محمد يوسف العزيزي يكتب : العشوائيات الخطرة .. صفحات من كتاب الوطن ( 2- 2 )

الكاتب الصحفي محمد يوسف العزيزي
في كتاب الوطن آلاف الصفحات وملايين الصور .. صفحات فيها انتصارات وأخري فيها انكسارات .. صفحات تشع فخرا وزهوا بما قدمه المصريون لوطنهم ، وبما قدمه الوطن لهم .. ، وصفحات تنضح بالخزي والعار بما فعله البعض من تجارالدم ورواد أسواق النخاسة ، وندماء أصحاب الرايات الحمر بالوطن  !
لذلك ذكرت في مقالي السابق أن الوطن لن ينسي من رفعوه ، ولن يرحم من خذلوه .. لأن كتاب الوطن كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا سجلها ووثقها ووصمها إما بالفخر ، وإما بالعار !
 في كتاب الوطن صفحات بائسة .. يائسة .. تشم منها رائحة المرض ، ويطاردك فيها كابوس الموت الذي يخطف الحياة في لحظة بؤس ويأس وقلة حيلة ، وفي تلك الصفحات صور لمناطق عشوائية غير آدمية لا تصلح إلا سكنا للدواب والحشرات ، ومع ذلك كان يسكنها من المصريين الآلاف يعيشون فيها وهم ينتظرون بين لحظة وأخري سقوط صخرة فتسوي عششهم بالأرض ، أو تهاجمهم مياة الأمطار فتغرق مقومات حياتهم المتواضعة ، أو تنهشهم الأمراض الفتاكة وهم محاصرون بأكوام القمامة والمخلفات غير الصحية .. يعيشون بين أضلاع مثلث الفقر والجهل والمرض .
وفي كتاب الوطن صفحات مشرقة نسخت تلك الصور البائسة فحولت ” تل العقارب ” إلي روضة السيدة زينب ، وحولت “غيط العنب ” إلي بشاير الخير بمراحله الثلاثة حتي الآن ، وحولت  “مأوى الغلابة”، أو “عاصمة جهنم ” إلي روضة محفوظ بالمنيا ، وحولت “عذبة الهجانة ” إلي مدينة الأمل ..
الصور الجديدة نسفت صور عذبة الصفيح ، وبطن البقرة ، والزرايب ، وصور مأساة صخرة المقطم ، وغيرها من الأسماء التي تدعو إلي اليأس من الحياة ، وصار لها الآن أسم ومعني ومبني .. أسم يدعو للأمل ، ومعني يدفع للعمل ، ومبني يحترم آدمية الآلاف من المصريين الذين تغيرت حياتهم إلي الأفضل
في 6 سنوات تقريبا تم الانتهاء من كل العشوائيات الخطرة وتحول كل سكانها إلي مناطق جديدة متكاملة الخدمات يحملون معهم أملا في مستقبل جديد ليس فيه خوف ولا ترقب للخطر .. وتتوالي الصور التي تنهي عقود من عشوائية البناء وعشوائية السكن والحياة المهمشة التي تفرز أمراض اجتماعية تكلف الدولة الكثير في مواجهتها ..
ما تحكي عنه صور كتاب الوطن في هذا الجانب هو إنجاز يصل إلي مستوي الإعجاز في مثل تلك المشروعات في العالم ، ومع ذلك هناك من  يقولون ماذا استفاد الناس  من بناء المدن والمساكن والطرق والكباري ؟
وإلي هؤلاء أقول إذا كانت عيونكم لا تري وقلوبكم لا تبصر فاسألوا آلاف المصريين الذين تغيرت حياتهم وتبدلت معيشتهم بعد أن غادروا أماكن الموت والمرض .. أسألوهم لعل الإجابة تخرسكم !
كتاب الوطن يكتب تاريخا بالصورة والصورة تراها العين ويحفظها العقل فلا تبارح مكانها فيه ، وتظل بكل إشعاعاتها حاضرة ، وتظل ترد علي كل المشككين والمنكرين للواقع الجديد الذي تغير وتغيرت معه حياة الملايين من المصريين الذين يصنعون الآن صورا جديدة لحياة كريمة رغم أنوف الحاقدين والكارهين .

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.