منذ مايزيد عن 30 عاما عندما وصلت الى هولندا وبعد ذلك انتقلت للعيش في بلجيكا ، كان من بين الامور التي لفتت نظري على مدى عقدين من الزمان ، حرص المواطن البلجيكي او الهولندي على قراءة الكتب اثناء السفر بالقطار او الطائرة او الحافلات الكبيرة بين المدن على عكس الجنسيات الاخرى من الاجانب او المهاجرين سواء العرب او الافارقة او غيرهم وعلى سبيل المثال عندما تستقل القطار مابين بلجيكا وهولندا او او داخل اي دولة منهما كنت ترى السيدة او الرجل الاوروبي ومن مراحل سنية مختلفة يخرج كتابا من حقيبته ليكون هو الصديق والونيس طوال الطريق بينما تجد بجواره وعلى نفس الكرسي شخصين من اصول اجنبية لايتوقفان عن الحديث والثرثرة طوال الطريق وبعد ان يصيبهما الصداع ينام احدهما او كلاهما حتى محظة الوصول
ومع ظهور الهواتف المحمولة بدأ الكتاب يختفي تدريجيا خلال السنوات العشر الاخيرة ، واصبحت ترى في وسائل النقل الداخلية مثل المترو او الحافلة العمومية كل شخص راسه منحنية وينظر الى الاسفل لانه مشغول مع الهاتف وحتى قراءة الكتب اصبح البعض يفعل ذلك على الهاتف المحمول
ولكن هل انتهي عصر الكتاب ؟ السؤال قد يتسبب في حالة من الجدل فهناك اعداد كبيرة تقول نعم وهناك من يرى ان المتعة الحقيقية لاتزال في الامساك بالكتاب في اليد وتقليب الصفحات الواحدة تلو الاخرى اثناء القراءة مثلما الحال مع الصحف والمجلات التي لايزال عدد قليل من الناس يتمسك بعادة شرب فنجان القهوة او الشاي في الصباح وفي يده الصحيفة الورقية .
والسؤال الثاني هو هل فكر احد في مصير محلات بيع الكتب والصحف الورقية ؟ ربما يكون البعض منهم قد قام بالفعل بتغيير نشاطه والبعض الاخر لايزال يدرس الامر ولكن في هنا في بلجيكا وإعتبارًا من العام المقبل ، سيكون من الممكن فتح حساب أو إيداع أو سحب الأموال لدى بائعي الصحف والكتب في بلجيكا.
وتراهن شركة ” نيكل ” Nickel ، وهي شركة تابعة لبنك BNP Paribas ، ” باريباس بنك ” على 1400 نقطة بيع و 300 ألف عميل محتمل ، حسبما أشارت وسائل الاعلام المحلية هنا .وفي الوقت الذي تُغلق فيه البنوك التقليدية المزيد من فروعها وآلات النقد ، تضع شركة Nickel الفرنسية تطورًا في محلات بيع الصحف حيث أبرمت الشركة اتفاقية مع اتحادات تجار التجزئة في بلجيكا من أجل أن تكون قادرة على تقديم العمليات المصرفية في المكتبات وخاصة ان هذا المفهوم موجود بالفعل في فرنسا، حيث تمتلك الشركة 2.1 مليون عميل.من جانبهم، رحب بائعي الصحف المستقلين بهذه الخدمة الإضافية ، حيث إن أعمالهم التقليدية آخذة في التدهور.
كاتب المقال صحفي مقيم في بروكسل عاصمة الاتحاد الاوروبي