في كثير من الدول التي بلا تاريخ أو حضارة يبحثون عن أي شيء يصنع لهم تاريخ ، ويدفعون الملايين للحصول علي تمثال أو لوحة فنية يضعوها في متاحف لتكون جزءا من عناصر قوتهم الناعمة ، والحديث عن مصر في هذا الخصوص لا ينتهي بانتهاء الوقت
لما تضمه من تراث تكون منذ آلاف السنين ، وحضارات متعاقبة جعلت مصر من أول وأكثر دول العالم تنوعا فكانت فجر الضمير للعالم كله ..
كلام لابد منه حتي نري أنفسنا جيدا ونعرف قيمة بلدنا .. جغرافيا وتاريخ وحضارة ..
بناء ونظافة ورقي .. فقد كانت القاهرة واحدة من أنظف ثلاث مدن في العالم ، وكانت شوارعها تضاء بغاز الإستصباح ..
ومنذ بدأ بناء الجمهورية الجديدة من 2014 علي أسس حديثة لا مكان فيها للعشوائية بكل صورها القبيحة ، ونحن نحلم أن نري الجمال في كل شيء .. في الشارع .. في الميدان ..
في شكل المباني .. في نظافة وسائل النقل العام .. الأتوبيس والقطار والميني باص .. حتي ندرك قيمة ما نملك ليتحقق مجتمع الرفاة والجمال ..
صور ونماذج متعددة أشاهدها أسفل غالبية الكباري التي تم إنشاؤها خلال الفترة الماضية خصوصا في مصر الجديدة وشرق القاهرة في مدينة نصر
حيث تحولت تلك الأماكن إلي صور جمالية فيها المطاعم والكافيهات وبعض محلات الزهور والعطور ، ومشروعات صغيرة متنوعة خلقت فرص عمل كثيرة .. بل صارت متنفسا لقضاء أوقات الانتظار لقضاء المصالح .
التجربة تلفت الانتباه وتستحق المتابعة والمراقبة حتي نعتاد عليها ، وحتي نقول أننا أصبحنا نرفض القبح الذي كنا نراه وتعودنا علي رؤيته لدرجة أنه أصبح القاعدة والجمال هو الاستثناء ،
ومع ذلك لا تخلو التجربة من سلبيات أهمها هو غياب المتابعة من الأحياء التي تقع فيها هذه الأماكن فما زلنا نري أكوام من القمامة ، ونري مخلفات بناء تشوه الصورة وتغتال جمالها .. !
ولأن الشيء بالشيء يذكر – وهذا هو الأهم – في أحدي مداخلات وزير النقل مع إحدي الفضائيات كان يتحدث عن الطفرة الكبيرة والنقلة النوعية التي تسعي إليها مصر في وسائل النقل والمواصلات الحديثة صديقة البيئة ،
وكيف استطاعت مصر أن تنشيء خطوط جديدة تقترب من حجم وسعة الشبكة القديمة كلها ، وتحدث عن ظاهرة الأولاد الذين يلقون بالحجارة علي قطارات الصعيد ويسببون إتلاف زجاج القطارات وإصابة الركاب إصابات بالغة ،
وتحدث عن سرقة كابلات اتصالات في مشروع القطار الكهربائي في شارع جسر السويس !
الغريب أن الوزير كان يتحدث عن ذلك بينما تعرض الشاشة فيديو للأولاد وهم يلقون الحجارة بغل شديد علي القطار ،
والأغرب أن الوزيركان يتابع الفيديو الذي يظهر وجوه الأولاد وتقريبا يحدد المكان المتواجدين فيه ، ومع ذلك كان يناشد أهالي الأولاد أن يوقفوا ويمنعوا أولادهم عن ممارسة هذا الفعل ..
واكتفي الوزير بالتنبيه وأن ما يقومون به هو إهدار لأموال الدولة وممتلكاتها التي هي ممتلكات الشعب !
الحقيقة أن مناشدة الوزير لن تحقق الردع ، وأن الوزير كان يجب عليه أن يكون قراره هو البحث عن هؤلاء الأولاد واستدعاء أهاليهم وعقابهم بالقانون وتغريمهم قيمة ما أتلفوه لأن من أمن العقاب أساء التصرف ..
تشويه الانجازات واغتيال الجمال جريمة يجب أن يبحث المشرع عن قانون حاسم وشديد يواجه به هذا الانفلات .. القانون لا يعرف المناشدة ولا يجب أن يعرفها معالي الوزير