بالأمس القريب إحتفلت جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب ( MSA ) بالتعاون مع جامعة ” GREENWICH ” البريطانية صاحبة التوأمة معها ، بحفل تخريج دفعتى من طلبة كلية ” علوم الإدارة ” بأقسامها المختلفة ، وأيضا كلية ” الهندسة ” بأقسامها Management Sciences ” و ” Engineering ” للعام 2019/ 2020 المؤجلة بسبب جائحة كورونا .
والحمد لله فقد كرمنى الله أن يكون أحمد إبنى ” البكرى ” من بين خريجى كلية علوم الإدارة شعبة المحاسبة ” ACCoUNTING “دفعة يوليو للعام 2020 بتفوق
والحمد لله تعالى أنه عوض صبره وصبرنا خيرا بعد ان ظلمته الثانوية العامة ظلما بينا وذبح هو وأقرانه على قارعة الطريق بإمتحانات تم تسريبها وإعادتها لـ أكثر من مرة بخلاف الظلم الواقع عليهم فى رصد الدرجات .. إلخ
وبعد أن كان حلمه دراسة الهندسة ” قسم سيارت ” وإكمال الدراسة بإحدى الجامعات الألمانية لأنه من هواة ومحبى السيارات الكلاسيك ، بل ويشهد له القاصى والدانى بتفوقه فى هذا المجال ، وهو يرى أن ألمانيا من أفضل الدول التى تصنع السيارات
إلا أن الرياح تاتى دائما بما لا يشتهى السفن ، ويقال بما لاتشتهى السفن ، لكن الحمد لله على كل حال ، فقد هذانا الله بعد حيرة شديدة وتردد فى إختيار الجامعة التى يلتحق بها بمجموع درجاته الذى تعدى الـ 75% .
وبعد المفاضلة بين عدد من الجامعات الخاصة وقع إختيارنا على هذه الجامعة وخاصة لوجود علاقة وثيقة تربطنى بالدكتورة نوال الدجوى رائدة التعليم الخاص فى مصر ، ليعوض مافاته وينكب على طلب العلم وكان أهلا لحمل المسئولية، وقد أثلج صدورنا بتفوقه وهذه نعمة من عند الله .
للوهلة الأولى يعكس الحفل إهتمام إدارة الجامعة والقائمين على الحفل بالتفاصيل الدقيقة بل وأدق التفاصيل بدءا من فخامة زى التخرج المصصم من أفخر أنواع القماش ودقة الحياكه التى جاءت على أحدث خطوط الموضة مرورا بتفاصيل صغيرة تتعلق بالتطريز والبادج .. إلخ
إختارت الجامعة دعوات للطالب الخريج بتفاصيل دقيقة تختلف عن دعوتى الحضور لأولياء الأمور ، والحقيقة دعوتى الحضور لاتكفيان لخريج ينتمى إلى عائلة تنحدر من الصعيد ، يجب أن يحتفى به إحتفاءا خاصا ، ولكن كل محاولات زيادة الدعوات باءت بالفشل ، والحق يقال أن الإدارة كان لديها رؤية ووجهة نظر فى ذلك لابد أن تحترم .
الدخول إلى حرم الجامعة يوم الحفل كان أشبه بالدخول إلى مقر رئاسة الجمهورية ، فالجميع كانوا فى إنتظارنا بالزى الرسمى الفورمال ” البدلة ورابطة العنق ” وقد تزينت الجامعة بالورود والأضواء المبهرة وكشافات الليزر وإمتلاءت جنباتها بالشاشات العملاقة التى تنقل الحفل الذى كان يبث على الهواء ” Live ” على موقع الجامعة ، وعند الموعد المحدد للدخول إنتظم الجميع فى صفوف طويلة ، وكانت إجراءات الدخول صارمة جدا مع إتخاذ كافة الإجراءات الإحترازية .
