الإعلامي محمود عبد السلام يكتب : ملف ماسبيرو

الكاتب محمود عبد السلام
 يخطئ خطئاً كبيراً من يتعامل مع مبنى الاذاعة والتلفزيون المصرى بلغة الأرقام فقط . إياك أن تهمل أصحاب التاريخ الذين شاركوا الوطن افراحه واتراحه
وكانوا يوماً جزءاً من بهجته ومصدراً من مصادر دعمه وركيزة من ركائز الحكم فى مصر . إسأل أصغر عامل فى التلفزيون المصرى تجده يتمتع بادراك ووعى متناهى
مبنى بهذة العراقة أكسب العاملين فيه خبرات قيادات الدولة نفسها بحكم اطلاعه على الأحداث المستمرة منذ نشأته حتى الآن .
التلفزيون المصرى كان حتى قبل ٢٠١١ هو قلب وزارة الاعلام النابض والمنبر الأصيل الذى تتحدث الدولة من خلاله ، ومثله مثل مؤسسات كبرى أخرى تعرض للظلم ودفع فاتورة فوضى يناير ٢٠١١ والثورة التى غيرت من ملامح عصر ودخلت بنا الى عصرًّ جديد .
أتهم التلفزيون ظلماً ، كما أتهم غيره من مؤسسات الدولة مثل وزارة الدخلية  وغيرها بأن اتحاد الاذاعة والتلفزيون كان تابعاً للدولة ولم يكن يقدم إعلاماً مستقلاً ،
وهى كلمة حق أريد بها باطل (لم اراد ان يعرف الحقيقة) . إتحاد الاذاعة والتلفزيون سابقاً الهيئة الوطنية للإعلام حالياً مثلها مثل أى مؤسسة فى الدولة كانت مرتبطة بالتوجه السياسى العام .
فى فورة الثورة تصور الشارع الثائر وقتها ان التلفزيون يجب ان يكون مثل قناة الجزيرة واشباهها . ولم يدرك أن قناة الجزيرة نفسها لا تملك القدرة على توجيه النقد الاعلامى لقطر
وأن أغلب القنوات التلفزيونية على مستوى العالم كله لها اجندات سياسية وبعضها تديرة اجهزة مخابرات عالمية . وبناء على سياسة الاحتواء التى كانت تنفذها الدولة فى تلك الايام التى عمت فيها القيم الثورية بلا ضابط او رابط وراح كل من هب ودب يفتى باسم مصر ،
كانت احدى النتائج قرار التخلص من وزارة الإعلام وعمل هيئات إعلامية مستقلة لصنع إعلام حراً مستقل عن سلطة الدولة رغم ان الإعلام صحافة وتليفزيون قبل ٢٥ يناير تمتعوا بقدرٍ كبيرٍ من الحرية جعلت بعض الجهات تحمل الاعلام مسئولية الثورة بما كان يقدمة من افكار جريئة .
العجيب والأعجب والأغرب والأكثر غرابة ان الهيئات المنوط بها تقديم إعلام مستقل اصبحت اكثر ارتباطاً بالدولة عما سبق ٢٥ يناير بحكم اننا جميعا كنا نصبو لنشر حالة من الاستقرار .
ولما ظهر للجميع الأعمى والبصير أن قرار إلغاء وزارة الإعلام كان قراراً خاطئاً ، اردنا ان نمسك العصاية من المنتصف فقررنا اعادة الوزارة مرة اخرى فى شكل وزيراً للدولة ففشلت الفكرة .
الحقيقة لمن اراد ان يعرف الحقيقة ،ان ماسبيرو والعاملون فيه تحملوا منذ نشأة المبنى فى ستينيات القرن الماضى ضريبة تبعتهم لسياسة الدولة والترويج لها كما دفعوا ثمناً باهظاً من أخطاء ارتكبتها قيادات اعلامية سابقة ادت الى ازدحام المبنى بانصاف الموهوبين إرضائاً لرغبات قيادات اخرى فى الدولة واعضاء مجلس الشعب واخرين لتعيين اقربائهم ومحاسيبهم .
