عندما تفقد المرأة شريكها تتحول – بطيئا او سريع او فى نهاية الامر – الى رجل وتتناسى كونها أمرأة وتلك كانت مشاعرى وصفاتى بعد انقضاء فترة السكون التى كنت فيها حزينة على فراق والدى واخى وشريك عمرى الذى ترك لى ولدين وابنة فى مراحل المهد وكان على الوفاء لحبيبى فى رعاية ابنائه فوهبت عمرى كله لهم كنت ابا يقضى فى امورهم تماما كما كان سيفعل هو وكنت قوامة على حاجاتهم تماما كما يريد شريكى الراحل الذى كنت انتظره ليلا لاشكو له فتورعزيمتى التى اتجمل بقوتها – كذبا – امامهم حتى لا ينفلت الزمام من بين يدى وهو دائما ما يشد من عضدى ويلهب حماستى فى ان اكن بمائة رجل, فدائما قبل ان يغادرنى كل ليلة كان يقولها مرات كثيرة حتى انها كانت هى اجاباته على سؤلاتى له: كيف اتصرف فى الامر كذ؟ والموضوع كذا؟ واتشوق لمشورته واتلهف لاجاباته, فكان يرد: انا سايب لاولادى ام بألف راجل, حتى خارت قوى الالف رجل عندما رأيت ابنى ممدا فى دمائه على فراش الموت يرحل الى ابيه, فعدت امرأة من جديد تحزن على زوجها واما تجزع لفراق وليدها, وهنا صرت الف امرأة تبكى بالف قلب على فراق الاحباب “السند, وضى العين”.
السيدة سلوى فهيم عبد العزيز البسيونى والدة الشهيد احمد حسين سيد احمد حسن:”ابنى الشهيد كان رئيس مباحث شربين الدقهلية وهو نجل اللواء الشهيد , الذى توفاه الله اثناء وبسبب الخدمة فقد اصيب بنزيف فى المخ فى مكتبه وتوفى على اثره فورا فى 27/5/1988 وكانت اصابته ووفاته فى رمضان ايضا كما استشهد ابنى فى 17 رمضان, وكنت اعمل مهندسة زراعية ومديرعام الزراعة بالدقهلية ووهبت حياتى وفاة زوجى لتربية اولادى احسن تربية بشهادة الجميع من الاهل والجيران, واخت الشهيد الدكتورة سالى طبيبة بالخدمات الطبية بوزارة الداخلية, واخوه العقيد سامر بشرطة الكهرباء, وارملته الدكتورة دينا رياض الرفاعى مدرس مساعد بكلية الآداب, وابناء الشهيد الطفل ادم والطفلة جودى”.
وعن حياة الشهيد تحكى:” تربى ابنى على المبادئ والأخلاق والدين السمح وحب الوطن والتضحية والفداء وحب الناس ومساعده المحتاج وقضاء حوائج الناس,وكان ابن بار بوالدته وذكرى والده, واخ حنون لاخواته, وزوج مثالى واب حنون بأبنائه, وصديق مخلص لزملائه, ومتعاون مع جيرانه حتى انعنم من فرط حبهم به اقاموا له العزاء بعد ما اقامت اسرة الشهيد عزائه”.
وتحكى السيدة سلوى عن دراسته وعمله:” امضى حياته الدراسية بنجاح وتفوق خلال مراحلها الابتدائية والاعدادية والثانوية واراد الالتحاف بكلية الشرطة حتى يكمل مسيرة والده الذى كان يفتخر بسيرته امام الاهل والزملاء, والى ان تخلرج فى كلية الشرطة واصبح ضابط شرطة برتبة ملازم, وعين بمديرية امن المنيا وعمل بها ثلاث سنوات كضابط مباحث, ثم نقل الى مديرية امن الدقهلية فكان ضابط متميز فى عمله ناجح, شريف, مجتهد, ولكفائته تولى المناصب والوظائف الاعلى لرتبته بأسام ومراكزمديرية الدقهلية, فكان معاون مباحث شربين, ورئيس وحدة تنفيذ الاحكام بمركز شربين, ورئيس مباحث شربين (كان اصغر رئيس مباحث فى الجمهورية), ثم رئيس مباحث دكرنس وبعدها بنى عبيد, فرئيس وحدة المخدرات لجنوب الدقهلية, واخيرا رئيس مباحث شربين منذ 2012 حتى 12 2017 , واستشهد على يد الخونة الجبناء وكانوا ملثمين على دراجة بخارية أصابوه بسلاح بندقية آلى اثناء توجهه لعمله فى الفترة المسائية يوم 17 رمضان”.
