بسم الله الرحمن الرحيم
شعب مصر العظيم،
نحتفل اليوم معًا بالذكرى الثامنة والأربعين لنصر أكتوبر المجيد يوم العزة والكرامة يوم النصر الذي سيظل خالدًا في تاريخ أمتنا يوم
البطولات والأمجاد، التي صنعها رجال القوات المسلحة بدمائهم الذكية في ملحمة عسكرية أبهرت العالم ودونت سطورها بأحرف من
نور امتد شعاعه للإنسانية جمعاء ليعكس قوة وإرادة المصريين، في استعادة حقوقهم وتمسكهم بسيادة الوطن وأرضه وكرامته.
وستبقى حرب أكتوبر نقطة تحول في تاريخنا المعاصر ورمزًا لشموخ مصر وعزتها وصلابتها فتحية وتقدير وإعتزاز لكل رجال وقادة ورموز
العسكرية المصرية في ذكرى النصر لشجاعتهم وتضحياتهم وتحيةً لشهداء أبرار قدموا حياتهم فداءً للوطن وجادو بأرواحهم تحت
رايته.
كما أوجه التحية للشعب المصري، الذي كان لصموده ووعيه ولمساندته لقواته المسلحة في أصعب وأدق الأوقات العامل الحاسم
الذي صنع هذا النصر المجيد، وسيظل هذا التلاحم والوعي الشعبي هو الحصن الحقيقي الذي ساهم في صون الدولة المصرية
وازدهار حضارتها العريقة منذ فجر التاريخ.
وتحيةً لبطل الحرب والسلام الرئيس الراحل/ محمد أنور السادات صاحب قرار العبور، وقائد النصر العظيم.
الإخوة والأخوات،
إن مصر التي حاربت واستردت أراضها هي مصر ذاتها التي تسعى دائما لتحقيق السلام فلم تسعى مصر يومًا لحروب أو نزاعات من
أجل تحقيق أطماع غير شريعة أو الاستيلاء دون وجه حق على ممتلكات ومقدرات الآخرين، ولكن نسعى دائما لمد يد التعاون كنهج
راسخ لتحقيق الخير والبناء والتنمية.
شعب مصر العظيم،
تمر الأيام وتتعاقب السنوات، وتتبدل الأفكار وتتغير أشكال الصراعات فالحروب التقليدية التي اعتدنا خوض غمارها في الماضي تحولت
اليوم إلى حروب غير نمطية تستهدف تدمير الأوطان من داخلها وقضية مصر الأولى الآن، هي قضية الوعي الذي أصبح مسئولية
مشتركه بين كافة مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني لنحافظ على وطننا ومقدرات شعبنا باعتباره الأمانة التي ارتضينا أن
نحملها.
ولعلني أستحضر في هذه المناسبة الغالية أهمية وقيمة الدروس الملهمة التي علمنا إياها نصر أكتوبر الذي لم يكن نصرًا عسكريًا
فحسب بل نموذجًا فريدًا، من التكاتف والوعي الشعبي بين المصريين، بكافة أطيافهم وملحمة متكاملة لأمة حشدت قوتها الشاملة
لتغير واقع مرير ولتحقيق الانتصار لتأخذ بأسباب النجاح من المنهج العلمي في الإعداد والتخطيط ومن دراسة نتائج وتجارب الماضي
ومن العمل والكفاح، ليل نهار، لبلوغ الهدف وتحقيق النصر.
ودائمًا ما يمثل احتفالنا بنصر أكتوبر المجيد مناسبة عزيزة لتشعرنا بالفخر والاعتزاز الوطني ولنتذكر جميعًا حجم الصعاب والتحديات
التي استطعنا التغلب عليها لنصل إلى حاضرنا الذي تسطر فيه مصر قصة نجاح عظيمة بدأت منذ سنوات، ولتجسد مجددًا العزيمة
المصرية التي تقهر الصعاب فها نحن اليوم نرى مصر، بالأرقام والحقائق، قد وجدت مسارها الصحيح لتمضي بخطى ثابته في طريق
التنمية والتقدم ولتغير واقعها، على نحو يليق بتاريخها وبحضارتها وبعظمة شعبها ولنمضي معًا، بقوة وعزيمة، لبناء وتنمية بلادنا
بالرغم من تعاظم التحديات الداخلية والخارجية خاصةً في محيطنا الإقليمي المضطرب والمعقد والأزمات العالمية الغير مسبوقة
والتي لم تكن مصر بمنأى عنها خاصة تداعيات جائحة “كورونا”.
وقد أثبت الشعب المصري مجددًا وعيه العميق وأن انتمائه وإخلاصه لوطنه بلا حدود وأن مصر وطن ينهض بإرادة وسواعد أبنائه وأن
العمل والاجتهاد والإخلاص هي قيم وركائز أساسية للنجاح في عبور غمار التحدي على طريق بناء الدولة الحديثة.
فعلى مدار السنوات السبع الماضية سلكنا طريقًا شاقًا من أجل بناء دولتنا الحديثة ووصولًا إلى الجمهورية الجديدة، وبدأنا في
تحقيق عملية شاملة وعميقة لصياغة المستقبل المنشود لوطننا العزيز وللأجيال الحالية والمستقبلية وفق عملٍ جمعي متكامل
ومتناغم بين كافة أجهزة الدولة واستنادًا إلى رؤية علمية ومستهدفات محددة نسعى لتحقيقها خلال العشرية الحالية، ووصولًا إلى
أهداف “رؤية مصر ٢٠٣٠”، فقد طالت جهود البناء والتنمية جميع مناحي الحياة في مصر بلا استثناء لتحقيق هدف محدد، هو تعظيم
قدرة الدولة في كافة المجالات من أجل تغيير الواقع وبناء الإنسان سعيًا لحاضر ومستقبلًا أفضل لمصر وللمصريين، وأشير هنا إلى
المشروع الوطني غير المسبوق لتنمية الريف المصري “حياة كريمة” والذي يسعى إلى رفع مستوى المعيشة لأكثر من نصف
سكان مصر الذين يعيشون في أكثر من أربعة آلاف قرية بتكلفة مبدئية حوالي “٧٠٠ مليار جنيه”.
شعب مصر العظيم،
ستبقى التضحيات والبطولات التي قدمها جيل أكتوبر العظيم خالدة في وجداننا وشاهدًا على صلابة هذه الأمة ونبراسًا ونموذجًا
ملهمًا لنا جميعًا في العمل بجد ودأب لإعلاء شعب الوطن وحفظ ترابه وصون كرامته.
كل عام أنتم بخير،
ومصر الأبية في رفعة وسلام وتقدم وازدهار،
تحيا مصر، تحيا مصر، تحيا مصر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.