يسري السيد يكتب : بعد أن اصبحنا نرطن بالعبرى !!
تربينا في الصغر على قصة مازالت محفورة في العقل والقلب والوجدان واصبحنا نتوجع منها الآن عندما انتقلت من الخيال الى الواقع الاليم الذى نعيشه بعد ان كنا نظنها انها لن تخرج من جلباب الحكايات
والقصه ان رجلٌا كبيرٌ شعر بدنو أجله، فجمع أولاده الثلاثة ليوصيهم بوصية تنفعهم في حياتهم، فأعطاهم حزمة كبيرة من الحطب وطلب من كل واحد منهم أن يكسرها بمفرده، فحاول كل واحد أن يكسرها لكنه لم يستطع لشدة قوتها وصلابتها،
أخذ الأب الحزمة وبعثرها إلى عيدان وأعطى كل واحد من أولاده عودًا فكسره بسهولة.
فقال الأب لأولاده: إنكم يا أبنائي مثل هذه الحزمة، إذا اتحدتم وكنتم يدًا واحدة فلن يستطع أحدٌ أن يغلبكم مهما بلغت قوته. وإن تفرقتم فسيصيبكم الضعف ويتمكن عدوكم منكم.
فعليكم يا أولادي بالتعاون في قضاء أموركم فإنّ في الاتحاد قوة.”
انتهت القصه ..واذا كان انهيار دولة الاندلس على سبيل المثال والكثير من الممالك القديمة قد اشتركوا جميعا في عنصر واحد هو الخيانه ، بالإضافة الى التفكك الذى تحذر منه هذه القصه ، فالوجع كل الوجع الذى اعيشه الآن مع الكثيرين ونحن نرى ونتابع لحظة بلحظة فصول هذه القصه على أرض الواقع
وبعيدا عن الافراد ومأسيهم التي تمتلأ بها صفحات الحوادث ، فهى احداث فرديه والمجتمع بخير، هكذا نتوهم ونصر على الوهم ونتمسك بأهداب قانون او سياسيات لا تنفع و لاتسمن ولا تغنى من جوع امام الانهيارات المتتالية .
لكن ماهو الحال امام رياح تكاد تعصف بالبيت كله وتهدد وجوده أصلا ، كيف ؟
حين لم يعد العدو الواضح هو إسرائيل مثلا، وهى كذلك ، ولكن اصبح العدو الداهم هم اشقاء العروبة انفسهم الذين ينفذون بالوكالة سياسه العدو الاصلى إسرائيل
وبعيدا عن الاغانى والكلمات الرنانة والصفات العربية من النخوة والكرم والشجاعه ونجدة الملهوف ونصرة المظلوم .. الخ من صفات يبدو انها دخلت جميعا الى متاحف اللغة والاثار والتاريخ.. تكون الأسئلة وبلغة المصالح التي يتحدثون بها :
-
أى مصلحة لعربى تعود عليه من قتل شقيقه لتحقيق مصلحة عدونا جميعا ؟!
-
أى منفعة مالية تعود ونحن ننفق مئات المليارات من الدولارات لتدمير بعض دولنا بالكامل ؟!
-
أى مصلحة ستعود علينا با ستثمار اموالنا في بلاد غربية لبناء نهضتهم من جهة ومن جهة ثانية وبمنطق القوة التي نفتقدها بالمقارنه بقوتهم طبعا يمكن مصادرة هذه الأموال في لحظة ؟!
-
أى طعم لمصلحة سنتذوقها اذا كانت ملوثه بدماء الضحايا ، فما بالك لو كانوا اخوة واشقاء ؟!
-
أى دين نؤمن به ، ونحن اكثر جنسيات العالم تشدقا به ونحن نقتل باسمه وننهب باسمه وننتهك باسمه وندمر باسمه ؟!
-
أين الامن القومى العربى ونحن نضع أيدينا في يد أعداء العرب جملة وتفصيلا ، بل ماذا يعنى أصلا ونحن نعقد اتفاقيات الامن والدفاع المشترك والتعاون مع أعداء تتعدد درجات عداوتهم لكن الأخطر في المقدمة إسرائيل التي تستمد وجودها من فناء وجودنا ؟!
-
أى كارثة نعيشها الآن ….بعد ان كنا نرى الإسرائيليين وسفاحيهم على شاشات التليفزيون او صفحات الجرائد بابتسامتهم الصفراء واياديهم الملوثة بدمائنا هنا وهناك اصبحنا نراهم بيننا في العديد من العواصم العربيىة ، وتعدى الامر من سفاحيهم الكبارالى افرادهم ، واصبح جواسيسهم يتخللون الدماء في العروق هنا وهناك ويتصدرون منتدياتنا ومحلاتنا واسواقنا ، وبمزاجنا المصحوب بالترحيب والتهليل ؟!
-
أى زمن نعيشه ونحن ندفع باموالنا ومساعداتنا الى دول تناصب اشقائنا العداء بل والسعى الى فناءها … أى مصلحة تعود على المال العربى وهو يذهب لبناء سد النهضة مثلا لقتل المصريين والسودانيين ؟!
-
وبلغة المصلحة الا تعود المنفعة على أصحاب الأموال لو استثمر المال العربى في السودان والصومال بدلا من اثيوبيا في الزراعة وتربية الحيوان مثلا ، الا اذا كان الهدف هو افقار وقتل السودان وتقوية اثيوبيا حتى تستطيع باموالنا من قتل المصريين والسودانيين بانشاء سد النهضة مثلا ؟!
-
أى مصلحة تعود على أصحاب المصلحة وحجم استثمارات دولة عربية واحدة وتبادلها التجارى مع تركيا قد تفوق حجم التبادل والاستثمار بين هذه الدولة وكافة الدول العربية ؟!
-
وبمنطق المصلحة وبلغة المال الذى يتشدقون بانه بلا جنسيه ولا عواطف …هل سيرفض ويصرخ هذا المال الاستثمار في مصر بدلا من تركيا ، وفى المغرب وتونس والجزائر بدلا من ايران وإسرائيل ؟!
-
هل سيرفض هذا المال ان يصنع تقدما عربيا في الصناعة حتى تكون هذه القوة لنا وليست لغيرنا .. ومازالت تحضرنى القصة الشهيرة بانسحاب بعض الدول العربية من الاستثمار في الهيئة العربية للتصنيع عقابا لمصر بعد زيارة الرئيس الراحل أنور السادات الى القدس واليوم نرى الاستثمارات العربية تتتدفق كالفيضان على تل ابيب؟!