عبدالله مصطفى يكتب من بروكسل : الإعلان المشترك الثالث بين الناتو والاتحاد الأوروبي .. مسكنات لعلاج الصداع   

عبد الله مصطفي – بروكسل
مع نهاية الاسبوع الماضي احتضنت بروكسل اجتماعا لوزراء الدفاع في دول حلف الناتو وبعدها انعقد اجتماع لوزراء دفاع دول الاتحاد الاوروبي” ومعظمها دول اعضاء ايضا في الناتو”  و جاء على بالي سؤال وهو… عندما يتعلق الامر بمصالح الاتحاد الاوروبي الامنية والدفاعية أي سياسات سوف تلتزم بها الدول الاوروبية  ؟هل هي سياسات ونهج الحلف العسكري؟ ام استراتيجية التكتل الاوروبي الموحد ؟
وهذا الموضوع المثير للجدل ،  يطفو على السطح بين الحين والاخر وخاصة عندما تشعر الدول الكبرى في الاتحاد مثل فرنسا والمانيا بتحرك اميركي منفرد ، وهي الدول الكبرى في الحلف والاتحاد الاوروبي  وقد يشكل ها التحرك الاميركي الاحادي خطرا على المصالح الاوروبية من وجهة نظر برلين او باريس
ومنها على سبيل المثال التحالف الجديد بين الولايات المتحدة وبريطانيا التي خرجت مؤخرا من عضوية الاتحاد الاوروبي واستراليا واعقب ذلك الحديث عن امكانية تفكك الناتو او خلق سياسية دفاعية اوروبية وقوة عسكرية اوروبية  بشكل منفصل عن الناتو
ولكن سرعان ما تصدر التصريحات من جانب بعض الدول الاعضاء سواء في الناتو او الاتحاد الاوروبي لتقلل من صورة الخلافات الموجودة والتباين الواضح في وجهات النظر حول سياسات واشنطن واتباع الحلف لخطواتها دون دراسة جيدة للتبعات وماحدث في افغانستان كان اكبر شاهد على هذا الامر .
والمتابع للشأن الاوروبي والتطورات داخل حلف الناتو ، يدرك جيدا ان الخلافات تطفو كما ذكرت من قبل بين الحين والاخر وكانت قمة بروكسل التي حضرها الرئيس الاميركي دونالد ترمب قبل سنوات قليلة  شاهدا على حجم الخلافات بين الدول الاوروبي او معظمها وبين الادارة الاميركية وخاصة في طريقة تعامل ترامب مع الاوروبيين وبالتحديد في ملف تقاسم الاعباء المالية للحلف ومساهماته في العمليات الخارجية والنفقات
ولكن كما سبق وذكرت عقب ظهور الخلافات تخرج تصريحات تؤكد على اهمية التعاون بين الناتو والاتحاد الاوروبي ويدلل البعض على ذلك بالتعاون في مياه المتوسط لمواجهة شبكات تهريب البشر وفي ملف كوسوفو وايضا تطوراتت الازمة بين تركيا واليونان في بحر ايجه شرق المتوسط . وماحدث في ختام اجتماع وزراء دفاع دول الاتحاد الاوروبي الجمعه 22 اكتوبر خير دليل على ذلك فقد أعرب المشاركون عن الحاجة إلى تعزيز وتوسيع التعاون بين الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ، خاصة الآن بعد أن تفكر كلتا المنظمتين في استراتيجياتهما – البوصلة الإستراتيجية للاتحاد الأوروبي والمفهوم الاستراتيجي لحلف الناتو. ورحب الوزراء بفكرة اعتماد إعلان ثالث بين الاتحاد الأوروبي والناتو بحلول نهاية هذا العام ، والذي ينبغي أن يُنظر إليه على أنه علامة سياسية واضحة على شراكتنا الاستراتيجية.
