منال قاسم تكتب : دراما رمضان ، والحنين للماضي !

منال قاسم

سؤال يشغلنى منذ بدأ إذاعة الدراما الرمضانية هذا العام وربما عدد من الأعوام السابقة ..

هل مجتمعنا اختل نفسيا .. أم مايحدث في المسلسلات مجرد مبالغات لجذب عدد كبير من المشاهدين ؟ وماذا عن طبيعة المشاهد والأسرة التى تقبل أن يرى أبنائها مثل تلك النوعية من المسلسلات بشخصياتها المنحرفة الشاذة نفسيا ؟

هل أصبحت العلاقات بين الناس فى مجتمعنا كما تقول الدراما .. أم هو تراجع في كتابة الدراما الهادفة بعد غياب كتاب الدراما الكبار مثل أسامة أنور عكاشة ، ومحمد جلال عبد القوي ، ووحيد حامد ،ومحمد صفاء عامر ، ومحفوظ عبد الرحمن ، وغيرهم من كتاب الدراما العظام ؟

لم أجد شخصية معتدلة أو قصة طبيعية تتماهي مع حياتنا العادية  وحياة أهلنا الطيبين !! ولا أفهم .. ما هي الرسائل المراد توصيلها للمشاهد في هذه الدراما .. ؟ أظن وليس كل الظن إثم أنها رسائل سلبية وراءها هدف خبيث ربما يكتشفه المشاهدون بعد فترة قصيرة !

فمثلا في مسلسل ضد الكسر .. الصديقة تخون صديقتها والأخت عندها ابن غير شرعي وابوه شخص موتور ، والزوج المخدوع لم يطلق زوجته بعد  ، وعمال الكمباوند كلهم متآمرين .. هل هذا مجتمع الكمباوند ؟ لا اظن فنحن نحيا وبيننا أهل وأصدقاء يعيشون في أماكن مشابهة وكلهم  ناس طبيعين مثلنا تماما

أما عن مسلسل ملوك الجدعنة مؤامرات وفضائح وسجن وقهر وقتل .. لماذا ؟ لا أعرف هل هذه هي الحارة الشعبية المصرية  ؟

اللى مالوش كبير .. كل شخصيات المسلسل كاريكاتيرية مبالغ فى أدائها والأحداث أغرب

أما مسلسل لعبة نيوتن .. فحدث ولا حرج الابطال الثلاثة منى زكي ومحمد ممدوح ومحمد فراج كلهم شخصيات غير طبيعية شاذة مشدودة والتحويلات فيها من النقيض إلي النقيض هذا غير شخصية بدر العجيبة غريبة الأطوار وصديقته الغريبة !! لا أدرى ما سر إعجابها واستمرارها إلا أن الجميع مجانين فى المسلسل

حتى مسلسل زيزى .. شخصية أمينة خليل المجنونة التى لا تجد تفسير مقبول لشطحاتها والأغرب أن تجد بعض الناس معجبين بالمسلسل

وفي نجيب زاهي زركش .. فتاة القهوة .. المفترض أنها من الشباب المثقف فهي  شاعرة وناشطة .. تحدث والدتها تليفونيا ” ماما مسمعتش التليفون أصلى كنت بتجوز إبقى قولى لبابا ”   كيف لنا استيعاب كل هذا الكم من الأمراض النفسية في المسلسلات التى لم اجد بينها وبين مجتمعنا اى تشابه ؟ فهناك فرق بين أن الشخصيات تكون مختلة وأن الأحداث تكون فيها تطورات درامية تصاحب تصاعد الحدث

أين تلك المسلسلات من التلفزيون زمان عندما كانت الأحداث ذات حبكة درامية اين نحن ومجتمعنا من تلك  الأعمال التى  أصبح من قبيل العيب وصفها بالفنية أو الدرامية .. كيف لنا أن نقرأها أو نستوعبها بمقاييس مجتمعنا ؟ ناهيك عن تقييمها مابين الجيد والردئ .. كيف لها أن تمر فى سياقها الطبيعى بعيدا عن الركاكة والافتعال ؟

على مدار العقود الماضية كانت الدراما أحد أهم عناصر ترسيخ التقاليد والأعراف للمجتمعات مما يجعلها مادة خصبة للصراع الدرامى على الشاشة ، وعلى مدار سنوات طويلة طالع الجمهور أعمال وأسماء الكثير من الكتاب  والمراجعيبن التاريخيين فى أعمال لا تنسي وأعمال اجتماعية تمثل لسان أهل مصر وتقاليدهم وملابسهم وفترات من تاريخهم وكافة أوجه حياتهم    مثل ليالى الحلمية وأرابيسك والشهد والدموع

ولما كانت هذه الأعمال ذات شعبية كبيرة لدى المشاهد والأسرة المصرية فقد ركز عليها صناع الدراما فى وقت ما  غير أن المدقق للحالة التى آلت إليها صناعة الدراما فى الأعوام القليلة الماضية سيلاحظ كيف اختفت تلك الأسماء وأصحابها من شارات المسلسلات الصعيدية والشعبية واختفى معها كل ملمح للدقة والجدية .. فالأعمال الموجودة الآن تخلو من الدقه سواء فى اللغة أو الملابس أو حتى الديكورات .. هي مجرد ابهار بصرى مبالغ فية وألوان صارخة  ومكياچ غريب  عن المجتمع الصعيدى مثل مسلسل نسل الاغراب دون اى اهتمام بالسياق الدرامى حتى يكون هناك شفيعا لهذة البهرجة المفرطة

المسلسلات القديمه الحديث عنها ليس مجرد حنين للماضى ولكنها كانت هى القريبة لواقع الأسرة المصرية

اعتقد أنه على منتجى الأعمال الدرامية أن يبحثوا عن قصص واقعية تمثلنا أو تضيف افكار وأنماط افضل للمجتمع .. حافظوا على روح  مصر يرحمكم  الله

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.