إبراهيم نصر يكتب: الإدارية العليا تحاكم الفن الهابط .. فمن يحاكم نجيب ساويرس؟ “2/2”
تساءلت فى نهاية المقال السابق: إذا كانت المحكة الإدارية العليا تحاكم الفن الهابط، فمن يحاكم رجل الأعمال
نجيب ساويرس، الداعم للعرى الصريح من خلال رعايته لمهرجان الجونة المثير للجدل كل عام، ووقوفه مع الفن الهابط،
ودفاعه عن أغانى المهرجانات المسفة والمتضمنة لألفاظ تخدش الحياء، وعبارات جنسية تصريحا وتلميحا؟.
ثم هو يرفض أن تقوم نقابة المهن الموسيقية بالدور المنوط بها بموجب القانون، ويهاجم نقيبها الفنان هانى شاكر
على الفضائيات وعلى منصات التواصل الاجتماعى، لمجرد أنه يحاول منع هؤلاء المجرمين فى حق الفن وفى حق المجتمع
وفى حق أنفسهم، من أداء هذه المهرجانات، التى لا علاقة لها بالفن أو الغناء من قريب أو بعيد.
وذكرت مبدأين من المبادئ الثمانية التى تضمنها الحكم التاريخى للمحكمة الإدارية العليا لضيق المقال عن ذكرها جميعا،
وأستكمل هنا بقية هذه المبادئ:
3 ـ أغانى المهرجانات معول لهدم القيم الأصيلة في المجتمع ونصل لخدش الحياء، وسهم مصوب لقتل الفضائل ومكارم الأخلاق.
4 ـ بعض الأفلام غيرت من عقلية النشء حيث تقدم البطل على أنه إنسان فوضوي خارج عن القانون والعادات.. يفعل ما شاء
وما أراد، ويندفع وراء غرائزه عن طريق غير سوي متحديًا قيم وتقاليد المجتمع، فيتخذ الطلاب من تلك الشخصية الفوضوية
عديمة المبادئ والقيم مثلاً وقدوة.
5 ـ هذا النوع من الأفلام يصور العديد من مظاهر الخيانة وأقوال الفُحش والرذيلة والجرائم والخروج على القانون ومشاهد العنف
والسلوكيات ذات الايحاء الجنسى.
6 ـ المحكمة تستنهض همم الأجهزة الفنية الرقابية للقيام بدورها دون مواربة إزاء ما أصاب شباب المجتمع وناشئيه
من انحلال الخلق وفقدان القيم.
7 ـ لا يضعف همة الأجهزة الفنية الرقابية أن نوعية تلك الأفلام وأغانى المهرجانات قد صادفت استجابة الجماهير،
فاتجاه جانب من الجماهير إلى متابعتها وتكالبهم على مشاهدتها ليس قرينة على سلامتها من النواحى الاجتماعية
والخلقية، والعبرة بما تحدثه تلك الأفلام والأغانى من انعكاسات على المجتمع.
8 ـ ولا يثبط من همة تلك الأجهزة الفنية الرقابية الادعاء بحرية الإبداع الفنى، لأنه يتعين التفرقة بين كفالة حرية الإبداع الأدبى
والفنى والثقافى وبين استغلال ما تفرزه العقول المريضة والنفوس الرخيصة من قيم سلبية يعانى منها المجتمع سنين عددا
للتخلص من اَثارها على أجياله.
حماية الاَداب العامة والمحافظة على الأمن والنظام العام
وأضافت المحكمة: كل ذلك على الرغم من أن المادة الأولى من القانون رقم 430 لسنة 1955 بتنظيم الرقابة على الأشرطة
السينمائية ولوحات الفانوس السحرى والأغانى والمسرحيات والمنولوجات والاسطوانات وأشرطة التسجيل الصوتى تنص
على أن تخضع كل هذه الأشياء أو ما يماثلها للرقابة، وذلك بقصد حماية الاَداب العامة والمحافظة على الأمن والنظام العام
ومصالح الدولة العليا، وغدت معه تلك النوعية من الأفلام الهابطة ذات المشاهد الفاضحة وعبارات بعض أغانى المهرجانات
والحفلات الساقطة تصريحا وتلميحا خروجا على التقاليد والقيم التى خصها الدستور بالرعاية وأوجب على الكافة مراعاتها
والتصون لها، بحسبانها معولا لهدم القيم الأصيلة في المجتمع ونصلاً لخدش الحياء، وسهما مصوبا لقتل الفضائل ومكارم
الأخلاق فيه، بما يقتضى استنهاض همم الأجهزة الفنية الرقابية للقيام بدورها دون مواربة إزاء ما أصاب شباب المجتمع
وناشئيه من انحلال الخلق وفقدان القيم.
وانتهت المحكمة بقولها: لقد كان لأهمية وخطورة الواقعة محل الطعن الماثل على المجتمع، هى الباعث لهذه المحكمة
في أن تستفيض في بيان أسبابها ومظاهرها ووسائل مقاومتها والقضاء عليها، قياما بالدور الاجتماعى للأحكام القضائية
الذى لا يقتصر فقط على معاقبة من تنكبوا سبيل الرشاد، بل دق ناقوس الخطر لتنبيه المجتمع بما استجلته من وقائع
طُرحت على قضائه وتحتم على المجتمع كل المجتمع التصدى لها.
وفى الختام أوجه تحية إجلال وتقدير لقضاء مصر الحر وقضاته العدول المحترمين، الذين يمثلون الضمير اليقظ لأمتنا المصرية،
والسياج الواقى للعدالة والأخلاق، والسيف البتار للفساد والمفسدين.
[…] يدى استكمال بقية المبادئ فى المقال القادم إن شاء الله تعالى، فإننى أتساءل: إذا كانت المحكمة […]