وحسب البيان الاوروبي تختتم مرحلة الحوار الاستراتيجي التي بدأت في فبراير. سيقدم الممثل السامي / نائب الرئيس المسودة الأولى للبوصلة الاستراتيجية في اجتماع مجلس الشؤون الخارجية في نوفمبر. ومن المتوقع أن تعتمد الدول الأعضاء النسخة النهائية في مارس من العام المقبل
وفي نفس الوقت صدرت تصريحات تؤكد ماسبق ان ذكرناه ومنها تصريح يقول ” لقد أظهرت أفغانستان أننا نفتقر إلى القدرات الحاسمة التي نلعب بها دورًا أكبر في حل الوضع بالتعاون مع الناتو. نحن بحاجة إلى إيجاد حلول لتسريع عملية اتخاذ القرار. لذلك ، تؤيد سلوفينيا الاقتراحات الملموسة في هذا الاتجاه. بحسب ماجاء على لسان وزير الدفاع السلوفيني ماتيج تونين  الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد   ومن جانبه قال جوزيب بوريل منسق السياسة الامنية والخارجية الاوروبية ” تدفعنا الأحداث الأخيرة إلى زيادة تطوير قدراتنا وإرادتنا على العمل. لذلك ، نحن بحاجة إلى إحساس مشترك بالتهديدات التي نواجهها ومجموعة من الإجراءات الملموسة للتصدي لها معًا. هذا هو بالضبط ما تدور حوله البوصلة الاستراتيجية. إذا كانت هناك إرادة سياسية كافية ، فسيكون العام المقبل نقطة تحول بالنسبة للدفاع الأوروبي” . موقف الناتو في هذا الصدد جاء ايضا في نفس اليوم على لسان الامين العام للحلف ينس ستولتنبرغ الذي قال في المؤتمر الصحفي الختامي للاجتماعات التي جرت في بروكسل ” أعتقد أنه من المهم جدًا أن نعمل الآن على إعلان مشترك ثالث بين الناتو والاتحاد الأوروبي. كان لي شرف الموافقة على الإعلانين السابقين مع الرئيس يونكر والرئيس تاسك في عامي 2016 و 2018. أرحب الآن بهذه الفرصة للعمل أيضًا على إعلان مشترك ثالث جديد مع الرئيسة أورسولا فون دير لاين والرئيسة شارل ميشيل. وهي مهمة لأنها تشكل إطار تعاوننا.ثم هناك الكثير من المتابعة في العمل ، وقد حددنا أيضًا الكثير من المجالات كمتابعة للإعلانات السابقة ، مثل التنقل العسكري ، والأمن البحري ، والإنترنت ، والهجمات السيبرائية  والعديد من المجالات الأخرى التي يعمل فيها الناتو والاتحاد الأوروبي معًا ، نفعل الكثير معًا.لقد ذكرت على سبيل المثال كوسوفو حيث يدعم جنود الناتو جهود الدبلوماسيين الأوروبيين أو المساعدة في تنفيذ اتفاق اوروبي مع تركيا في بحر ايجه قبالة سواحل اليونان ، حيث لدينا انتشار أو تواجد بحري لحلف شمال الأطلسي ، وبالطبع عبر الإنترنت ، يتبادلون المعلومات في الوقت الفعلي ، والعديد من المجالات الأخرى التي نعمل فيها سويا. لذا أعتقد أن الوقت قد حان لإصدار إعلان ثالث لتحديثه ، وتحديد الطموحات بشأن كيفية زيادة تعزيز التعاون بين الناتو والاتحاد الأوروبي. نحن نتشارك نفس القيم ، ونشترك في نفس التحديات  ، وبالطبع نتشارك أيضًا إلى حد كبير في نفس الأعضاء. ويعيش أكثر من 90٪ من سكان الاتحاد الأوروبي في إحدى دول الناتو. لذلك من المنطقي تمامًا أن نعمل معًا. وقد ناقشت هذا الأمر مع الرئيس تشارلز ميشيل والرئيس فون دير لاين ، والهدف هو الاتفاق على إعلان مشترك جديد في ديسمبر بحلول نهاية العام” .
ويعتقد البعض ان كل من الاتحاد الاوروبي والناتو يفضل اللجوء الى المسكنات لعلاج الصداع الذي يظهر بين الحين والاخر ولايفضلون الحلول الجراحية التي تقضي على المرض او الخلافات الموجودة بالفعل وهذا يجعل البعض ان يذهب الى ضرورة الانتظار لما سوف تسفر عنه التطورات خلال الفترة القادمة لتحديد مستقبل حلف الناتو اذا ظل على قيد الحياة وبالتالي مستقبل التعاون مع الاتحاد الاوروبي من عدمه في ظل التباين الواضح في بعض الامور وان كنا لاننكر وجود تعاون واضح في ملفات عدة ربما هي التي تجعل البعض يفضل اللجوء الى المسكنات .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.