” الدين ” هو الأوامر والنواهى ذات النصوص قطعية الدلالة التى وردت فى الديانات السماوية
الثلاث من صلاة وصيام وزكاة .. وغيرها
وماجاء به الأنبياء والمرسلين من أقوال وأفعال وأعمال أو أفعال حدثت أمام الرسول وأقرها ولم
ينكرها ، وهو الإعتقاد فى وجود الله وعبادته والإذعان لـ أوامره ونواهيه
أما ” التدين ” فهو سلوك الإنسان وإلتزامه بالدين الذى يعتقده ومقدار تمسكه بتعاليمه كلها أو
بعضا منها أى مقدار الإلتزام بها ،
وعموما هى علاقة جدلية لاداعى للخوض فيها ، وخير الأمور فى ” التدين” الوسط بدون تهوين أو
تشديد ، ودائما نقول ” الدين لله والوطن للجميع ” .
قرأت على زوجتى تصريحا لراقصة مشهورة تقول فيه ” إشتغلت ليل ونهار عشان أدبر فلوس الحج
لأمي وأبويا ” نظرت إليها وقلت
بلهجة صعيدية ” شقيانة ” ، وبعدها جلست على مكتبى أتامل فى كلمات هذه السيدة الشقيانة من أجل تدبير نفقات الحج
لوالديها
وتأملت قولها إشتغلت ” ليل ونهار ” وقلت أمر وارد أن تشتغل الراقصة بالليل ، راقصة تشتفل بالليل فى كباريه أو ملهى ليلى أو
كازينو أو صالة رقص أيا ماكان الإسم وأمر وارد أنها تكون بترقص لناس أغلبهم بيشربوا أو فى أوضاع غير لائقة وهذا هو المعتاد فى
تلك الاماكن
وهذا ماترسخ فى ذهنى فيما يخص عملها بالليل إنما عملها فى النهار دا إللى كان غريب على شويه بإستثناء إنها تكون بترقص
لناس لم يفيقوا من الثمالة بعد .
وبعيدا أيضا عن جدلية الحرام والحلال فى دخل الراقصة .. إلخ ، أنا فقط يحضرنى قول مأثور جاء على لسان الفنانة كريمه مختار “
رحمها الله ” فى فيلم ” الفرح ” وهى تنصح الراقصة التى تقوم بدورها الفنانه سوسن بدر تقول لها ” شوفى جلدك إتشقق من كتر
الناس إللى شافتك وإنت عريانه ” ، وقد يكذب بعضهم على نفسه عندما يقول لك ” ولاهزت لى شعرة ” .
الحقيقة أن مجتمعاتنا العربية فى حاجة إلى فهم الدين فهما صحيحا فالدين ليس ثوبا قصيرا أو لحية تتدلى على الكرش أو مسبحة
فى اليد أو قطعة قماش تستر الرأس وبقية الجسد عارى
فهذا ليس من الدين فى شىء وهذ هو الفهم الخاطىء للدين ، فى حديث عن رسول الله (ص) يفيد بأن المؤمن قد يسرق أو يزنى
ولكنه لايكذب أبدا ، كيف هذا وقد أصبح الكذب إسلوب حياه يارسول الله ، راجع ” الكذب المباح عند السلفية “
كان لنا جار ” رحمه الله ” دائم السرقة من زراعتنا ، وأصبحت سرقاته طقسا يمارسه يوميا لـ إنشغالنا فى أعمالنا ودراستنا عن
التواجد فى زرعنا
وبعد أن تكررت السرقات بطريقة مؤذية ، إختبىء إبن عمى متربصا لذلك الذى تجرأ علينا ، وإذ به يفاجىء أنه جارنا الذى لايفوته وقت صلاة
والعجيب فى الأمر أنه بعد أن إنتهى من فعلته الشنعاء ، وأمن مسروقاته ، توضأ على رأس الغيط وأقام الصلاة وبعد أن فرغ منها
ذهب إلى حال سبيله !!
