فى خطوة مباغتة صدر قرار من نقيب المهن الموسيقية الفنان هانى شاكر بوقف 19 من مغنيي المهرجانات ، وهو القرار الذى أثار حالة من الجدل الشديد بين ” مؤيد ــ ومعارض ” له وتناقلتها وسائل الإعلام المختلفة
ووصل الأمر إلى السجال والتراشق بالألفاظ والتخوين .. إلخ ، وخاصة بعد تغريدة رجل الأعمال نجيب ساويرس التى كتبها على “تويتر” وعبر فيها عن إستغرابه إزاء ” فخر” هاني شاكر لـ ” منع ” غناء المطربين . وفي تغريدات أخرى أعرب عن دعمه لمطربي المهرجانات .. إلخ
بهدوء شديد وبشىء من العقل ونحن هنا لا مع أو ضد ، قرار النقيب من الناحية ” الشكلية ” قرار ممتاز ، النقيب رجل يحافظ على القيم والاخلاق يحاول أن يحمى المجتمع من الفن الهابط .. وقل ماشئت
لكن على أرض الواقع من قال أن قرار منع هؤلاء من الغناء يمكن أن يصل بالنتيجة التى يهدف لها قرار المنع ، أنت منعت هؤلاء من الغناء نعم ، لكنك لم تمنع ظهورهم على youtube وغيره من وسائل التواصل الإجتماعى
أنت لم تمنعهم من الغناء خارج مصر ، أنت لم ولن ولا تستطيع أن تمنع جمهورهم من البحث عنهم وسماعهم من خلال الوسائل المختلفة .
أنت ياسيادة النقيب توجد حاله من العداء وتفرض وصايه لاتملكها أصلا من الناحية القانونية ، فهل من حق النقابة ” قانونا ” أن تمنع أحدا من الغناء؟
أعتقد أن دور النقابات الوقوف إلى جانب الفنان لو أطلقنا مجازا على هؤلاء لقب فنانين ، وبالمناسبة أنا لا أستمع إليهم ولا أعرف أسماءهم ، ولكن لاشك أن لهم مريدين وأتباع يستمعون إليهم ، أنت عندما تمنع أحد فإنك تتعدى على حق من الحقوق التى كفلها الدستور والقانون إن كنا بلد الحريات
أنت تجعل منه مواطن قاصر ، وإلا كيف تطالبه بالإدلاء بصوته فى الإنتحابات لـ إختيار الرئيس أو أعضاء البرلمان أو تعديل الدستور وتمنعه من حق دستورى .
الرقى بالذوق العام هدف سامى لن يتحقق بالمنع فهناك بدل الطريقة ألف ترتقى بالذوق العام بها ، كما أن هناك ألف طريقة لمريدى هؤلاء سماعهم بها ، ناهيك عن المتربصين ومتصيدى الأخطاء أن مصر سجن كبير وأن القمع وصل إلى الغناء .. والبقية معروفة
هناك ألف طريقة للإرتقاء بالذوق العام ، لابد أن نعلم أن الفكر يحارب بالفكر ، لماذا لا تبحث عن طريقة لـ إكتشاف مواهب جديدة أين ” نصر محروس ” الذى إكتشف شيرين عبدالوهاب وبهاء سلطان .. وغيرهم ، لماذا لانبحث عن مواهب حقيقية تتبناها وزارة الثقافة أو صوت القاهرة أو شركات الإنتاج لتقديم أغانى حلوه بروح جديدة تتماشى مع العصر ؟
لماذا تأبى النقابة القبول بالأمر الواقع وتتبنى ” مطربى المهرجانات ” وتعمل لهم لجنة أو شعبة تتولاهم وتراقب كلمات أغانيهم ولو كانت تحتوى على كلام بذى لاعلاقة له بالفن تحذفه ومن يخالف تكون نصوص القانون هى الرادع له
لو أن الدولة تستشعر الخطر الشديد على الفن وعلى الذوق العام من هؤلاء لماذا لاتحاول ان تبحث عن أجيال جديدة أو مواهب حقيقية تتبناها شركات إنتاج من خلال نقابة الموسيقيين ، وهنا يحق للنقابة أن تزهو وتفخر بأنها أدت دورها على الوجه الأكمل .
