عبد الناصر البنا يكتب : الوظيفة .. محلل شرعى

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
يعرف الطلاق بأنه إنفصال أحد الزوجين عن الآخر ، وعرفه علماء الفقه بأنه ” حل عقد النكاح ” والطلاق هو أبغض الحلال إلى الله ، وفى سورة البقرة يقول الله تعالى {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } والحقيقة أن هناك كتب ومراجع ومناهج تدرس فى كليات الشريعة والقانون عن أحكام الزواج والطلاق .. إلخ
ومايهمنا هنا هو ماتناولته وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعى فى الفترة الأخيرة عما يسمى” المحلل ”
والمقصود ب “المحلل” هو أن يتزوج رجل من إمرأة طُلقت 3 مرات من زوجها السابق ، ثم يطلقها ، بهدف إتاحة الفرصة للزوجة للعودة مرة أخرى إلى زوجها السابق ، لأنه وفقا لـ مذهب أهل السنه لايحل الزواج بعد طلاق لـ ” ثلاث ” مرات إلا بعد الزواج من شخص آخر .
وزواج المحلل وفقا لهذا التعريف أمر غير مشروع فى السنة لما روى عن الرسول (ص) ” لعن اللَّه المحلل والمحلل له” وبأيضا بإجماع أهل الفقه . والحقيقة أنى تعجبت من تهافت وسائل الإعلام المرئية على إستضافة من يسمى نفسه ” محلل شرعى ” ويقول أنه تزوج وطلق 33 مره فى عامين ، وماتناولته وسائل التواصل الإجتماعى من تحقيقات فى هذا الشأن ، وأنا لا أدرى أى تفسخ هذا الذى أصاب مجتمعاتنا ، ولماذا تثار مثل هذه القضايا بدايه فى وسائل الإعلام ؟
هناك حالة من الجدل الشديد إنتابت الشارع المصرى بعد ما أثير بما يعرف بـ”زواج المحلل” ، الذي يرفضه الدين الإسلامي ، وحسنا
فعلت دار الإفتاء المصرية عندما علقت وحسمت الأمر بأن الزواج بشرط التحليل “حرام شرعاً بإتفاق الفقهاء” . وقالت : إن وضع أي
شروط أو تحديد الزواج بمدة يبطله ، وأن نبي الإسلام محمد قال ” لعن المحلل والمحلل له”. وعلى الرغم مما إنتهت إليه دار الإفتاء
المصرية إلا القانون المصرى لايحرمه ، مع الوضع فى الإعتبار أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساس في التشريع ويليها في
المرتبة الثانية الدستور ثم يليه العرف .. إلخ . وهو أمر يسترعى الإنتباه .
أما عن حكم المحلل الشرعى كما ورد فى كتب الفقه ” إذا طلق الزوج زوجتة ثلاث تطليقات ، فقد بانت منه بينونة كبرى ، ولا يملك
مراجعتها لا فى عدتها ولا بعد إنتهائها ، إلا إذا إنقضت عدتها ، وتزوجت زوجا آخر ، ودخل بها، ثم طلقها ، ثم انتهت عدتها منه ” وهنا
يحل للزوج الأول نكاحها بعقد ومهر جديدين لقوله تعالى “الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان” . وقوله تعالى ” فَإِنْ
طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ
يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ “.
هذا ويشترط فى الزواج الذى يحصل به التحليل للزوج الأول ، أن يكون زواجا صحيحا مستوفيا أركان إنعقاد عقد الزواج وشروط صحته ،
فلو كان العقد فاسدا – كالزواج دون شهود أو زواج المتعة – لم يحصل به التحليل حتى وإن دخل بها ؛ لأن الزواج الفاسد ليس زواجا ،
أما الشرط الثانى للمحلل الشرعى فهو الدخول بالزوجة دخولا حقيقيا ، فلا يكفي مجرد العقد الصحيح دون الدخول ، وأخيرا لابد وأن
يكون الزواج الثانى بنية إستدامة العشرة بينهما ، وأن لايكون ” مؤقتا ” ، لأن الأصل فى عقد الزواج فى الشريعة هو الدوام
والإستمرار ، والحقيقة أن الإسلام حرم كل زواج مؤقت ، قال الإمام النووي – رحمه الله – : [ النكاح المؤقت باطل ، سواء قيد بمدة
مجهولة أو معلومة ، وهو نكاح المتعة] .
وهنا نقول أن ماتناولته وسائل الإعلام وما قاله هذا المحلل الشرعى فى حديثه يخالف الشرع لأنه بإجماع آراء الفقهاء ” لو تزوجها
على أن يطلقها فى وقت بعينه ، لم ينعقد النكاح ” وبالتالى لا تحل بهذا الزواج لزوجها الأول ؛ والقاعدة الفقية تقول ” ما بنى على
باطل فهو باطل ” .
ولعل ماحدث يدعو للتساؤل عن الأسباب التى أدت إلى إرتفاع معدلات الطلاق فى مجتمعاتنا العربية فى السنوات الأخيرة وفقا
للبيانات التي تصدر عن الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني .. وغيرها
أما الوضع فى مصر فهو يشير إلى إزدياد نسب الطلاق خاصة فى السنوات الحمس الأولى ، مع إرتفاع ملحوظ فى نسب الطلاق
بين الشباب في الفئة العمرية من 25 إلى 35 عاما . وتشير بعض التقارير إلى أن مصر إحتلت المرتبة الأولى عالميا ، بعد أن إرتفعت
نسب الطلاق من 7% إلى 40% خلال الخمسين عاما الأخيرة .
أما أبرز أسباب الانفصال – كما رصدتها محاكم الأسرة هى ” الاختلافات الدينية والسياسية ، وعدم الإنجاب ، وعدم إنفاق الزوج على
الأسرة ، بالإضافة إلى عدم التوافق في العلاقات الجنسية ، والاعتداءات الجسدية ، الخيانة الزوجية ، وصغر سن الزوجين ، وتدخلات
الأهل ” الحماه ” ، فضلا عن نقص الوعى ، وإدمان المخدرات ، وإنتشار المواقع الإباحية على الإنترنت ، وقانون الخلع . والحقيقة أنها
كلها أمور تستحق الدراسه وخاصة إذا ماعلمنا أن الأطفال هم دائما وأبدا الضحايا .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.