الآن اصبح اعتياديا وليس استثنائيا ان تشرق شمس يوم عادى يتساوى مع ما قبله وما يليه من ايام الوطن فى ان تطالعنا وسائل الاعلام بالكشف عن فاسد استقوى سابقا بما يهدم جسور الثقة فى مصر الجديدة التى طال انتظارها,
ولم تمنعه القوة والسلطة والمال والمعارف والحصانة من العقاب حال ثبوت تجريم فعله بالقانون,واصبح من الطبيعى عدم توريث الوظائف والمهن والاعمال بل والمواهب! فلا موضع تحقق لوريث لا يملك قدرات وجوده الحقيقية, وعاد نموذج النجاح ملك للجميع, يستطع ايا منا ان يكون كما يريد وفق امكاناته الذاتية وليس حسب ارثه!
وبهذه الممارسة الحقيقية لعدالة النموذج وشفافية الحساب اطمأن المصرى الجديد على حلمه وامله فى مصر الجديدة فتفرغ لبذل الكد والجد سعيا لتحقق حلمه الذى يشبه احلام بقية المصريين ويرسم الجميع – معا – الحلم الكبير الذى بدت ملامح تحققه تلوح فى الافق القريب,
لكن قوة مصر الجديدة كما تستند على الشفافية والعدالة هى ايضا تتطلب دعائم الكد والجد لانهما اساسا العمل الناجح وهما – منطقيا – بدايات ومقدمات لنتائج ثمارها ناضجة وازهارها مورقة, وهاتان الصفتان اللتين من الواجب اتصاف الفعل الجمعى بهما من الضرورة بالتأكيد لصلاحهما ان يكونا ايضا مستندتان على الايمان والاستمرار,
فلا فعل ناجح مبعثه الكد والجد الا وكان وراءه ايمان عميق واعتقاد راسخ بأهميته فى الواقع المجتمعى – اولا – وأثره فى المحصلة الجمعية, ويأتى هذا الايمان من تفنيد الحجج وعرض الدلائل على اهمية الكد والجد فى العمل وضروريتهما فى صالح الفرد والمجتمع معا,
ولا اعنى اختلاق مذهب فلسفى مزيج ما بين النفعية الغربية البرجماتية المادية وبين الشمولية الشرقية المثالية, بل الحق المقصود هو العصف الذهنى الجمعى الوطنى لخلق – او بالأدق عودة – ماهية الشخصية الوطنية وما يتوافق مع تاريخها العميق ونسقها الاخلاقى الاول – انسانيا – وعقائدتيها السمحة, وهويتها الثقافية المشتملة على التراكم المعرفى والثراء الابداعى المتنوع والنتاج الفكرى الذى اسهم فى ارتقاء الشخصية المصرية وتحملها مسئولية الوجود الانسانى عندما تطلب الامر هذا الكد والجد فى مواجهات سابقة وآنية لأعداء الانسانية ,
فلم تصطف قومية من القوميات ولم تتحد جنسية من الجنسيات ولم يضحى شعب على وجه الحضارة الانسانية كما اصطف واتحد وضحى المصريون, وفى التاريخ والحاضر ثراء بالغ بمواقف المصريين, وفى الفعل المصرى ايا كانت طبيعة وصفة هذا الفعل كانت النجاحات التى عبر عنها لسان حال العالم بالمعجزات المصرية,
ومنها على سبيل المثال لا الحصر فى الفعل الجمعى انتصار المصريون على التتار والمغول اعداء التحضر, وصد ودحر الحملات الصليبية – المخادعة باسم الدين- ووقف هجمات الاستعمار – مع التحفظ على هذه المفردة (الاستعمار) – الفرنسى والبريطانى والصهيونى بجولاته الخمس (48 و 56 و 67 و الاستنزاف و 73) هذا كلاسيكيا !
اما بما يسمى بمعارك الحداثة وما بعد الحداثة كحروب الجيل الرابع والخامس ومحاولاتهم فى تفعيل مقولة احد الحاقدين :” ليس من المتعة فى شىء ان تقتل عدوك ! انما المتعة فى ان تجعل عدوك يقتل اخاه ثم يقتل نفسه” وابطل المصريون هذه المقولة رغم وقوع الشعوب المجاورة فى مصيدة هذه المقولة,
الا ان المصريين اجتازوا بالكد والجد فى الفعل هذه المرحلة, وتكرر فعل العبور الذى يجيده ويحترفه المصريون – دائما – ولكن هذه المرة لم يكن عيور من نكسة الى انتصار انما كان بالكد والجد فى الفعل عبورا من الفناء الى الوجود, فكان لزاما على الشخصية الوطنية الايمان بالكد والجد فى الفعل لتقرير المصير,
وهذا هو حال الوحدات الفردية من محصلة مجموع الشخصية المصرية الوطنية, فكان مقتضى الحال يستوجب ايمان كل منا بدوره فى الفعل الايجابى وكده وجده فى انجاح وجوده, وتحول الفعل الوطنى من مجرد مساعى لانجاح الذات ومحاولات لتلبية حاجات ضرورية واخرى رفاهية الى هدف وحيد اسمى واعلى وهو الحفاظ على الوجدود الانسانى للشخصية المصرية,
فهاتين الصفتين فى الفعل الجمعى (الكد) و (الجد) هما اللتان قد حفظتا البقاء اولا, ثم عبرت بالوجود الانسانى من حالة المفعول به الى حالة الفاعل, والفارق ليس فى الجناس الناقص – شكليا- انما هو فى حقيقة الوجود, فقط , وبالكد والجد فى الفعل تتحقق الأحلام, وتتجسد الامانى, وتكون الطموحات محل الوجود الحقيقى وليس سكناها فى الخيال والوجدان, فالبئة المصرية اصبحت صالحة لانبات امثال الحكيم وطه والعقاد والعبقرى الموجى والساحرجاهين وحليم ربابة الوطن والقيثارة ام كلثوم والباز السياسية والباز الفلك ومصطفى السيد قاهر السرطان وزويل مجسد اللحظة وحناجر السماء كالنقشبندى وطوبار والطبلاوى وعبد الباسط والعظيم محمد رفعت
ومن قبلهم كثيرين وكثيرات منهن انجى افلاطون وملك حفنى ناصف وسيزا نبراوى والقادمات اكثر والقادمين كثر, بالكد والجد تبنى العقول مصر الجديدة قبل الايادى , وبالكد والجد تنال الشخصية المصرية مبتغاها فى ان تعود صاحبة الفعل الانسانى كما كان الاجداد والاباء,
والى جوار الكد والجد يجب وجود التقدير والعرفان, التقدير لمن هم بذلوا الفعل والعرفان لمن هم اتاحوا الفرصة وفى القادم ان شاء الله حديثا عن التقدير والعرفان.
وفى القادم ان شاء الله احاديث عن مصر الجديدة والمصرى الجديد.