المنع عمره ماكان حل لأى مشكلة وهناك بعض الدول فى المنطقة العربية كانت تمنع أطباق إستقبال الفضائيات ومنعت دخول التليفون المزود بكاميرا .. إلخ
والحقيقة أنى لاحظت أن المنع كان سببا فى إنتشار أشرطة الفيديو البورنو وإنتشار المخدرات والخمور .. وغيرها ، العالم أحمد زويل عندما سئل عن الفرق بيننا وبين أمريكا قال : أنهم بيفضلوا وراء الفاشل لغايه ماينجحوه ، لكن عندنا بنفضل ورا الناجح لغايه مانفشله وهذه حقيقة .
وأعود وأكرر أنا لست من مستمعى ” حمو بيكا ” أو “شاكوش” أو من على شاكلتهم ، وإن كانت الدولة قد إستضاقت أحدهم فى مناسبة قومية وغنى فى الإستاذ أغنية ” بنت الجيران ” وقال فيها أشرب حشيش وخمور ، أى إنفصام هذا الذى نعيشه!
وليعلم الجميع أن هؤلاء يخاطبوا شريحه تتبنى نفس الفكر ولاتفرق معاه كلمة أو لحن أو آداء ، هو غائب عن الواقع بفعل أشياء كثيرة لامجال للحديث عنها الآن ، ويجد ضالته فيما يقدم ، فأى ذوق تريد أن ترتقى به ، أما القاضيه بحق بخلاف سقطه إستاذ القاهرة ، أن هناك عدد لابأس به ممن يرون أنفسهم من عليه القوم يستمعوا لهم !!
أما لو رجعنا إلى الجذور فحدث ولاحرج أعتقد أن كثير منا من قرأ للمحتمع فى فترة الأربعينات ومنتصف القرن العشرين ، أريد أن أذكركم بالفن الهابط ، وأنا هنا لست من دعاه هذا الفن ، وهذا للعلم
فترة الأربعينات وللحاجة للمال ، ولتحقيق الإنتشار السريع ووجود هذه النوعية من الجمهور إنتشر الفن الهابط ، والمصيبة أنها لم تقتصر على المطربين المغمورين أمثال المدعو ” شاكوش ” أو ” حمو ” إنما تغنى بها مشاهير المطربين وقتها أمثال” سلطانه الطرب منيرة المهدية ــ وبديعة مصابني والشيخ سيد درويش ــ وأم كلثوم .. وغيرهم
أم كلثوم غنت فى بداياتها ” الخلاعة والدلاعة مذهبي ” ، وزمان كان فى أغنية بتقول الحب دح دح والهجر كخ كخ وكانت بتغنيها مطربه إسمها رتيبه أحمد فى الأفراح والمناسبات الشعبيه
منيره المهديه الملقبه بسلطانة الطرب إللى نافستها أم كلثوم فيما بعد كان لها طقطوقه مشهورة بتقول فيها ” تعالي قابلني .. بعد العشاء يحلي الهزار والفرفشة ” وكانت لحن محمد القصبجي ومن تاليف الشاعر يونس القاضي . ومع فرقتها غنت دويتو “جوزني يا بابا ” مع المطرب سيد سليمان في الدوتيو بتقول مصابني ” جوزني يا بابا لاحسن بيعايروني بنات اليوم ، ويرد عليها سيد سليمان ويقول ” البنت لسه في البيضة وطالعة وبتيجي لابسة وفي السكة قالعة “
الشيخ سيد درويش بجلال قدره فى بدايته غنى ” أنا مالي هي اللي قالتلي .. وروح اسكر وتعالي قابلني ” وأغانى كتيرة خليعه كانت منتشره زى ” هات القزازة وتعالي لاعبني ” بخلاف الإذاعات الأهلية ودورها فى نشر العرى والخلاعه ومواعيد الغرام
مش عاوز أقول من فات قديمه تاه ، لكن ماقصدت قوله أن النقيب كان متسرعا فى هذا القرار ، وكان يمكن للأمور أن تعالج بشىء من العقل والحكمه .