وقد تعجبت فى بداية حياتى لـ أمر هذا ” الجزار ” الذى يقلق نومى ليل نهار بصوت الراديو عن آخره على إذاعة القرآن الكريم ، ومثله
صاحب محل ” الفراخ ” الذى يغلق المحل فى آخر النهار ويترك الراديو بصوت عالى على نفس الموجة وكلاهما يغش ويسرق فى
الميزان .
عشرات الباعة الجائلين فى الشوارع يسرقوا الناس أو يغشوا فى الميزان أو يبدلوا أكياس الخضار والفاكهة بعد وزنها ، ومنهم من
يعرض عليك فكة مبلغ معين ولايعطيك المبلغ كاملا بطرقا وأساليب إحتيالية مختلفة
طالب الدراسات العليا أو الباحث الذى يسرق بحثا لغيره وينسبه لنفسه ، الطبيب الذى يسرق كلية مريض ، عالم الآثار الكبير الذى
يشار له بالبنان الآن ، وقد سرق إكتشافا أثريا لـ دكتور يعمل تحت قيادته ، ونسبه لنفسه وبعد أن تنصل من كل وعوده تركه يهيم
فى الشوارع كالمجنون
عشرات بل مئات وألوف الأمثلة فجرها تصريح الراقصة الشقيانة حتى تدبر نفقات حج والديها ، تبين مدى التناقض الذى تعيش فيه
مجتمعاتنا .
هل هذه نقرة وتلك نقرة أخرى ، الله أعلم ، هل رأيتم عشرات المتسولين الذين يجلسون أمام المراكب السياحية والملاهى الليلية
التى ترسو على النيل وأمام الكباريهات فى الساعات الأولى من الصباح فى إنتظار خروج مرتادى تلك الأماكن من فتيات الليل
والساقطات وأمثالهم ممن يغدقون عليهم بالمال ظنا منهم أن تلك الصدقات يمكن أن تطهر هذا الرزق الحرام
فالحلال بين والحرام بين ، وكما دلل على ذلك أحد علماءنا الأفاضل بالقطة التى إن ناولتها قطعة اللحم تجلس تحت أطراف أقدامك
تأكلها وتتمسح فيك ، وإن إختلستها منك تختبىء بعيدا لتأكلها ، إنها الفطرة التى تاهت فى زمن العولمه .
هل الغش والنصب والفهلوة والسرقة أصبحت سمه لهذا العصر وأسلوب حياة ؟
نعم .. بل والطريف والعجيب أن تجد هؤلاء هم شاغلى الوظائف ، وهم من يشار إليهم بالبنان ، لكن والحق أقول أنها نفخة كدابة
فهؤلاء وأمثالهم ينطبق عليهم قول الله تعالى {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ } أنا أراهم مثل
الفقاقيع أو الدخان فى الهواء
ولا أدل على ذلك من نائب ” الجن والعفاريت ” وصديقه رجل الأعمال الشهير أين هم الآن ، بعد أن إنفض المولد من حولهم وقد تبرأ
الجميع منهم ، أين مرتادى صالونه الأدبى مما كانوا يتمسحون فيه ويتباروا فى إلتقاط الصور معه وهو يختال بعباءته والمسبحه
تتدلى فى يده
رحم الله شوقى عندما قال : بَرَزَ الثَعلَبُ يَوماً .. في شِعارِ الواعِظينا / فَمَشى في الأَرضِ يَهذي .. وَيَسُبُّ الماكِرينا / وَيَقولُ الحَمدُ لِل
.. هِ إِلَهِ العالَمينا / يا عِبادَ اللَهِ توبوا .. فَهوَ كَهفُ التائِبينا / وَاِزهَدوا في الطَيرِ إِنَّ الـ .. ـعَيشَ عَيشُ الزاهِدينا إلى أن وصل لقوله “