عندما هاجمت القوات الجوية الإسرائيلية قواتنا الجوية المصرية، في صباح الخامس من يونيو 1967، وأعقبت، ذلك، بهجومها البري على سيناء، حتى تمكنت من الوصول لقناة السويس يوم 9 يونيو 67، كان ذلك من أسوأ الأيام في تاريخ مصر الحديث؛ فقدت، خلاله، قواتنا المسلحة 80% من قواتها العسكرية، وارتفع العلم الإسرائيلي على الضفة الشرقية لقناة السويس، ليحل الظلام والرئيس جمال عبد الناصر يعلن التنحي عن حكم مصر. ورغم كل ذلك صمدت مصر؛ شعباً وجيشاً، ورفضت الهزيمة.
وفي الشهر التالي نفذت القوات المصرية معركة رأس العش، ومنعت قوات العدو من الاستيلاء على مدينة بورفؤاد، لتبدأ حرب الاستنزاف، لمدة 6 سنوات، استعدت خلالها القوات المسلحة المصرية لخوض حرب التحرير في السادس من أكتوبر، العاشر من رمضان، لتدمر خط بارليف، وتعبر قناة السويس، وتحرر سيناء، ذلك الجزء الغالي من أرض الوطن. واستكمل الرئيس أنور السادات ما بدأه من انتصارات، بمعركة المفاوضات مع إسرائيل، عام 1979، في كامب ديفيد، حتى توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، التي وقع عنها مناحم بيجن، تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة جيمي كارتر.
وبدأت إسرائيل الانسحاب من سيناء، ثم افتعلت أزمة، في المرحلة الأخيرة من الانسحاب، حول وضع 14 علامة حدودية، أهمها العلامة 91، في طابا، وإعمالاً لبنود معاهدة السلام، تم اللجوء للتحكيم الدولي للفصل في المشكلة، وشكلت مصر “اللجنة القومية للدفاع عن طابا”، للإشراف على عملية التحكيم الدولي برئاسة الدكتور عصمت عبد الحميد، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية المصري الأسبق، وبعضوية 24 من صفوة خبراء القانون والجغرافيا والتاريخ والدبلوماسيين والعسكريين والمساحة العسكرية، اشتركوا في إعداد مذكرة إلى لجنة التحكيم الدولية، التي ضمت 5 أعضاء موقرين هم الدكتور حامد سلطان عن الجانب المصري، وعن إسرائيل روث لابيدوت، بالإضافة إلى رئيس محكمة النقض الفرنسية السابق بيير بيليه، وأستاذ القانون الدولي في سويسرا ديتريش شندلر، رئيس هيئة التحكيم الدولية جونار لاجرجرين.
وفي 29 سبتمبر 1988 صدر الحكم التاريخي لصالح مصر، بأغلبية 4 أصوات واعتراض ممثل إسرائيل، وكان منطوق الحكم “أن وادي طابا بأكمله وبما عليه من إنشاءات سياحية ومدنية هي أرض مصرية خالصة”. وهكذا بدأ تحرير سيناء بالمعركة العسكرية في السادس من أكتوبر، واكتمل استرداد آخر شبر من أرضها الطاهرة بمعركة وبالطرق الدبلوماسية لتعود لمصر أرضها الغالية بفضل رجالها الأوفياء.