جيهان عبد الرحمن تكتب : العودة للحياة

قرابة الشهر ونصف الشهر مع كورونا إما مصابة أو مخالطة وراعية لأفراد أسرتي فتعلمت من التجربة القاسية أن فقدان حاستي الشم والتذوق يفقد الأشياء أصلها حتي لو كانت شاخصة بين يديك, حتي لو كانت أجمل ما تشتهي الأنفس في الأوقات العادية. الأمر لا يتعلق بالطعام والشراب في ذاته لكن ممكن أن يمتد لكل ما هو متعلق بالحياة, أن يكون ما بين يديك نعمة كبري لكنك إما لا تشعر بها ولا تقدرها حق قدرها, أو أنك تشعر بها ولكنك تفقدها علي حين غفلة, بدي لي الأمر أعقد واعمق من مجرد محنة مرض عابره.
في مراحل التعافي والعودة للحياة  وأحداثها اكتشفت أن تلك القاعدة البسيطة ممكن أن تنطبق علي كل شيء في الحياة من الممارسات العادية اليومية إلي الدراما وخاصة الرمضانية وقد كنا في رحاب الشهر الكريم إلي السياسة خاصة العدوان الصهيوني الغاشم علي فلسطين في حرب تجاوزت الأسبوع الثاني وتخطت خطوطها الحمراء.
مثال الدراما الرمضانية المبالغ فيها والخالية من أي قيمة وعمق والتي عمدت علي تزييف الواقع وخاصة أهلنا في الصعيد من مأكل وملبس وأسلوب حياة قدمت عالم خيالي لا علاقة له بالواقع ويمكننا القول: إنها قدمت شهادة وفاتها وهي تظن أنها تقدم فنا جميلا ومؤثرا, شتان بين ما تم تقديمه هذا العام تحت عنوان نسل الأغراب وبين عمل درامي راق ينقل لنا عمق الصعيد بشخوصه وهو مسلسل غوايش الذي عرض عام 1986 تأليف محمد جلال عبد القوي وكلمات سيد حجاب بطولة صفاء أبو السعود وفاروق الفيشاوي والعمالقة نبيل الحلفاوي وزوز نبيل وعبد البديع العربي وأحمد راتب وتصادف أن تعيد قناة ماسبيرو زمان عرضه وكأنها أرادت عن طريق المنهج الخفي عقد مقارنة بين عمل تم إعداده . أظن أنها فترة مرض أفتقد كل الحواس الفنية مستغلا عوامل إبهار من أسماء نجوم إلي وفرة في الإنتاج ومكياج مبالغ فيه لا يصدقه عقل, وعمل أخر قدم في فترة صحوة ونضج فني اكتملت له عناصر المصداقية رغم فقر عناصر الإبهار والإنتاج وربما كنا لا نقدرها قدرها لولا ما نشاهده اليوم تحت مسمي أعمال دراميه. ونحمد الله علي عودة حاستي الشم والتذوق.
علي هامش تداعيات العدوان الإسرائيلي علي غزة وأهل فلسطين أعلن الصحافيون الأجانب المقيمون في قلب إسرائيل غضبهم لقيام قوات الاحتلال بتضليلهم عمدًا حيث أعلنتهم بعد منتصف ليل الجمعة الماضية رسميا ببدء الهجوم البري علي قطاع غزة وعلي أثرها نشرت كبريات وسائل الإعلام الدولية أخبارا عاجله عن توغل بري إسرائيلي في غزه لكن بعد ساعتين من ذلك الخبر أعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته لم تدخل غزة بل إن المتحدث باسم الجيش جوناثان كونريكوس اعتذر للصحافيين الأجانب عن تضليلهم وخداعهم وأكد أن الهدف كان خداع حماس كي يدخل قادتها في الأنفاق ليسهل قتلهم فيها. وكأن جيش الاحتلال الذي يروج لنفسه دائما الدهاء والذكاء وكل أفعل التفضيل في العالم, لا يعلم أنه في عالم السماوات المفتوحة والأنترنت من السهل التأكد من صحة الخبر علي أرض الواقع, ومن أكثر من مصدر في أقل من دقائق لا ساعتين كما أنه يعلم ان قادة حماس جميعهم في الخارج يحاربون بالمؤتمرات الحماسية من الدوحة, بينما هو يعمل ألة القتل في المرابطين الحقيقيين لأخر نفس هم أهل غزة والشيخ جراح وباقي بقاع فلسطين المحتلة.
لكن يبدو أن جيش الاحتلال كان يريد اقتباس خطط الرئيس الراحل محمد أنور السادات إبان حرب أكتوبر المجيدة وما تعمد إذاعته من أخبار تنفي نية الحرب مثل سفر قادة الجيش المصري لأداء مناسك العمرة، وغيرها من عمليات التمويه التي كانت جميعها في محلها وأتت أكلها, لأنها ببساطة استندت إلي عوامل نجاحها في المضمون والتوقيت ودراسة شخصية العدو الذي مهما فعل لن يمحو عنه فكرة الغاصب المحتل, فهو حالة مرضيه تحمل في ذاتها جينات هلاكها ويظن أن حواسه تعمل بكفاءة لكن الحقيقية أنه مهما حقق من انتصارات وهميه علي أرض الواقع فجميعها إلي زوال بإذن الله.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.