والنتيجة يدفعها الموهبون الذين وجدوا أنفسهم وسط بحر متلاطم من غير المؤهلين للعمل الإعلامى بالكلية . الدولة الان تريد ان تتخلص من عبء هؤلاء المادى . لتنطلق للامام فى عملية إصلاح لهيكل الدولة الادارى وهذا بالطبع مطلوب ، والمطلوب ايضاً فى نفس الوقت ايجاد حلول تحافظ على كرامة العاملين وحقوقهم المادية لان لسان حالهم يردد ( هذا جناة أبى علىّ وما جنيتُ على أحد ) .
العاملون فى التلفزيون المصرى لمن لايعلم يحصل على معاش ١٥٠٠ جنية مصرى لاغير اذا ترك الخدمة وهو على درجة وكيل وزارة ( نعم هذه للاسف حقيقة! )
وفى ظل ارتفاع الاسعار بشكل جنونى لم يحصل العاملون فى الهيئة على العلاوة التى قدمها سيادة الرئيس للعاملين فى الدولة منذ ٢٠١٧ فأصبح اقل عامل فى المبنى له حقوق تصل الى ١١ الف جنيه لم يحصل عليها وبعضهم وصل الى ٣٥ الف جنيه ،
ناهيك عن أصحاب المعاشات ،الذين قدموا بجانب ما قدموا من عمل قدموا خصومات من مرتباتهم الشهرية على مدار عشرات السنين منتظرين لحظة خروجهم على المعاش ليحصلوا على حقوقهم لكن ذلك لا يحدث ، فمنذ عام ٢٠١٨ ومفيش صرف أى اموال تخص المعاشات .
دور القيادات ان تجد حلول خارج الصندوق لتوفر للناس حقوقهم ، هؤلاء العاملون الذين لم يجدوا احداً يدافع عنهم لا نقابات ولا مجلس شعب ولا حتى صحافة او تلفزيون باستثناء حلقة قدمها الاعلامى مصطفى بكرى فى برنامجه على قناة البلد .
الدولة بقيادتها السياسية لا تدخر جهداً لتوفير حياة كريمة للمصريين فلا تنسوا ابنائكم الظلامه المظلومين والقتله المقتولين ( حسب رؤية البعض ! ) العاملون بالهيئة الوطنية للإعلام .
اعطوهم حقوقهم فهم فى أشد الأحتياج لها فى ظل حالة غلاء غير مسبوق . الحلول كثيرة لمن اراد وهناك من الرجال داخل المبنى يملكون الموهبة والقدرة على تقديم حلول ناجعة .
ارجوكم استمعوا لهذا النداء فالوضع اصبح خطيراً. لقد أثبتت الأحداث بما يدع مجالا للشك اهمية ماسبيرو وأهمية عودة وزارة الاعلام كوزارة سيادية توحد إعلام الدولة وتقدم إعلام يناسب المرحلة الهامة الذى يعشها الوطن
إلغاء وزارة الاعلام كان يحتاج الى التدرج فى مدة لا تقل عن اربع سنوات يتم خلالها عمل اختبارات حقيقية للعاملين وانهاء خدمة الغير مؤهلين ، ثم النظر فى الاجور الكبيرة التى كان يحصل عليها البعض تحت شعار التميز ومنحها للمميزين الحقيقين ،
ثم تقديم مواد اعلامية تعرض الراى والراى الاخر بعيدا عن سلطة الدولة حتى تصبح الهيئة مستقلة فعلا وعملا . من المبكيات المضحكات أن يناير التى أتهمت جميع مؤسسات الدولة لم تنجح فى تحقيق اتهاماتها الا فى ماسبيروا فقط ،(نجاحا ساحقا )
ماعدا ذلك خرجت كل مؤسسات الدولة بعد يناير اقوى بدعم الدولة لها ماديا ومعنويا باستثناء هذا المبنى العريق صاحب اكبر تاريخ اعلامى فى المنطقة العربية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.