عبد الناصر البنا يكتب : المال السايب !!

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
قديما قالوا : المال السايب يعلم السرقة ، وقالوا من أمن العقوبة أساء الأدب ، وهذا الكلام بمناسبة اللغط الدائر حول شبهة الفساد المالى فيما يعرف بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بعد الزوبعة التى أثيرت حول مسلسل ” نسل الأغراب ” للمخرج ” محمد سامى ” ووقف التعامل معه بعد حالة السخرية من المسلسل وأبطاله طوال فترة عرضه .. إلخ
مواقع كثيرة كتبت عن تحقيق وإقالات فى” المجموعة المتحدة للخدمات الإعلامية ” المملوكة لـ تامر مرسي ، وشركة “سينرجي” للإنتاج الفني ، لوجود “شبهة إهدار مال عام” في الأعمال الدرامية ، قيمته 800 مليون جنيه.. إلخ
الشركة المتحدة وكونها مملوكة لأحد الجهات السيادية أو شركة ” سينرجى ” للإنتاج الفنى لاتعنينى فى شىء ، أنا مايعنينى المال العام ، وأتساءل : مامعنى أن تصرف دوله تحاول أن تنهض من عثرتها وتصارع الزمن لتعويض مافاتها أن تنفق ” مليارات ” سنويا فى إنتاج درامى لايقدم ولا يؤخر فى واقع نعيشه ؟ وكما نسب قول لفضيله الدكتور أحمد الطيب ولا أدرى مدى حقيقته أنها لو أنفقت على الواقع نفسه لغيرته ، ما معنى أن أنتج مسلسلا أو إثنين لعمل وطنى وعشرات المسلسلات لاتخلو من الإسفاف والفسق والفجور والحجه جاهزه أن الدراما هى فن تجسيد الواقع . أى واقع هذا الذى تتحدثون عنه .
مامعنى أن أقتل عن “عمد” قطاع الإنتاج فى التليفزيون المصرى بكل تاريخه وأعماله التى صدرت للعالم القوى الناعمة المصرية والقيم والمبادىء للأسرة المصرية والعربيه دون إسفاف ، وغيابه القسرى عن ساحة الإنتاج الدرامى بعد أن ظل لسنوات طويلة هو المسيطر الوحيد على الإنتاج الدرامى والفنى فى مصر والعالم العربى ، منذ تأسيسه عام 1985 محدثاً طفرة كبيرة فى إنتاج الأعمال الدرامية المرئية من ” مسلسلات وأفلام روائية وتسجيلية ورسوم متحركة ” ، طبقاً لسياسة إعلامية متكاملة وفقاً لميثاق الشرف الإعلامى والمبادئ والقواعد التى تحكم إنتاج هذه الأعمال .
قطاع الإنتاج الذى أنتج 15 ألف ساعة من الأعمال الدرامية مثل ” الشهد والدموع ـ رأفت الهجان ـ وليالى الحلمية ـ دموع فى عيون وقحه ـ عمر بن عبدالعزيز ـ الزينى بركات ـ الأيام ـ المال والبنون ـ وآخر روائعة مسلسل عائلة الحاج متولى ” إضافة إلى 400 فيلم روائى منها ” الطريق إلى إيلات ” وأيضا 600 فيلم تسجيلى ، وكانت لديه بنية تحتية أساسية من إستوديوهات مجهزة بوسائل الإعلام الحديثة داخل مبنى ماسبيرو ، وبمدينة الإنتاج الإعلامى ، إضافة إلى الكفاءات البشرية من فنيين ومخرجين ومعدين من مختلف المجالات الإعلامية ، وأسهم فى إنتاج أروع الأعمال التى قدمت على مدار سنوات طويلة ، أفيقوا .. ولمصلحة من ؟ لمصلحة شركات تتحدث بإسم الجهات السيادية فى الدولة وهى تسىء إلى الدولة نفسها !!
من الذى قتل قطاع الإنتاج فى التليفزيون المصرى .. بل من الذى قتل التليفزيون المصرى نفسه ؟
التليفزيون المصرى أو ” إعلام الدولة” كما يطلق عليه هو ” خط أحمر ” لأنه أمن مصر القومى ، ولأنه “ذاكرة الأمة ” ولأنه المعبر عن آمال وتطلعات وأحلام الشعب المصرى ، لمصلحة من تأخذ الشركة المتحدة أو مايسمى ” إعلام المصريين ” تردد القناة الفضائية المصرية جهارا نهارا بحجة التطوير ؟ وتوفر بل وتسخر لها كل الإمكانيات الهائلة والإنتاج الضخم ، ولايجد أبناء القناه 1/100 من هذه الإمكانيات ؟ ما الذى جناه أبناء ماسبيرو حتى يعيشوا على الكفاف ويعملوا فى ظروف إنتاج لايصدقها عقل بشر ووفقا لإمكانيات لايمكن بأى حال من الأحوال وفقا للأمور العادية أن يرى برنامج واحد منها النور ، بل مطلوب منهم ” المنافسة ” ومن أين تأتى المنافسة وكل أسباب الفشل موضوعة أمامى .. وننافس . وهل ترسخ فى ذهن متخذ القرار أن هذا الكيان فاشل ؟  .. ويبقى السؤال : هل قام أحد بتقييم جدوى هذا التطوير والعائد منه ؟

