عبد الناصر البنا يكتب : الولايات المتحدة .. الإبراهيمية !!

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
الولايات المتحدة الإبراهيمية أو الإتحاد الفيدرالى الإبراهيمى بقيادة إسرائيل هو مصطلح جديد بدأ الترويج له مؤخرا ووجد مردود له على أرضع الواقع بالتمهيد للفكرة من خلال ” التطبيع ” مع الكيان الصهيونى الذى سعت إليه بعض الدول العربية مؤخرا بإيعاذ من الولايات المتحدة الأمريكية ،
ولكن دعونا فى البداية نقترب من معنى ” الفيدرالية ” .. الفيدرالية تعنى ببساطة شكل من أشكال الحكم تقسم فيه السلطة بين حكومة مركزية وأقاليم أو ولايات تتقاسم السيادة فى الدولة ، وكل ولاية لها  نظامها الأساسى الذى يحدد سلطاتها الثلاث ” التشريعية ــ التنفيذية ــ القضائية ” ويكون لها حكم ذاتى منصوص عليه فى دستور الدولة ،
وهذا النظام منتشر فى العديد من الدول ، على المستوى العربى فى دولة الإمارات العربية المتحدة ، وعلى المستوى العالمى الولايات المتحدة الأمريكية .
ولكن ماهى الديانة الإبراهيمية ؟
الديانة الإبراهيمية التى يتم الترويج لها دعوة جديدة أطلت علينا برأسها وإنتشرت مؤخرا كالنار فى الهشيم ، بوصفها ” دعوة للتسامح ” بين الأديان ،
وقد أعدت جيدا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية كونها دعوة ترتدى زى ” التسامح ” فى إطار العائلة الإبراهيمية الواحدة ،
وهى تدعو إلى بناء هوية جديدة تتلخص فى الدعوة إلى توحيد الديانات الثلاث ” الإسلامية والمسيحية واليهودية ” فى ديانة واحدة تحت مسمى ” الديانة الإبراهيمية ” والبحث عن القواسم الإبراهيمية المشتركة فى الأديان الثلاث وتنحية المختلف فيه .. إلخ
والحقيقة أن الفكرة براقة فى حد ذاتها ، رغم كونها حق يراد به باطل ، ولدينا مثل شعبى يقول ” الحداية مش بتحدف كتاكيت “
فهل يأتى لنا الخير من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل ، وأى تسامح هذا الذى تبحث عنه إسرائيل وهى تذبح فى الفلسطينيين ، على العموم  الفكرة وجدت رواجا كبيرا وتلقفتها الأقلام وأفرد الإعلام لها الوقت الكافى ، ووقع الكثير من رجال الدين عن قصد أو بدون فى الفخ .
منذ فترة ليست بالقريبة تم التخطيط لما يسمى ب ” الديانة الإبراهيمية ” وفى عام 2018 طرحت الفكرة من قبل سكرتير عام للأمم المتحدة فى مجلس الأمن عندما تحدث عن ضرورة الإدارة المشتركة للموارد لمن يمتلك العلم والوسائل التكنولوجية الحديثة من اجل الحفاظ على الكوكب ، وأن بقاء الكوكب أهم من الدين والوطن .. إلخ
وهل هناك غرض أجمل من هذا ، وشيئا فشيئا بدأ الموضوع ينتشر وينتشر ويتوغل إلى أن وصلنا لمايسمى ب ” الديانة الإبراهيمية ” التى يطمح أصحابها فى مزج الديانات ” اليهودية والمسيحية والإسلاميه ” فى رسالةٍ واحدة أو دِين واحد يجتمعُ عليه الناس ،
بحجة تخليصهم من النزاعات ، والصراعات التى تُؤدى إلى إزهاق الأرواح وإراقة الدماء والحروب المسلحة بين الناس ، بل بين أبناء الدِّين الواحد ، والمؤمنين بعقيدةٍ واحدة .
ولعل مصطلح ” العولمة ” ليس ببعيد عن أذهاننا ، هذه الدعوة مثل كثير من الدعوات التى فرضت علينا هى
كما يرى فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ احمد الطيب شيخ الأزهر فى ظاهر أمرها كأنها دعوى إلى الاجتماع الإنسانى وتوحيده ، والقضاء على أسباب نزاعاته وصراعاته ..
إلَّا أنها، هى نفسُها ، دعوةٌ إلى مُصادرة أغلى ما يمتلكُه بنو الإنسانِ وهو ” حرية الاعتقاد ” وحرية الإيمان ، وحرية الاختيار ، وكلُّ ذلك مِمَّا ضَمنته الأديان، وأكَّدت عليه فى نصوص صريحة واضحة .
وقد دلل فضيلته على ذلك بإيضاح الفرق بين التآخى وإمتزاج الأديان ، وقال : التآخى بين المسلم والمسيحى يعنى أن من حق المواطن المصرى ان يعيش فى أمن وسلام وإستقرار ، أما امتزاج الدين الإسلامى والمسيحى يعنى ذوبان الفوارق والأقسام الخاصة بكلٍّ دين تحت مظلة دين واحد يسمى ” الإبراهيمية “
والحقيقه أن الطيب أرسل رسالة حاسمة عن الديانة الإبراهيمية عندما قال أنها ضد ” حرية الاعتقاد ” وذلك من منطلق إيماننا برسالاتنا السماوية – نُؤمن بأنَّ اجتماع الخلق على دِينٍ واحدٍ أو رسالةٍ سماوية واحدة أمرٌ مستحيل فى العادة التى فطر الله الناس عليها ،
وكيف لا، واختلافُ الناس ، اختلافًا جذريًّا ، فى ألوانهم وعقائدهم ، وعقولهم ولغاتهم ، بل فى بصمات أصابعِهم وأعينِهم .. كلُّ ذلك حقيقةٌ تاريخية وعلمية ، وقبل ذلك هى حقيقة قُرآنية أكَّدها القرآن الكريم ونصَّ على أن الله خلق الناس ليكونوا مختلفين ، وأنه لو شاء أن يخلقَهم على مِلَّةٍ واحدة أو لونٍ واحد أو لغةٍ واحدة أو إدراك واحد لفعَل
الدعوة إذن تدق ناقوس الخطر لما يحاك لنا ولشبابنا ، لأن المسألة أكبر من البحث عن المشترك الإبراهيمى فى الأديان الثلاث ،
إنما هى تمهيد لنزع صفه القدسية عن المقدس وإبتكار مقدسات جديدة مثل ” المسجد والمعبد ” بخلاف زواج المثليين مرورا بتأجير الأرحام عوضا عن تعدد الزوجات ، وسكن المرأة مع رجل غريب عنها دون زواج وحربة المرأة ” مسلمة أو مسيحية ” فى ممارسة الرزيلة قبل الزواج ــ وفى تقنين حمل السفاح وتسجيل إبن السفاح .. إلخ ،
هل وصلت الرسالة ؟
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.