لم أنشغل كثير بالجدل أو ” الهرى ” كما يحلو للمصريين أن يطلقوا عليه الذى دار طوال الأسبوع الماضى على وسائل التواصل الإجتماعى حول التصريحات المسيئة للرسول الكريم (ص) وهاشتاج # إلا _ رسول الله ، # عاقبوا _ زكريا بطرس .. إلخ لأنى على قناعة تامة ورهان على وعى الشعب المصرى ، ولسبب آخر وهو أن مصر عين الله هى التى ترعاها .
ولكن السؤال : هل مطلوب من المسيحيين أن يبرروا موقفهم من القس الذى أساء لرسولنا الكريم ، أبدا والله لامطلوب منهم التبرير ، ولا المسلمين مطالبين بالدفاع عن الرسول (ص) ، ولا أحد مطالب بالإنسياق وراء الحملات ” المغرضه ” التى تطل علينا برأسها من آن لآخر تحاول أن تفت من عضد الوطن .. ولكن هيهات .
وفى إعتقادى الموضوع لايعدو كونه سحابة صيف ” جافة ” عابرة مرت دون أن يلتفت إليها أحد ، وكم من سحابة مرت ولم يبالى أو يلتفت لها أحد ، نصرة الرسول للأخوه المجاهدين على الـ ” كى بورد ” وأصحاب الحناجر تكون بإحياء سنته (ص) والتأسى بأخلاقه ، وبأتباع أوامر الله ونواهيه ،
وهناك من الأحاديث الكثير التى أوصى فيها الرسول (ص) بالأقباط خيرا ، ودعا إلى حُسن معاملتهم وعدم أذيتهم ، ولما لـ اقباط مصر من مكانة خاصة ومنزلة متميزه غنده (ص) أوصى فقال ” إذا فُتِحت مصر فأستوصوا بالقبط خيرًا ” ، وقال ” فإنَّ لهم دمًا ورَحِمًا ” ، إنَّ لهم ذمَّةً يعَني أنَّ أمَّ إسماعيلَ كانَت منهم ، وقوله “من آذى ذميًا فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله” .. إلخ
وليس كتاب الله ببعيد عندما قال الله تعالى فى محكم التنزيل ” لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ” ، وقوله “وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ ، وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً ” ،
وقوله “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ” وغيرها العديد والعديد من الآيات التى جاءت فى كتيب بعنوان ” القرآن والمسيحية ” لقداسة البابا شنوده الثالث” رحمه الله ” .
كان البابا شنودة “رحمه الله” يمتلك من الكاريزما والحكمة الكثير ، وقد ظهرت في العديد من أقواله التي أثرت في المصريين جميعا ” مسلمين وأقباط ” ومها قوله “مصر وطن يعيش فينا وليس وطنا نعيش فيه ” ،
ولعلنا نتذكر كلمة قداسة البابا تواضروس الثانى ، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ، خلال الجلسة الإفتتاحية لمؤتمر الأزهر الشريف فى مواجهة الإرهاب والتطرف ، عندما تعرضت الكنائس على أرض مصر للهجوم والحرائق المفتعلة ،
عندما قال إن “وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن”. إنها المبادئ الأساسية فى الحياة المسيحية ، وبعض من تعاليم السيد المسيح عليه السلام التى جاءت فى الكتاب المقدس ” إنجيل متى 5 : 39 “، ” وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ : لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا ” .
ولا عجب فى أن يكون من أهل مصر أقباطا برعوا على مر التاريخ في كل المجالات العلمية والأدبية والثقافية وقد ذكرت قداسه البابا شنوده الثالث بطريرك الأقباط الأرثوذكس الحكيم والفيلسوف ، ومكرم عبيد باشا الذى يعد وأحد مفكري مصر فى حقبة الخمسينات
وهو السياسي والمحامى الذى شغل منصب وزير المواصلات ثم وزير المالية في مصر في 3 وزارات ، والذى يعد أحد رموز الحركة الوطنية في مصر ، وأبرز رموز حزب الوفد
بعد تأسيسه والذى صاحب سعد زغلول باشا ونفى مع بقية الوفد إلى جزيرة مالطة وعادوا بعد ثورة 1919،
والدكتور بطرس بطرس غالي الأمين العام السادس للأمم المتحدة ، والسير مجدى يعقوب بروفيسير مصر وجراح القلب الشهير ، وقد ذكرت فى مقال سابق توفيق باشا أندراوس إبن قنا الذى عاش مدافعا عن مصر والذى باع 700 فدان من أملاكه ووضع ثمنها تحت تصرف ام المصريين ” صفيه زغلول ” لينقذ الوفد من الإفلاس
والذى أوقف أيضا 100 فدان من أملاكه لخدمه مساجد وكنائس الأقصر ، وعشرة أفدنة أخرى لخدمة المدرسة الصناعية والذى تصدر صفوف ثورة 1919 ، والقائمة تطول
إنهم أقباط مصر الذين ورد ذكرهم فى كتاب البداية والنهاية لـ ” الحافظ ابن كثير ” يقول إبن إسحاق فى السنة العشرون من هجرة النبى محمد (ص) ، ولما إستكمل فتح الشام بعث عمرو بن العاص إلى مصر وإجتمعا على باب مصر ولقيهم أبومريم ومعه الأسقف أبو مريام راهبا هذه البلاد
فقال لهما عمرو بن العاص : أنتما راهبا هذه البلاد فاسمعا إن الله بعث محمدا ﷺ بالحق ، وأمره به وأمرنا به محمد ﷺ ، ثم قال : ومما عهد إلينا أميرنا إستوصوا بالقبطيين خيرا ، فإن رسول الله ﷺ أوصانا بالقبطيين خيرا ، لأن له رحما وذمة .
وعندما تصالح أهل مصر مع جيش العرب جاء فى العهد بين الجانبين ، بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم وملتهم وأموالهم وكنائسهم وصلبهم وبرهم وبحرهم ، لا يدخل عليهم شىء من ذلك ولا ينتقص .. إلخ
إنها مصر أرض الكنانة التى قال عنها رسول الله (ص) أهلها فى رباط إلى يوم القيامة