«« لا يتوافر لنا في الوقت الحاضر إمكانية رد الجيش المصري إلي ما وراء قناة السويس، فالهجوم علي الجبهتين الشماليه والجنوبيه في نفس الوقت أضعف قواتنا بصوره كبيره »» هذا ما قاله (موشيه ديان) وزير الدفاع الإسرائيلي في المؤتمر الصحفي مساء يوم 10 أكتوبر عام 1973 وتم منع نشره من قبل “جولدا مائير” رئيسة وزراء إسرائيل في هذا الوقت،
وخلال هذا المؤتمر الصحفي أضاف (موشيه ديان) «« أن مصر تمتلك كميات كبيره وهائله من المعدات السوفيتيه، وهي متنوعه ومختلفه بصوره كبيره وممتازه وفعاله، خاصة ما يتعلق بالتسليح الفردى المضاد للدبابات، كما أن عدد الدبابات المصريه حالياً علي الضفه الشرقيه من القناه يفوق ما يتوافر لدينا ونمتلكه،
فضلاً أنهم يمتلكون المدفعيه والصواريخ، فلقد أدرك وايقن العالم كله الآن أننا لسنا أكثر قوه من المصريين، وأن الإمبراطوريه الوهميه والهاله التي كانت تتوجنا بأنه لو هاجمنا العرب ستحطمهم قد سقطت وتحطمت »»
هذا هو حال وزير الدفاع الإسرائيلي في يوم 10 أكتوبر 1973، وإنما كان الموقف مختلف تماماً في الجيش المصري ولدى مركز القياده المصريه، فقد حقق الجيش المصري في مهمته المباشره، وأنشأ رؤوس الكباري صامده كالصخر تتحطم عليها كل هجمات العدو الصهيوني المضاده،
والتي كان اخطرها يوم 8 أكتوبر، والذي أطلق عليه الإثنين الحزين في إسرائيل بسبب الخسائر التي منيت بها في دباباتها ومدرعاتها.
ومن أهم وأبرز المعارك التي دارت يوم 9 أكتوبر، معركة (جبل المُر) وكان قائد هذه المعركه العقيد «محمد الفاتح كريم» قائد اللواء الثاني مشاه ميكانيكي الذي يتبع الفرقه 19 مشاه، بالجيش الثالث الميداني،
وكان دور قوات العقيد «محمد الفاتح كريم» هو عبور القناه والتمركز شرق القناه والإستعداد لصد أي هجوم إسرائيلي مضاد، وفي صباح يوم 9 أكتوبر جاءه ضابط من القياده، ووضع في يديه ورقه صغيره تحمل أمراً هاماً ومفاجئاً، لتنفيذ الهجوم فوراً وتحرير (جبل المُر)
وكانت إسرائيل من خلال هذا الموقع تستطيع توجيه قصف مدفعي وصاروخي للجيش المصري سواء شرق قناة السويس أو غربها، وكذلك نتيجة سيطرة إسرائيل عليه، أدى إلى تهجير رجال ونساء وأطفال مدينة السويس.
وبدأت قوات اللواء الثاني مشاه في التحرك لتنفيذ المهمه الموكله إليه، وتحرير (جبل المُر) تقدمت القوات إلي خط الهجوم، إحدي كتائبها في اليمين والأخري في اليسار، وقيادة اللواء الثاني في المقدمه،
وعند بدء الهجوم وتحرك مجموعة الدبابات، إنهالت صواريخ العدو الصهيوني من كل جانب علي القوات المصريه، وهنا حدثت معجزه إلهيه، فلم تصب كل هذه الصواريخ والقذائف الإسرائيليه مركبه واحده،
والمُدهش كانت تنغرس في الرمال دون أن تنفجر، وإضطرت القوات المصريه إلي التوقف والإحتماء بأحد التلال المرتفعه قليلاً عن سطح الأرض.
ويقول اللواء “محمد الفاتح كريم” إضطررت لمراجعة الموقف لإني أواجه عدو يتفوق علىّ عدداً وعتاداً، ويهاجمني من أعلي الجبل، وخاصة أن الكتيبه الموجوده علي اليمين قد تم حصارها من جميع الجهات، والكتيبه الموجوده في اليسار، نزلت من مركباتها بعد تحطم عدد كبير منها، ويضيف “محمد الفاتح كريم” للحطات بدا لي أن موقف اللواء الثاني ميئوس منه بالكامل، وسمعت البعض يقول: (مفيش فايده)
فصرخت في الجنود ” لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة الا بالله.. يا رجال مصر.. مصر تناديكم.. ويا شباب الوطن.. ويا شباب الإسلام.. الله أكبر والعزة لله والنصر لنا، سيروا علي بركة الله “
ويضيف لمحت بأعلي تبه قريبه مجموعه من الجنود وسألتهم عن هويتهم، فقال أحدهم أنه النقيب (سامح) قائد الصواريخ الملحق بالكتيبه المهاجمه، وعندما سألته لماذا لم يصعد إلى الجبل، أجاب بكل حسره بأن العربات الجيب عاجزه عن السير في الكثبان الرملية، والعدو الإسرائيلي يقصف من يراه يتقدم،
فقلت له أنا قائد اللواء الثاني، وسأتحرك أمامك، وبعد 200 متر من السير ، وصل خبر سعيد، وهو أن الكتيبه اليسرى للواء بقيادة المقدم « علي الغيط » تمكنت من إقتحام الجبل، رغم خسائرها الكبيره،
فأخذت أحث الجنود علي الصمود لإستكمال المهمه، وأخبرتهم أننا قاب قوسين أو أدنى من قمة الجبل ولابد من تحريره.
وفي تلك الأثناء لمح النقيب سامح دبابتين قادمتين للعدو من الناحيه اليمني، فأطلق عليها صاروخ، ويعتقد العدو الإسرائيلي أن المجموعه القليله المهاجمه كلها مسلحه بالصواريخ، فتهرب 13 دبابه إسرائيليه علي الفور،
واستكملنا المسيره وواصل الجنود زحفهم المقدس، حتي وصلت المجموعه إلي قمة الجبل الحصين، واعتقد العدو أن القوات المصريه بعد أن إستولت علي قمة الجبل واحتلته سوف تقوم بتطويقه كاملاً وتدميره،
فأسرع في الإنسحاب تاركاً خلفه حصونه المنيعه وأسلحته وشرابه وطعامه، وبعد معركه استمرت خمس ساعات نجح العقيد ” محمد الفاتح كريم ” وجنوده في تحرير (جبل المُر ) وعندما تم إبلاغ اللواء « عبدالمنعم واصل » قائد الجيش الثاني الميداني لم يصدق،
ثم إبتسم قائلاً (( فعلها الصعيدي )) وقد وافق الرئيس الراحل محمد أنور السادات علي تسمية جبل المُر بإسم ( جبل الفاتح ) تكريماً لبطولة العقيد ” محمد الفاتح كريم ” رحمة الله تعالي عليه وعلي جميع شهدائنا الأبرار.