الإعلامي محمود عبد السلام يكتب : جاهين .. وعيسى .. والطيب

الكاتب محمود عبد السلام
قله هم هؤلاء الذين يرسمون وجها منيرا للوطن ، اقدارهم مربوطة بابداعهم وابداعهم يشق وجدان الناس كنهر فكر وفن يروى عطش الوجدان للابداع والكلمة الصادقة والفن الجميل .
شاعر وصحفى ومخرج .. ثلاثة فى دروب شتى .. لكن جمعهم الصدق والرؤية العميقة والقدرة على صياغة الإلهام . لا معنى للعيش دون أن تحمل رسالة ، ولا معنى للرسالة دون أن تكون مرشدة .. ولا إرشاد دون صياغة دقيقة واضحة ومبدعة .
هكذا اجتمع الثلاثة صلاح جاهين الشاعر وصلاح عيسى الكاتب الصحفى وعاطف الطيب المخرج المبدع .
اجتمعت فيهم نشوة العالم بادراك معنى الفن الحقيقى ورسالته الساميه .
تمر هذه الأيام ذكرى ميلاد جاهين صاحب القلب الكبير الذى حول دمه إلى مداد يكتب به على أوراق أيامه المتساقطة ( قلبى مزيكا بمفاتيح . من لمسه يغنى لك تفاريح . مع إنى مفطرتش وجعان ومعذب ومتيم وجريح )
هذه الرباعية لخصت حياة جاهين فى بضع كلمات مفرحة ، وموجعة ، وحزينة وراغبة او لخصت حياتنا كلها اذا اردت القول .
جاهين ضرب الفلسفة بالشعر بنبض إنسانى فى بوتقة واحدة وأخرج منها شعرا وفكرا ورؤية جديدة ،وخاصة جدا ممهورة بختم جاهين الباقى فى وجدان الثقافة العربية الى مالا نهاية .
أما الصحفى والكاتب والمؤرخ صلاح عيسى الذى رحل عن عالمنا مثل هذة الايام ( ٢٥ / ١٢/ ٢٠١٧ )  فكان فارس همام امتطى صهوة الكلمة وامتشق القلم وراح يعيد كتابة التاريخ من زاوية جديدة وبرؤية مستقلة مبهرة حتى ان البعض شبهه بابن اياس فى بدائع الزهور ،
فكتب كتاب ( رجال مرج دابق ) مسلطاً الضوء على خيانة أمراء المماليك للسلطان الغورى ومن بعده طومان باى مما أدى لرزوخ مصر والمنطقة العربية للحكم العثمانى الغاشم اكثر من اربع قرون .
ثم كتب عن الثورة العرابية وأنصفها وتعددت الأعمال الفكرية والأدبية والتاريخية حتى وصل مجمل أعماله إلى أكثر من عشرين كتاب .
عندما تولى جريدة الأهالى فى ثمانينات القرن الماضى ارتفع توزيعها إلى ١٢٠ الف نسخة فى اليوم ومثلت الجريدة بقيادته لها المعارضة الوطنية الصادقة .
ثم كان توليه جريدة القاهرة التى كانت تصدر عن وزارة الثقافة . صلاح عيسى كان نموزج للصحفى والكاتب والمؤرخ الذى يذوب حبا فى معنى الوطن وعلامة فارقة فى تاريخ مصر الثقافى .
أما ثالث الثلاثة الذى تمر ذكراهم فى مثل هذة الايام هو طيب الذكر وطيب الإبداع ..  رائد من رواد الواقعية الجديدة فى السينما المصرية . لم يمهله القدر ليعيش طويلا ورغم ان إنتاجه الفنى لم يتعدى الثمانى عشرة فيلم ، إلا أن اغلبهم حجزوا مكانه مرموقة من ضمن أفضل مائة فيلم مصرى ( سواق الاتوبيس ، الهروب ، ضد الحكومة ، ناجى العلى ، ليلة ساخنة جدا ، الحب فوق هضبة الهرم ، فى قلب الليل وغيرهم )
عاطف الطيب جدا ابن مركز المغاغة بمحافظة سوهاج ، اسمر الوجه .. مصرى الملامح معجون بماء النيل .. انتهى من دراسة الإخراج بمعهد السينما ثم التحق بالخدمة العسكرية اثناء انتصار اكتوبر ٧٣
هو ابن جيل ذاق مرارة الهزيمة وحلاوة الانتصار . تشكل وجدانه من خلال رصده لكل التفاصيل الدقيقة التى مرت بها مصر ، هضم معنى الوطن بكل افراحه واطراحه فصنع شريط سينمائي مبدع ومبهر وصادق .
ورغم صغر سنه إلا انه سريعا ماتبوأ مكانة مميزه فى تاريخ السينما المصرية .مثل هذة الأيام كان ميلاد جاهين ورحيل عيسى والطيب
لهم منا أخلص الدعوات على ما قدموه من فنون أثرت عقولنا وأسعدت قلوبنا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.