دعونا نتفق منذ البداية على أن مصر كنز حضارى لايمكن أن يتخيله أحد ، وليس من السهل أن يبوح بسره لأحد ، وأن ماتم إكتشافه من آثار مصرية حتى الآن لايمثل أكثر من 10% من إجمالى ماتحويه مصر من آثار تمثل مختلف الحقب والعصور التى مرت بها الحضارة المصرية سواء حضارات ” ماقبل التاريخ ـ الأسرات الفرعونية القديمة والحديثة ـ اليونانية ـ الرومانية ـ القبطية ـ الإسلامية .. إلخ ” .
الحقيقة .. أنه بعد أن إتجهت أنظار العالم كله إلى مصر بالحدث المبهر الذى طال إنتظاره ” نقل المومياوات الملكية ” من المتحف المصرى فى التحرير إلى المتحف القومى للحضارة بالفسطاط ، فاجأتنا البعثة المصرية المشتركة بين مركز الدكتور زاهى حواس للمصريات التابع لمكتبة الأسكندرية والمجلس الاعلى للآثار بالإعلان عن كشف أثرى جديد قيل عنه : أنه يعد تانى أهم إكتشاف بعد ـ توت عنخ آمون ـ
الدكتور زاهى حواس وزير الآثار الأسبق ورئيس البعثة قال : إن الإكتشافات الفرعونية الحديثة تثبت للعالم كله أن الحضارة المصرية ليست حضارة موت بل حضارة حياة ، البعثة المصرية وفقا لبيان الوزارة هى صاحبة الفضل فى هذا الكشف الأثرى الحديث ” المدينة المفقودة ــ مدينه صعود آتون أو إشراقة آتون أو المدينة الذهبية ” كما قيل عنها ، وهى أحدث إكتشافات العصر الفرعونى تحت رمال البر الغربى فى مدينه الأقصر ، وهى مدينة يعود تاريخها إلى عهد أمنحتب الثالث أى منذ حوالى 3000 عام تقريبا .
الدكتور زاهى حواس والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار والفريق المرافق لهم أعلنوا أن المدينة تعد أكبر مدينة على الإطلاق فى مصر الفرعونية والتى أسسها أحد أعظم حكام مصر وهو الملك ” أمنحتب الثالث ” الملك التاسع من الأسرة الثامنة عشر ، الذى حكم مصر من عام 1391 حتى 1353 ق.م ، وتعد أكبر مستوطنة إدارية وصناعية فى عصر الإمبراطورية المصرية على الضفة الغربية للأقصر ، حيث عثر بالمدينة على منازل يصل إرتفاع بعض جدرانها نحو 3 أمتار ومقسمة إلى شوارع .. إلح ، وفقا للبيان الرسمى لوزارة السياحة والآثار على موقعها الرسمى الذى عرضت فيه تفاصيل هذا الكشف الأثرى الهام
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=3980277112017909&id=172009302844728&sfnsn=scwshmo
والحقيقة .. أن هذا البيان جميل جدا ، وخاصة أنه يعطى قبلة الحياة للبعثات المصرية ، ولعلماء الآثار المصرين وأنهم يقفوا على مسافة واحدة من علماء الآثار فى العالم ، وأيضا يجعل مصر فى دائرة الضوء بل وفى محط أنظار العالم . لكن المثير للجدل ، أن يخرج علينا بعض علماء الآثار والباحثين فى علم الآثار المصرية ، ويؤكدوا بالأوراق والمستندات والأبحاث التى سبق نشرها أن ما أعلن عنه من إكتشافات أثرية حديثة ماهو إلا حقائق معروفة من قبل ، وكانت محصلة حفائر أثرية تمت فى هذه المنطقة على إمتداد 100 عام على أيدى علماء مصريات وباحثين أجانب ، ولم يشر البيان إلى أى واحد منهم ، وفقا لما تقتضيه الأمانة العلمية .
