جيهان عبد الرحمن تكتب : مفاجآت كوفيد مستمرة

بالرغم من تخطي وفيات فيروس كورونا اليومية في مصر 50 حالة وارتفاع نسبة الإصابات إلي أكثر من 900 حالة في اليوم الواحد, ورغم توفير اللقاحات المجانية, إلا أنه مازال هناك حلقة مفقودة ربما كانت تلك الحلقة في درجات الوعي التي بالتجربة باتت لا تفرق بين دول غنية وأخري فقيره ولا بين طبقة مخملية تراها متزاحمة في الحفلات والنوادي وغيرها من التجمعات مما يطلق عليها راقيه, وبين طبقة أخري محشورة في المواصلات العامة والأسواق الشعبية, في المجتمع الواحد, فكلاهما تخلي عن الإجراءات الاحترازية وأهم مظاهرها الماسك الواقي علي الوجه, الذي اصبح وجوده علي الوجه وضعا شاذا وكأن مرتديه هو وحده المصاب والباقي أصحاء.
الأسبوع الماضي حضرت احتفالية المعهد العالي الكندي بتخريج دفعتين من أبنائه بحضور السفير الكندي وتكريم الفنانة الكبيرة إسعاد يونس, كان الاحتفال مهيب ورائع بأحد الفنادق الكبرى صحيح أنه كان في منطقة كبيرة مكشوفة مما يسمي “OPEN AREA”ولكن كانت هناك ملاحظتين الأولي هي انتقال أزياء الجونة بكل تفاصيلها المكشوفة المثيرة, إلي الاحتفالية التي تضم بالطبع الطبقة المخملية في المجتمع, والفرق الوحيد انه في الجونه كاميرات وضعت خصيصا لرصد أزياء الفنانات ومن استطاعت كشف أكبر قدر من جسدها لخطف الأنظار, وهذا لم يكن متوافر في كاميرات حفل التخرج, التي ركزت بالطبع علي طابور الخريجين ومسئولي المعهد, الملاحظة الثانية وهي الأهم هي تخلي الجميع عدا النذر القليل عن ماسك الوجه الواقي وكأننا دولة بلا فيروس, أمنين تماما من الوباء الذي يعيش حالة تحور مستمر, حتي أنه عاد ليغلق أمس الخميس ثالث مدينة في الصين تضم ملايين البشر خوفا من عودة انتشار الوباء خاصة وان الصين تستعد رسميا لافتتاح دورة الألعاب الأولمبية بعد مائة يوم من الأن.
حالة من التراخي أو قل الاستهانة تجتاح الأجواء المصرية شعبيا, رغم تحرير وتوقيع غرامات فوريه لعدم ارتداء الكمامة في المواصلات العامة, يحدث ذلك في الوقت الذي ترفع فيه منظمة الصحة العالمية درجات الاستعداد وتعلن حاجتها بصورة عاجله إلي 23,4 مليار دولار لمساعدة افقر الدول علي مكافحة الفيروس القاتل من الأن وحتي سبتمبر من العام القادم 2022.
منظمة الصحة تؤكد ان المبلغ المطلوب ضئيل جدا بالمقارنة بألاف المليارات من الدولارات خسائر اقتصادية حال انتشار الفيروس, ناهيكم عن كلفة خطط الإنعاش الاقتصادي نتيجة أنتشار الفيروس.
ورغم ان التقرير الذي يرصد الخريطة الوبائية في العالم, يشير إلي تراجع الإصابات في أفريقيا مقارنة بأوروبا التي شهدت ارتفاعا ملحوظا في الإصابات الجديدة والوفيات, إلا ان هذا لا يمنع من تحذير كل الحكومات من التراخي في التدابير الاحترازية, خاصة وان عواقب الانقياد العام خلف فكرة ان التغطية اللقاحية الواسعة طوت صفحة الوباء, لكن المفاجآت مازالت وارده بحسب وصف التقرير.
التهديدات كبيرة وقد تؤدي إلي فقد السيطرة علي الفيروس خاصة المتحور الجديد مع تزامنه وموسم الإنفلونزا, وان المتحور الجديد دلتا أصبح مسئول بشكل مؤكد عن 6% من الإصابات الجديدة في أوروبا وبالطبع أفريقيا ليست بعيدة عنه وفي القلب منها مصر.
والاهم ان التقرير الهام الذي صدر امس الخميس يؤكد أن المتحور الفرعي الجديد عن “دلتا” أسرع سريان وليس معروفا حتي الأن مستوي مقاومته للمناعة اللقاحية, وأنه يخضع الأن للمراقبة التي تثبت انه اسرع انتشارا وأخطر في الإصابة وله قدرة علي مقاومة المناعة وان الأدلة المتوفرة حاليا ليست كافيه لتحديد هوية المتحور الجديد, ولا يعرف المتخصصين حتي اللحظة ان كان هذا المتحور هو الذي سيسود العالم في الأشهر الشتوية القادمة أم انه سيختفي أو أن المتحوران سيعيشان معا لفترة من الزمن قبل ان يسيطر إحدهما علي الأخر.
الأهم ان الخبراء هناك وخاصة برنار شاربونو مدير قسم مراقبة الأوبئة يؤكد ان الارتفاع في عدد الإصابات في بريطانيا ليس ناجما عن المتحور الجديد بل انه جاء نتيجة رفع القيود والتدابير الوقائية والعودة إلي دورة الحياة العادية.
وهو ما يتم تحديدا عندنا سواء في الاحتفالات والحفلات العامة والنوادي التي تخص طبقة بعينها في المجتمع أكتفت بكونها تحصنت باللقاح الذي لا يمنع أبدا من تكرار العدوي وانتشارها, أو ما نلاحظه في الأسواق والمواصلات والمدارس والجامعات وكل التجمعات التي تخص عامة الشعب, جميعهم في حالة تراخي وربما استهانة رغم توقعات وتحذيرات ومستقبل يحمل مفاجآت مجهولة لا يعلمها إلا الله.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.