عبد الله مصطفي يكتب من بروكسل : دول الاتحاد الأوروبي و بناء الجدران لمواجهة “الهربان “

عبد الله مصطفي – بروكسل
منذ فترة طويلة تعاني اوروبا من تدفقات الهجرة سواء عن طريق البحر او البر ، ووضع الاتحاد  الاوروبي العديد من الاستراتيجيات والخطط لمواجهة تدفقات الهجرة غير الشرعية على الحدود الخارجية اي قبل الوصول الى الدول الاعضاء
وجرى الاعلان عن تخصيص مبالغ طائلة لهذا الغرض وجرى انشاء منظمات وعمليات امنية للمساعدة في تطبيق هذه الخطط ومنها عملية فرونتكس لمراقبة الحدود الخارجية للاتحاد وخاصة في الدول التي ترتبط بحدود مع دول اخرى من خارج الاتحاد ووصل اليها افواج من اللاجئين او المهاجرين غير الشرعيين من جنسيات مختلفة وخاصة من مناطق الصراعات هربا من الموت او من الفقر .  وايضا عملية صوفيا في البحر المتوسط  لمواجهة القوارب التي تنقل المهاجرين غير الشرعيين  الى دول المواجهة التي تطل على البحر ومنها ايطاليا واليونان وقبرص ومالطا وغيرها
ولكن لم تنجح فرونتكس في مهمتها ولم تتمكن عملية صوفيا البحرية في وقف تدفقات المهاجرين . وتعرض الاتحاد الاوروبي لانتقادات عدة بسبب الفشل في التوصل الى اتفاق مشترك بين الدول الاعضاء في مجال التعامل مع ملف الهجرة واللجوء نظرا لاختلاف وجهات النظر بين العواصم الاوروبية في كيفية معالجة الامر فهناك دول لاتتعرض لاي مشاكل بسبب تدفق الهجرة غير الشرعية وترفض المشاركة في تقاسم الاعباء والبعض الاخر يفضل المساهمة باموال لاقامة معسكرات خارجية لاستقبال اللاجئين او المهاجرين غير الشرعيين ومنهم من ذهب الى اقتراح انشاء معسكرات الاستقبال هذه خارج حدود الاتحاد ثم بدأ التفكير في التعامل مع هذا الملف عبر التعاون مع دول المنشأ والعبور وكلها امور تفاوتت درجة النجاح فيها على فترات ولكن المحصلة النهائية عدم القدرة على ايجاد حل جذري للمشكلة
وامام هذا التعثر طالبت 12 دولة اوروبية بتخصيص مبالغ اوروبية لتمويل بناء جدران واسوار على حدودها لمنع دخول الهاربين الى ارض الاحلام في دول التكتل الاوروبي الموحد
ومن جهتها أعربت الرئاسة السلوفينية الدورية الحالية  لمجلس الاتحاد الأوروبي عن تأييد الاقتراح.وفي مؤتمر صحفي في ختام اجتماع لوزراء الداخلية عقد في لوكسمبورغ بمشاركة المفوضة الأوروبية يلفا يوهانسون، أعترف وزير الداخلية السلوفيني آليش هويس باستمرار الخلافات بين العواصم الاوروبية في هذا الشأن ولكن لم يمنع هذا من ان يعترف الوزير بدعم الطلب علنًا”، واضاف على ذلك بانه ، “بعد كارثة عام 2015، قررت سلوفينيا إقامة حواجز، على نفقتها، على جزء من الحدود مع كرواتيا، وستواصل القيام بذلك في المستقبل”. ولاظهار الدليل وبالارقام حول فشل الخطط الاوروبية لحماية الحدود الخارجية للاتحاد قال الوزير  “أوقفنا 14 ألف مهاجر غير نظامي سنويًا عند حدود الاتحاد الأوروبي الداخلية، فلن تكون حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي فعالة ومن واجبنا حماية الحدود. سلوفينيا ستدعم هذا الاقتراح”. وهو الاقتراح الذي تقدم به وزراء داخلية النمسا، قبرص، الدنمارك، اليونان وليتوانيا وبولندا وبلغاريا وجمهورية التشيك وإستونيا والمجر ولاتفيا وجمهورية سلوفاكيا.
وخلال الاجتماع  ، أبلغت المفوضية والرئاسة السلوفينية للاتحاد ،  الوزراء بالتقدم المحرز في وضع خطط عمل لتعزيز شراكات الهجرة الشاملة مع بلدان المنشأ والعبور ذات الأولوية. وقد جرت بالفعل مناقشات على المستوى الفني داخل المجلس بشأن خطط العمل المتعلقة بأفغانستان والبوسنة والهرسك وتونس والنيجر ونيجيريا والعراق.كما تبادل الوزراء وجهات النظر حول الوضع على مختلف طرق الهجرة. واكتفى الوزراء في الختام بالقول ” سيواصل الاتحاد الأوروبي مراقبة الوضع عن كثب على جميع الطرق. ولكن في المؤتمر الصحفي قال الوزير السلوفيني  “عمليًا ، تعاني جميع الدول الواقعة على حدود الاتحاد الأوروبي الخارجية حاليًا من ضغوط. بينما تستمر المفاوضات بشأن المقترحات التشريعية ، يمكننا فعلاً فعل المزيد اليوم لتحسين التعاون مع البلدان الثالثة ، بما في ذلك فيما يتعلق بعودة المهاجرين الذين يعبرون الحدود بشكل غير قانوني ولا يحق لهم الحصول على الحماية الدولية” .وهو تصريح من وجهة نظر العديد من المراقبين هنا في بروكسل ، يلخص مدى الخلافات  ويعطي في نفس الوقت الامل في امكانية تحقيق نتائج أفضل من خلال تنسيق اكبر واعداد مقترحات تشريعية ملزمة للدول الاعضاء وان كان البعض يشكك في امكانية تحقيق ذلك الامر على المدى القريب
ويرى هؤلاء الذين يشككون في جدوى المشروع الاوروبي الوحدوي ان الاتحاد الاوروبي يدور في دائرة مغلقة وغير  قادر على ايجاد الحلول الجذرية وبالتالي يعتبر الفشل في التعامل مع هذا الملف من وجهة نظر المراقبين احد الاسلحة التي يستخدمها اليمين المتشدد الاوروبي بين الحين والاخر لاضعاف صورة قادة دول الاتحاد امام الرأي العام الاوروبي والتأكيد على عدم قدرتهم علي ايجاد الحلول وبالتالي يتزايد عدد المشككين في المشروع الوحدوي والدفع بالسير على الطريق الذي اتخذته بريطانيا وهو الخروج من عضوية التكتل الموحد ..ومع مرور الوقت يتفكك الاتحاد الاوروبي .. ولكن المؤسسات والعواصم الاوروبية التي تؤمن باهمية بقاء الاتحاد تسعى جاهدة لمواجهة هذا الخطر وتسعى جاهدة لتفنيد مزاعم اليمين الاوروبي المتشدد واظهار مميزات بقاء الاتحاد الاوروبي كيانا قويا والفوائد التي تعود على المواطنين جراء بقاء اوروبا موحدة وقوية . والسؤال المطروح الان  هو من سينجح في النهاية . الاجابة تحتاج الى سنوات لان الامر ليس هينا .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.