أسئلة كثيرة تبدو حائرة ومنها على سبيل المثال مبنى الإذاعة والتليفزيون ” ماسبيرو ” هو ” أمن قومى ” .. هل يعقل أن يقتطع ” ثلث ” هذا المبنى من أجل تطوير مثلث ماسبيرو ؟ وماذا تملك مصر فى حصة مثلث ماسبيرو حتى يقتطع ثلث مبنى التليفزيون ؟

من ناحية ثانية أنا اعلم أن الدوله تتدخل لـ ” تمنع الإحتكار ، الجشع ، غلاء الأسعار ، تتدخل لـ تضبط الاسواق ولها الحق فى ذلك ” إنما أن تتدخل الدولة كشريك ، وتنافس وتعمل ” بيزنس ” فى أمور بعينها وتعطى صلاحيات لأشخاص للحديث بإسمها دون أية رقابة أو محاسبة أو شفافية من الجهات الرقابية عليهم ، والأمر لم يتوقف على الإنتاج الفنى والدرامى الذى ” فشل ” بل فى أمور أخرى كثيرة لايجد المواطن حيالها سوى الصمت.. حقيقة هذا الأمرجديد .!
عندما يتعرض المواطن للإبتزاز فى المرور من شركات تابعة للدولة مثل ” شركه أمان ” ويدفع صاغرا مبالغ هى أقرب إلى الجباية عند ترخيص سيارته ، فهذا أمر يجب النظر إليه بعين الإعتبار ، اما سياسة التعتيم وإكفى على الخبر ” ماجور ” وتقفيل الدفاتر هى سياسة غير مجدية وخاصة فى هذا الزمن الذى لابد فيه من المصارحة والمكاشفة ، على الأقل لعدم إثاره اللغط . وفتح الطريق أما القيل والقال .
ولعلنا نتذكر ما أثاره الإعلامى الأستاذ جمال الشاعر فى كتابه ” إعمل عبيط ” الصادر عام 2009 عن موضوع التبرعات التى تذهب إلى مستشفى علاج السرطان 57357 ولا أحد يعلم عنها شيئا ، وهو نفس الموضوع الذى أثاره الكاتب الكبير وحيد حامد ” رحمه الله ” فى عام 2018 وقال : إن هناك شبهة فساد وإهدار مال عام وأقفل الموضوع ومنع النائب العام النشر فى القضية .. إلخ
بكل تاكيد لابد من فتح تحقيق فورى فى كل ما أثير حول شبهة إهدار للمال العام فى دراما ومسلسلات رمضان ومحتواها الفنى الذى يتنافى مع قيم وأخلاق المجتمع المصرى تطبيقا لمبدأ الثواب والعقاب ، وأدعو الله أن يمد فى عمر الإعلامية القديرة أستاذتنا سناء منصور التى علمتنا أن مصر يجب أن تقدم فى أبهى صورة وكانت دايما تقول ” ماينفعش ننشر غسيلنا الوحش قدام الناس “
مصر لازم تظهر بالشكل الذى يليق بها ولذك تكن أبدا لتقبل أن يبث ولو مشهد واحد مدته ” ثوانى ” على شاشة القناة الفضائية المصرية يمكن أن يسىء لمصر .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.