لم تقتصر حرب السادس من أكتوبر علي عبور قناة السويس وإقتحام خط بارليف والنقاط الحصينه الخاصه به يوم 6 أكتوبر فقط، ولكنها تضمنت إعجازاً وإنتصاراً جديداً كان يتم كل يوم وكل ساعه بل وكل دقيقه تمر بها المعركه، من شجاعه وبطوله لقواتنا المسلحه بجميع فروعها، فكانت حرب الإتجاه الواحد “إما النصر أو الشهاده”
في مثل هذا اليوم الثامن من أكتوبر 1973 وقعت معركة شرسه أو كما لقبها العدو الصهيوني بمعركة الرُعب معركة ” الفردان ” وهو اليوم الثالث لحرب أكتوبر المجيده، ووقعت في شرق مدينة الإسماعيليه، حيث أعاد العدو الإسرائيلي تنظيم قواته، وحاول ( أبراهام آدان ) بفرقته المكونه من ثلاث لواءات مدرعه حوالي (300) دبابه، مره أخرى الهجوم بلواءين مدرعين ضد فرقة العميد الفذ والبطل ” حسن أبو سعده ” واللواء الثالث ضد الفرقه 16 بقيادة العميد ” عبد رب النبي حافظ ” في قطاع شرق الإسماعيليه ( الجيش الثانى )
ودارت معركة ” الفردان ” بين فرقة آدان وفرقة البطل العميد حسن أبو سعده، وقام “حسن أبو سعده” قائد الفرقه الثانيه مشاه بالجيش الثانى الميداني بصد الهجوم المضاد الذى قام به اللواء 190 مدرع الإسرائيلي ( كان عدد دبابات هذا اللواء 100 دبابه )
وخلال دقائق معدوده تم تدمير معظم دبابات العدو الصهيوني، وتم الإستيلاء علي 8 دبابات سليمه، كما تم أسر العقيد ” عساف
ياجورى ” قائد كتيبة النسق الأول من لواء نيتكا. 190 مدرع.
فقد كان قرار قائد الفرقه الثانيه مشاه العميد ” حسن أبو سعده ” يعتبر أسلوباً جديداً لتدمير العدو، وهو جذب قواته المدرعه إلي
أرض قتل داخل رأس كوبري الفرقه، والسماح لها بإختراق الموقع الدفاعي الأمامي والتقدم حتي مسافة 3 كم من القناه، كان كمين
مُحكم لقوات العدو، وكان قرار خطير وعلي مسئوليته الشخصيه، ولكن المفاجأة فيها كانت مذهله مما ساعد على النجاح أو النصر،
فلو أردنا أن نحكي عن آيات البطوله والصمود التي سطرتها قواتنا المسلحة الباسله بكل فروعها في حرب أكتوبر المجيده، لإحتجنا
إلي مجلدات ومجلدات لذكر واحد من جزء من ألف جزء فقط، ومع ذلك سنقف خاشعين أمام بعض المواجهات البارزه التي خاضتها
قوات الدبابات والمدرعات المصريه.
ويذكُر المشير ” الجمسي ” رئيس هيئة العمليات للجيش المصري أثناء الحرب في كتابه « حرب أكتوبر » عن معركة ” الفردان “
حيث كتب: إندفعت الدبابات الإسرائيليه لإختراق مواقع أبو سعده في إتجاه كوبري الفردان بغرض الوصول إلى خط القناه، وكلما تدفقت الدبابات الإسرائيليه إزداد أمل « أبراهام آدان » قائد الفرقه التي يتبعها لواء نيتكا 190 مدرع. في النجاح..
فوجئت القوه المهاجمه بأنها وجدت نفسها داخل أرض قتل والنيران المصريه تفتح ضدها من ثلاث جهات أو جبهات في وقت واحد تنفيذاً لخطة ” حسن أبو سعده ” وكانت المفاجأة الأقوى أن الدبابات المعاديه كان يتم تدميرها بمعدل سريع بنيران الدبابات المصريه والأسلحه المضاده للدبابات.
ويقول الجنرال « أبراهام آدان » في كتابه ” على ضفتى قناة السويس ” ( كانت أكبر أخطائي هو هجومى في إتجاه القناه، لقد شعرت في الثامن من أكتوبر بضغوطهم علىّ، بينما لم يكن يحدث مثل ذلك في الحروب السابقه، ولم يكن أمامي مفر سوى أن أستجيب، ولم أعرف أن الخطه المتفق عليها في اليوم السابق قد تغيرت، وبينما كنت في حاله من التردد، إذ بأوامر ” يورى بن آري ” نائب قائد الجبهه الجنوبيه في سيناء، تدفع بي للإقتراب بقواتي من القناه، واشترطت لهجومى علي القناه ضرورة حصولي على معونه جويه ومساعدة من المدفعيه، وتدعيمى بكتيبه مدرعه من فرقة « شارون »، لست أتنصل من مسئولية ما حاق بالفرقه المدرعه التي توليت قيادتها من فشل، فقد كان الأسلوب القتالي للفرقه مختلفاً، لقد كان أساس الفشل أننا هاجمنا وحدنا بلا مشاه، وبلا مساعده سواء من المدفعيه أو من الطيران، لقد وعدنا جونين بالمساعده الجويه، ولكن إتضح لنا بعد ذلك أن المساعده الجويه مبعثره ومشتته في كل مكان )
ويقول «« عساف ياجوري »» في مذكراته، بعد عودتي من الأسر، فوجئت بل أذهلني حجم الخسائر التي وقعت في صفوفنا، ومع ذلك لم تعلن حتي الآن الأرقام الحقيقيه لخسائرنا، ويقول أيضأ عساف ياجوري: حائر أنا.. حيرتي بالغه.. كيف حدث هذا لجيشنا الذى لا يقهر، وصاحب اليد الطولى والتجربة العريضه؟؟
كيف وجدنا أنفسنا في هذا الموقف المخجل؟؟
أين ضاعت سرعة حركة جيشنا وتأهبه الدائم؟؟
هذه كانت أحد ملاحم معركة أكتوبر المجيده، التى تمثل الإنتصار الأعظم في تاريخ مصر المعاصر، والتى لم تكن مجرد حرب عابره في تاريخ العسكريه المصريه المليئه والحافله بالبطولات، بل كانت حدثاً فريداً من نوعه أثار العالم أجمع، وغيرت مجرى التاريخ، وغيرت أيضا المفاهيم العسكريه في العالم بأسره.