وأكدوا أن الحديث عن مدينة مفقودة غير دقيق ، لأن المنطقة كانت منطقة أبحاث وتنقيبات إمتدت لعشرات السنين ، لـ معاهد مصريات عالمية أجنبية على رأسها علماء مصريات مشهورين وأخرجت أبحاثا جادة تصور ” مدينة ملقطه ” فى البر الغربى لمدينة طيبه على حد قولهم
ووضعت رسومات تخطيطية لاحياءها التى إمتدت لاكثر من 2 كم مربع ، بخلاف الميناء ، وتم الكشف عن 4 قصور ملكية على الأقل لـ ” أمنحوتب الثالث ” أحدهم كان محصصا لزوجتة ” الملكه تى ” ثم كشف عن عن معبد لـ ” آمون ” ومقصورة لـ ” رع ” وقاعة إحتفالات وبيوت فارهه لكبار رجال الدولة وتم الكشف عن قرية للعمال بها بقايا ورش صناعية .. إلخ
وقالو : إن إهتمام لعلماء بهذه المنطقه بدأ منذ أعوام 1889ـ 1888 ولكن لم ينشر عنها شىء ، وأنه إبتداء من عام 1912ـ 1920 قامت بعثة متحف المتروبوليتان بحفائر كبيرة هناك وكشفت عن المدينة المفقودة لأول مرة بعد عشرات السنين من الحفائر المضنية التى قضاها العلماء للكشف عن مدينة القصر الملكى كما أسماها العلماء وقتئذ فى أبحاثهم التى تم نشرها
وهى ماتعرف اليوم ب ” ملقطة ” أو ملقط البعيرات ، وكشفوا عن 1400 قطعة فخارية لهدايا طعام وشراب الملك كتب عليها تفصيلات الهدايا بالخط الهيراطيقى كما أعلن فى بيان الوزاره
وتساءلوا هل من المعقول علميا أن تتجاوز البعثة المصرية جهود كل هؤلاء العلماء على إمتداد أزمنة طويلة دون ذكر لهم أو لجهودهم التى بذلوها ، بل وتساءلوا عن معنى وصف المدينة ” بالذهبية” وقالوا : هل تم العثور على قطعة ذهب واحدة فى المدينة لكى توصف بهذا الوصف ، وأكدوا على أن مومياوات وادى الواحات وصفت بالذهبية لأنها كانت تتلألأ بالذهب
وقالوا : أن وصف المدينة بالذهبية ماهو إلا وسيلة لجذب أنظار القراء والمعجبين ، وأنه ليس من العلم أو المروءة أن توصف المدينة ب ” المفقودة ” لأن ذلك يعد تجاهلا لجهود علماء كبار قضوا سنوات طوال بذلوا فيها الكثير من الجهد والعرق والكفاح .
وإنتهى الباحثون إلى أن وزارة السياحة والآثار قد أخطات فى إصدار هذا البيان ” غير الدقيق وغير الأمين ” ويتحتم عليها صياغة بيان علمى سليم يخاطب العقلاء من الناس أولا ثم العلماء حول العالم لأن الوزارة تعد تجسيدا، لصورة الدولة المصرية ولايجب أن تظهر بهذا المظهر البغيض .. وإلى هنا إنتهى بيان هؤلاء العلماء
والحق أقول أنى لست مع هؤلاء ولاهؤلاء وإن كنت أبحث عن الحقيقة ، فإن كان ماذكره هذا البيان صحيح فالموضوع كارثى ، ويجب تشكيل لجنة علمية لكى نعيد الأمور إلى نصابها ، لأنه ليس من الأمانة العلمية أن يتم تجاهل جهد علماء كبار إمتد لأكثر من 100 عام ، والحقيقة أن الآثار المصرية باتت لغزا محيرا وخاصه بعد أن لاكت بعض الأقلام موضوع معارض الآثار المصرية التى تقام فى الخارج وعودة الآثار “مقلدة” وتكديسها فى بدروم المتحف المصرى بميدان التحرير الذى لايعرف له حتى الآن بداية أو نهاية ولم يجرؤ على فتح ملفه أحد
بل أصبح سرا دفينا من أسرار الفراعنة رغم عشرات اللجان التى شكلت لجرده طوال السنوات الماضية
على العموم أأمل أن لاينسينا الجدل الدائر حول هذا الموضوع الفرحة بهذا بالكشف الأثرى الكبير بعيدا عن تصفية الحسابات فنحن لسنا طرفا فيها .