أين تشكّلت هذه الهوّة السّحيقة؟ هذا اليم الدّفين الحالك السّواد؟ من أين أتت أمواج الشرور الكامنة، المتربصة، الهالكة المُهلكة؟ كيف استجمعت قواها الهادرة في النفس الضعيفة الفانية؟ كيف تسكن جسداً أبدعه الخالق “في أحسن تقويم”؛ تشكّل “في صورة الرب” عبرةً للعالمين؟ ولماذا هذا العنفوان الهادر لهذه النفس “الأمارة بالسوء”؟ كيف لها بالسّلب والنّهب وسفك الدماء؟ باستباحة المال والعرض وسمعة الأبرياء؟ بتحيّن الفرص للانقضاض بلا رحمةً أو رجاء؟ كيف ولماذا ومتى ومن أين نبت هذا الوحش الكامن في النفس “الراضية المُرضية”؟ ألا من سبيل لترويضه؟ لكبح جماحه؟ بالأخلاق الحميدة حاولنا، بالدِّين القويم ثابرنا، بالنّصح والإرشاد المرة تلو الأخرى كررنا. لكنه سريعاً ما يرتد، وحشاً أكثر ضراوة عن ذي قبل؛ أكثر فتكاً وافتراساً لدماء الأبرياء الساكنين المستكينين.السابق بوست