عبد الناصر البنا يكتب : جراج ماسبيرو .. من تااااني !

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
حاله من البرودة الشديدة التى وصلت إلى درجة القشعريرة بدأت تدب فى أوصالى ممزوجة
بالحزن الشديد والأسى ، بينما أرى
معاول الهدم تمتد لتهدم جراج ماسبيرو بعد أن إقتربت معاول الهدم من عتبات أبواب (1) و (2)
لمبنى ماسبيرو العتيد ،
ولما لا وهو المكان الذى شهد ذكريات مايقرب من الـ ربع قرن من عمرى قضيتها بين جنياتة
وفى ردهاتة ودهاليزة وإستوديوهاتة
وأدوار الجراج الـ ثمانية المتكررة ويشهد بذلك كل من تربى فى مدرسة ماسبيرو مدرسة
الإعلام الأم فى العالم العربى !!
حالة من الحزن الشديد والضيق والصجر تنتاب أبناء ماسبيرو ” تليفزيون الدولة ” لما آلت إليه
الأوضاع فى هذا الصرح الشامخ والخراب
المتعمد الذى بدأ بالإهمال مرورا بتهميش دوره وتفريغه من كوادرة والهجوم الضارى عليه وتصيد الأخطاء من أصحاب الأهواء والمصالح
وقنوات رأس المال
ومحاولات مستميتة للنيل منه وإستباحته وهتك عرضه على قارعة الطريق ، حتى يشرب الجميع حتى الثمالة نخب الإنتصار عليه
والرقص على ماتبقى من أنقاضه ، ولما لا وقد نفضت الدولة يدها عنه وتركته للكلاب الضالة تنهش فيه بدون رادع ولا رقيب .
والحقيقة أننا أصبحنا كمن يؤذن فى مالطة ، فلا أحد يسمعنا ولا صوتنا واضح ، تماما كما كتبت الزميله أمل مختار من قناه النيل
الدوليه على صفحتها فى فيس بوك وهى تتامل المشهد وغبار الأتربه المتصاعد الى السماء  أنها تذكرت فى هذه اللحظه الفرقة
الموسيقية التى كانت تعزف فيلم ” تيتانك ” الشهير ليطمئن المسافرين على متن السفينه تيتانك
وتقول تذكرت كيف كانت الفرقة الموسيقية تعزف الألحان رغم أن تيتانك كانت تغرق ، ولم تغادر الفرقة أو تهرب مع المسافرين الذين
إستقلوا مراكب النجاة للفرار
وقالت غن ماسبيرو أنه سوف يظل على نيل القاهرة يقف شامخا للأجيال حتى لو تغيرت خريطة المنطقة من حوله وتغيرت الأفكار
ولسوف يظل ماسبيرو يصدر صورة مصر الجميلة للآخر
ويظل أبناء ماسبيرو يعزفون ألحان الإعلام الوطنى الكلاسيكى الجاد الذى يرقى بالوجدان .
وليعلم القاصى والدانى أن ماسبيرو ” إعلام الدولة ” أمانة فى رقابنا جميعا ، أمانة حملناها منذ أن وضعت أولى لبناته فى عهد
الزعيم الراحل جمال عبدالناصر فى أوائل الستينات وحملتها الأجيال المتعاقبة من رواد الإعلام ، وإمتد أثرها إلى منطقتنا العربية
بأثرها
بل وإمتد أثرها إلى العالم أجمع ، واليوم ونحن نفرط فيه بعد أن إنفرط عقده فأننا نفرط فى التاريخ ، وأننا جميعا سوف نقف فى يوم
ما أمام محكمة التاريخ ولن تغفر لنا الأجيال القادمة التفريط فى هذا الصرح العظيم صمام مصر وأمانها وأمنها القومى .
إن مايحدث فى ماسبيرو اليوم من إهمال متعمد ، وتفريغ لكوادره ، ومضمونه ، وتحجيم دوره من أجل إفساح الطريق لـ إعلام يرعى
مصالح أصحاب رأس المال لهو جريمة فى حق مصر ، وهى جريمة لن تسقط أبدا بالتقادم وليعلم القاصى والدانى أننا لسنا ضد البناء
وتشجيع الإستثمار وإستقطاب رؤوس الأموال من أجل الإستثمار فى مصر ،
لكن أن يأتى الإستثمار على حساب صرح مصرى شامخ وقف شاهدا ومدونا لكل تاريخ مصر الحديث ، كما كان النيل مصدر رخاء لها ،
وأبو الهول والأهرامات رمزا لـ تاريخها وحضارتها ، فتلك مصيبه كبرى .
ياكل أصحاب الضمير ، أستحلفكم بما تبقى عندكم من ضمير ، أن توقفوا آلة الهدم التى تدور رحاها لتلتهم ماتبقى من مبنى
ماسبيرو ، ياكل الشرقاء فى مصرنا الحبيبة حاكموا كل من أجرم فى حق ماسبيرو تليفزيون الدولة وذاكرة الأمة والمعبر عن آمال
الشعب المصرى وتطلعاته ، وأمنها القومى
حاكموا كل من سمح أن تمتد معاول الهدم لتهدم ” إستوديو التصوير الخارجى المفتوح والحديقة الملحقة به وورش قطاع الإنتاج
ومبنى الإرتكاز الأمنى والجمعية التعاونية للعاملين وومبنى الحضانة ومنفذ مبيعات صوت القاهرة ونقطة الإطفاء والممرات الخارجيه
وصولا إلى الجراج .. والبقيه تأتى ” .
يامن ماتت ضمائركم أليست وزارة الإعلام وزارة سيادية مثلها مثل ” الدفاع والداخلية والخارجية ” لذا وجب علينا أن نحافظ عليها
وعلى ممتلكاتها ؟ ولمصلحة من يحدث هذا فى تليفزيون الدولة ؟
ولماذا كل هذا الصمت الرهيب ؟ وأين الجهات الرقابية والبرلمان المصرى والوزارات واللجان المعنية ، أين الضمير ، أفيقوا يرحمكم الله .
أفيقوا فإن تقدم الدول يقاس بقدرتها على الحفاظ على ماتبقى من تاريخها وآثارها وحصارتها وتراثها الإنسانى الممتد عبر الزمن ،
أفبقوا يرحمكم الله . وانظروا إلى حال الدول التى تبحث لها عن تاريخ فى الوقت الذى نضيع فيه التاريخ بأيدينا !!
أفيقوا قبل أن يأتى وقت لاينفع فيه الندم !!
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.