منظر الخريجبن أولادا وبناتا كان مبهجا ومفرحا للقلب ” البنات” تتقافز مثل الفراشات وقلوب أولياء الأمور تكاد أن تنخلع من شده الفرح ، والأولاد غير مصدقين أنهم أنهوا دراستهم الجامعيه وكل منهم يسابق أحلامه
الأمهات فى أبهى زينتهن ، والعطور الباريسية يملأ أريجها جنبات المكان ، الآباء فى أبهى حللهم ، الحقيقه كان المنظر يدعو إلى الفخر وكانه عرس حقيقى ، نقلتنا سيارات الجولف “golf car ” إلى مكان الحفل ، المعد بطريقة تليق بالحدث
وكان هناك ركنا خاصا لتصوير الخريجبن وأولياء أمورهم لأخذ الصور التذكارية بمقابل لمن أراد ، قبل بدء الحفل ، وكانت الموسيقى تصدح بأحلى الأنغام ، بينما تعرض الشاشات للحضور معلومات عن الجامعة وأقسامها ومايميزها عن غيرها من وجهة نظر طلبتها وأولياء أمورهم .. إلخ
كانت ليلة جميلة جدا ونسمات هواء باردة تداعب الحضور ، وكأنما كانت وزانة الذهب ” أم كلثوم ” تجلس بيننا وهى تزن بالعيار كلمات قصيدتها ” أغار من نسمة الجنوب ” التى نظم كلماتها الشاعر الكبير أحمد رامى ولخنها العبقرى رياض السنباطى ، وتقول كلماتها
” أغارُ من نَسْمَةِ الجَنوبِ على مُحيَّاكَ يا حبيبي
وأَحْسِدُ الزَهْر حينَ يَهفو على شَفا جَدْوَلٍ لَعوبِ
وأغْبِط النَهرَ حينَ يَجري على بِساطِ الجنى الخَصيبِ
فَقَدْ تَرى فيهِما جَمالاً يَروقُ عَينَيْكَ يا حبيبي .. إلخ
فى الأماكن المخصصة لـ أولياء الامور صفت مقاعد ثنائية تفصلها مسافة عن الأخرى كإجراء إحترازى ، وقد إخترنا مكانا مجاورا لـ أسرة ” جيمى ” صديق إبنى ، وقد كنا فى شوق للقاء والديه لما جمع بين أولادنا من صداقة ومحبة طوال سنى دراستهم
ورغم تواصلنا هاتفيا إلا أننا لم نلتقى أبدا ، وللأسف جدت مايمنعه من الحضور وحضرت إبنته الكبرى وزوجته ، جلست أمامنا أسرة مكونة من خمسة أفراد صفوا مقاعدهم إلى جوار بعض مخالفين التدابير ، ولم يشأ أحد أن يعكر صفوهم ، الأب يبدو أنه فى بداية الستينات جاء فى زى بسيط
ولكنك لاتستطيع أن تكٌون عنه أى إنطباع إن كان فرحا أم لا ، والأم فى نفس السن أو أصغر قليلا ، وإبن فى الثلاثينات ويبدو أنه صورة ” Copy ” من والده ، وزاد عنه أنه كان متجهما مكفهرا طول الوقت ولا أرى سببا لذلك ، وبنتين فى العشرينات يبدين زينتهن مثل بقيه بنات الحفل ، ولم يبرحوا مقاعدهم مثل بقيه الحضور
وما أن عزفت الموسيقى السلام الوطنى هب الجميع وقوفا ورددوا ” بلادى ، بلادى ، بلادى لك حبى وفؤادى ، مصر يا أم البلاد ، أنت غايتى والمراد ، وعلى كل العباد كم لنيلك من أيادى ” والدموع تملأ المآقى كالعاده عندما يعزف سلامنا الوطنى فى المحافل والمناسبات المختلفة .
وقف المدعوون فى الحفل إحتراما وتقديرا للسلام الوطنى ماعدا الأسرة التى تجلس أمامنا ، لاحظت زوجتى إنفعالى البادى ، وقد ربتت على كتفى وهى تهمس لى دول “سلفية ” أجبتها بإنفعال أيوه يعنى ملة أبوهم إيه وأنا أعلم أن تحية العلم فى إعتقادهم هى تشبه بالكفار ، بل أن الدعوة السلفية تقول أننا لانقف لسماع القرآن فكيف نقف للسلام الوطنى
وياله من عبث وتأكيد على عدم حبهم للوطن الذى يعيشون عليه ، وعدم الفهم انها الرمزية التى نعبر بها عن ولاءنا لبلادنا ، على أية حال ويبدو أن فتاوى السلفيه لم تنته بعد !!
