهة اخرى لمناقشة برنامج عمل فرنسا للرئاسة الدورية للاتحاد
حاولت اورسولا فون ديرلاين رئيسة المفوضية تذكير الجميع بارز التحديات في المرحلة الحالية عندما قالت ان فرنسا تتحمل هذه المسؤولية الثمينة في ظروف خاصة للغاية: حيث لا يزال وضع الصحة العامة فيما يتعلق بـ COVID-19 مقلقًا.
ولكنها اشارت الى إجراءات قوية على جبهة التطعيم. ولفتت الى تطعيم ما يقرب من 70٪ من مجموع السكان وحوالي 80٪ من البالغين في أوروبا. لم يقتصر الامر على تزويد الأوروبيين بـ 1.2 مليار جرعة لقاح ،
ولكن في موازاة ذلك ، جرى تصدير 1.5 مليار جرعة لقاح إلى أكثر من 150 دولة. كما نوهت الى تخصيص المؤسسات والدول الاعضاء 800 مليار يورو في اطار برنامج التعافي الاقتصادي لمواجهة تداعيات كورونا
واتفقت فون ديرلاين مع الرئاسة الدورية الفرنسية في ان هناك توترات كبيرة ، كما يتضح من الضغط العسكري الروسي على أوكرانيا وترهيبها لمولدوفا.
لذلك ، وقالت رئيسة المفوضية ” يسعدني أن يتولى بلد يتمتع بثقل وخبرة سياسية رئاسة المجلس في مثل هذا الوقت الدقيق. صوت فرنسا له صدى بعيد وواسع. وأوروبا عزيزة على فرنسا.
وهي رسالة لها اكثر من مدلول وخاصة في هذا التوقيت كما وجهت رئيسة المفوضية اكثر من رسالة عندما اشارت الى بعض الملفات الرئيسية على جدول ألاعمال المشترك بين المفوضية والرئاسة الدورية للاتحاد ومنها ، المناخ.
وفي هذا الصدد قدمت المفوضية مقترحات مفصلة وطموحة لتحقيق الهدف المتمثل في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 55٪ بحلول عام 2030.
وقالت فونديرلاين “نريد تحقيق ذلك بطريقة فعالة اقتصاديًا وعادلة اجتماعيًا ونعتمد على الرئاسة الفرنسية للمضي قدما بهذه المقترحات. ثانيًا ، التحول الرقمي.
وترى المفوضية ان الطموح المشترك هو جعل أوروبا قوة رقمية حقيقية في العالم ، منظمة وفقًا لقواعدنا وقيمنا.
في العام الماضي ، قدمت المفوضية مقترحات طموحة ، وتشريعات خاصة بالأسواق والخدمات الرقمية ، من أجل تعزيز الابتكار ،
وفي الوقت نفسه جعل المنصات الرئيسية تتحمل مسؤوليتها الديمقراطية. ، وذكرت رئيسة المفوضية بالحاجة إلى مواصلة تعزيز النموذج الاقتصادي الاوروبي ، وهو اقتصاد تنافسي واجتماعي.
وفي نفس الوقت العمل على نموذج جديد للنمو الأوروبي ، تم تشكيله بشكل طبيعي من خلال الصفقة الخضراء ، والأجندة الرقمية والمرونة ، يعتمد هذا على التميز والاستدامة والصناعة الأوروبية التنافسية. .ثم انتقلت الى موضوع آخر مهم هو إدارة الحدود وتعزيز منطقة شنغن ،
وقالت فون ديرلاين “منطقة حرية الحركة لدينا. تقع هذه المنطقة في قلب المشروع الأوروبي ، لكنها ضعفت بسبب عدد من الأزمات. لذلك نريد استعادة وحفظ وتعزيز انفتاح الحدود الداخلية للاتحاد الأوروبي”
وهي رسالة اخرى للرئاسة الفرنسية الجديدة للاتحاد واعربت فيها عن أملها ان تعطي باريس .الزخم اللازم لإحراز تقدم في هذه القضية. ،
على ان يشمل ذلك أيضًا تعزيز إدارة الحدود الخارجية ومكافحة شبكات التهريب والعمل مع بلدان المنشأ والعبور. لهذا السبب أريد أيضًا أن أرى تقدمًا سريعًا فيما يعرف بالميثاق بشأن الهجرة واللجوء ،
والذي يقدم على وجه التحديد مثل هذا النهج الشامل.
وأكدت ايضا على أن هناك حاجة لاتحاد دفاعي حقيقي. اتحاد دفاعي يجهزنا لتهديدات جديدة في المستقبل. مشيرة الى ان هذا املف سيكون حاضرا بقوة في قمة الاتحاد الاوروبي في مارس القادم
وقالت في رسالة جديدة واضحة ” أعتقد أن الوقت قد حان لأوروبا في الدفاع عن نفسها.” وفي ختام كلمتها، تحدثت فون ديرلاين عن العلاقات مع إفريقيا ، في سياق جائحة COVID-19 ، والحاجة إلى زيادة الدعم الاوروبي لتلك القارة ،
من حيث اللقاحات والعواقب الاقتصادية. وهناك قناعة اوروبية بان بعد هذه الأزمة ، من الواضح أن إفريقيا شريك رئيسي لمستقبل القارة الاوروبية لأنها مساحة جيوسياسية واقتصادية وديموغرافية ستكون ضرورية في عالم الغد
لذلك اعربت المفوضية الاوروبية عن تطلعها الى إلى مناقشة سبل تعميق الشراكة بين القارتين في قمة الاتحاد الأوروبي وأفريقيا في بروكسل في فبراير القادم .