وبصوت فخور تقرأ الام من تقرير مدير الأمن عن استشهاد ابنها المقدم احمد حسين:”.. كان سيادته من الضباط المشهود لهم بالكفائه, فقد حصل على العديد من المكافأت والتكريمات من الوزارة خلال فترة عمله, اولها بتاريخ 9/4/2005 واخرها 6/4/2016 وكان تكريم السيد وزير الداخلية للشهيد لادائه المتميز وذلك فى عيد الشرطة, كما حصل الشهيد على العديد من الفرق التدريبية فى مجال البحث الجنائى وعديد من المجالات اولها 2003 واخرها 2016, ويذكر انه كان من الضباط المستهدفين جنائيا و سياسيا, وحصل على فرقه تأمين المدن بايطاليا وذلك لكفائته وادائه المتميز من 24/4/2017 و سافر إلى ايطاليا مع اعضاء الفرقة وعاد في 13/5/2017 اى قبل استشهاده بأقل من شهر واستشهد على ايدى اثنين ملثمين يستقلون دراجة بخارية امطروه بوابل من الرصاص بسلاح آلى” وتبكى الام الصابرة بعد ان تتلو تقرير وزارة الداخلية عن وليدها البطل, وتبدأ فى سرد صفات الشهيد:” .. كان دمث الخلق, متواضع, وكان ابن بار حنون عطوف وكان اخ سند لاخوته وصديق مخلص وزوج مثال للاخلاص واب يحب اولاده جداً عطوف محترم مؤدب كان بشوش الوجه حلو اللسان كان يتعامل بروح القانون والنصح والارشاد واحب عمله فاحبه الله وحبب فيه الناس فكان يسعى فى عمل الخيرات وقضاء حوائج الناس, ومن المتصدقين فلا تعلم يمينه عن شماله شئ, واحبه اهله وجيرانه واصحابه, وكان لا يخاف فى الحق لومه لائم, كان انضف واطهر قلب, وجميل فى كل شئ, الشهامة والرجولة هما عنوانه, فكان من الابطال الذين لهم شعبية كبيرة وسط اعالى المنطقة, ويضرب به المثل فى الاحترام للاخرين والانضباط فى عمله والخلق الحميد فى تعاملاته فى محافظة الدقهلية, كان امنيته فى الحياة ان ينال الشهادة, ونالها, وكلمته الشهيرة” نموت وتحيا مصر لانها لو ضاعت ضعنا كلنا”, جنازته كانت مهيبة وعزائه غيرعادى, وثانى يوم من عزائه قام اهالى شربين بعمل عزاء له بمركز شربين ودعونا لحضوره لنعزيهم فى فقيدهم وكأنه ابن لكل اسر شربين, فرأيت كيف أحب الناس ابنى, ومع العلم ان شربين ليست بلده انما كانت مسقط راسه المنصورة التى حزنت عليه ايضا”.
غن امنية الشيهد الوحيدة تحكى والدته:”.. الشهيد كان دائما يتمنى ويدعو الله ان ينال الشهادة وان يصطفيه الله مع الشهداء, وكنت ازعل منه و ابكى واقوله ” ليه كده انت واخواتك اللى تودونى وتدفنونى” وكان يرد على ويقول لى: ” الشهادة مش لأى انسان, الشهادة للى بيحبهم ربنا, الشهداء دول كلهم صفات واحدة ملائكة بتمشى علي الارض اصطفاهم الله, اللهم ارزقنى الشهادة”, واخر مرة طلبها ودعاها يوم حادث كنيسة الاسكندرية استشهد فيها احد اصدقائه وقال “يا بخته عقبالى يارب واحتسبنى عندك من الشهداء يارب” و كان فى شهر ابريل2017 وبعدها بشهرين استشهد كأن كانت ابواب السماء مفتوحة, ونال الشهادة التى كانت طوال عمره يتمناها, رحم الله الشهيد الذى كان حريص على احترام الصغير قبل الكبير وكان مثالاً يحتذي به فى حب الناس وحب البلد ونموذجا فى الايثار والتضحية بجهده وماله ووقته للاخرين حتى ضحى بروحه من اجل وطنه وناسه”.