عندما تمتزج أجراس الكنائس وصوت الأذان وشهر رمضان يعانق أحد الشعانين والصوم الكبير وسبت النور
هنا تكون مصر وهنا يكون شعب مصر الذي يحتفل بأعياده حيث تتلاحم أرواح المصريين مسلمين وأقباط في عادات متوارثة مميزة لايعرفها إلا من عاش في مصر فهى ترسم ملامح الشخصية المصرية التي لا تتغير ولا تتبدل ، بل تهضم كل وافد وجديد عليها ليصيح منها ومن شخصيتها
ومع امتزاج الأعياد وجمالها .. اشترك المصريون هذا العام فى أعيادهم وصيامهم حيث تزامن الشهر الكريم للمسلمين مع طقوس الصوم الكبير واحتفال الإخوة الأقباط فى الثانى من مايو واعياد الربيع وهى مناسبات اشترك فيها جموع الشعب المصرى واعتبروها مناسبات قومية ، لن يعكر صفوها قلة تفتى أو تدعى حرمانية الاحتفال أو بطلان التهنئة .. فأى محاولات لبناء حاجز بين عنصري الأمة لن تنال إلا الإهمال والتجاهل، والعكس صحيح
فقد باءت محاولات سابقة كثيرة بالفشل ، ونشأ عن تلك المحاولات حالة انصهار روحية منذ العصر الفاطمي وخاصة عندما كانت تتزامن فترات صوم الإخوة الأقباط مع مناسبات المسلمين الدينيه حيث كان الأقباط يوزعون الحلوى على الجميع احتفالا بالأعياد المشتركة
طقوس جميلة وشراكة وطن فلا عجب أن ترى أقباط يصومون رمضان ومسلمين يحتفلون بالجمعه العظيمة ويطلقون عليها الجمعة الحزينة ، وسبت النور الشهير والذى يتشارك فيه الجميع .. وارتبط بتكحيل العيون للسيدات
إضافة إلى اللفتة الجميلة والتى كان يتبناها أخوه أقباط وكنائس شهيرة قبل جائحة كورونا وهى موائد الوحدة الوطنية وكانت إما أن تكون بين الأصدقاء والجيران أو جماعية لكل ضيوف الرحمن من غير القادرين أو المغتربين كما يحلو لنا أن نسميها وكانت اشهر اماكن لتلك الموائد حى شبرا والزيتون وهى الأحياء الاكثر كثافة سكانية من الأخوة الأقباط والتى كانت فكرة العظيم البابا شنوده الثالث رجل الدين المعتدل الحقيقى
هذا التقليد الجميل فى مشهد بديع لا تجده إلا فى مصر فى صورة تكشف عن عمق الهوية المصرية وحسن العلاقة
فى هذا العام اجتمع أهل المحروسة بكافة طوائفهم على بهجة الاحتفالات رغم ظروف الجائحة لكنها المحبة التى لا تمنعها أوبئة .. محبة تظهر مدى التكافل والود وحدة مصير لا يفرقها أحد مهما حاول التسلل داخل هذا النسيج والجسد الواحد الذى لايسأل فيه أحدهم عن دينه أو هويته فما أجمل أن تتلاقى الأصوات وتتلاقى القلوب وتجد الموده والقلوب الصافية التى يحاول تشويهها أصحاب العقول والأفكار المسمومة والخارجين على تعاليم الله ..
بالحب قد عرفت نفسي وبالحب قد عرفت الله.. كل عام ومصر بخير فى هذا العام كما تلاقى صومنا تتلاقى قلوبنا دائما وتبعد الكراهية التى يحاول البعض زرعها ولكن قلوبنا الطيبة المؤمنة تحرق كل الأحقاد ومحاولات الفرقة لأننا نحمل داخلنا جميعا چينات أمة علمت البشرية التسامح والتدين بمعناه ومضمونه الحقيقي