كل عام وأنتم بخير بمناسبه قدوم شهر رمضان الفضيل ، يهل علينا شهر رمضان كل عام بالذكريات ، وكما كتب الشاعر حسين السيد ” كل واحد من عنده ذكريات ، يفتكرها ساعات وينساها ساعات ، هي أحلى ذكريات ، هي كل الذكريات ، هي عمر العمر كله ، إللي جاي وإللي فات ” .
وشهر رمضان . هو شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن ، شهر العتق والغفران ، شهر الصدقات والإحسان ، شهر تفتح فيه أبواب الجنات ، وتضاعف فيه فيه الحسنات ، وتجاب فيه الدعوات ، وترفع فيه الدرجات ، وتغفر فيه السيئات ، فيه نزل القرآن
وعن الرسول ﷺ : قال الله عز وجل ” كل عمل ابن آدم له إلا الصيام . هو لي وأنا أَجزِي به ” ، وعن النبي ﷺ أنه قال : إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة ، وغلقت أبواب النار، وسلسلت الشيطان
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال : من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه ” ، والحقيقه أن الحديث عن فضل هذا الشهر الكريم قد يطول .
يأتى رمضان كل عام ويحمل معه فيض من الذكريات وخاصة هناك فى أقصى جنوب مصر فى محافظة قنا التى تعد أطول محافظات ج.م.ع قبل إنفصال الأقصر عنها حيث يصنع النيل فيها ” علامه إستفهام ” كبيره وكأنما قد حلى له المقام هناك ” فتمطع ” مسترخيا وإستراح من عناء رحله طويله مداها 6650 كم مارا خلالها بأحد عشرة دولة إفريقية هى دول حوض النيل . هناك فى الصعيد تكثر الذكريات والحكايات ، وكما أن لكل واحد قدر من الذكريات والحكايات سوف أحكى لكم بعضا من هذه الحكايات طوال أيام الشهر الكريم .
وهنا أود أن أذكر بداية أن رمضان فى مصر ” أم الدنيا ” له طعم ومذاق مختلف عن أى بلد فى الدنيا فإذا ذكر رمضان ذكرت مصر بالعادات والتقاليد التى بدأت منذ أيام الفاطميين الذين أرادوا أن يحببوا المصريين فيهم ومنذ أيامهم حفظت لنا كتب التاريخ ” العادات والتقاليد والحكايات” . ومنها فوانيس رمضان بشكلها التقليدى وتطورها عبر الزمن ، الكنافه والقطايف ، زينه رمضان ، موائد الرحمن ، مدفع رمضان ، قراءه القرآن ، أغانى رمضان .
والحقيقه أغاني لم يكن لها وجود حتى عصر الفاطميين بإستثناء أغاني قليله كان يرددها المكلفين بإيقاظ الناس للسحور ، وبعض الأغاني التي جاءت على لسان الأطفال و لعبهم بالفوانيس . ورغم ذلك ظلت أغنية ” وحوي يا وحوي” واحده من أشهر الأغانى و أقواها تأثيرا على أذن المستمع المصري و العربي و هي ببساطه إشارة البداية للترحيب بالشهر الكريم
وإلى جانب “وحوي يا وحوي” والشهرة اللي نالتها هناك اغاني كتيرة إرتبطت برمضان منها ” رمضان جانا ” لـ محمد عبد المطلب ــ ” حالو يا حالو ” وهى تعود إلى منتصف القرن الرابع الهجري عندما إستقبل جوهر الصقلي وزير الخليفة المعز موكب الخليفة وكان الأطفال يرددوها ترحيبا بقدومه ــ ” أهوه جه يا ولاد ” أغنيه غناها الثلاثي المرح ــ ” بشراك يا صايم ” لـ محمد فوزي ــ ” يابركة رمضان ” لـ محمد رشدي ــ و أغنية ” جيت يا رمضان .. مرحب شهر الصوم ” لـ كارم محمود ــ وأغنية صباح “رمضان قال إحمدوه” هذا إلى جانب الأغاني التي إرتبطت بنهاية الشهر ومنها ” والله لسه بدري يا شهر الصيام ” .
رمضان فى مصر له ” روحانيات ” قل أن تجدها فى أى بلد عربى آخر فى مشارق الأرض ومغاربها ومن هذه الروحانيات الذكر والتلاوه وقراءة القرآن الكريم ، وقراءه القرآن منبعها مصر ، مصر الأرض التى إحتضنت كتاب الله وقرأته وكتبته وفسرته ، وعندما يأتى رمضان ترق أسماعنا إلى فيض كريم من آيات الله المباركة والإبتهالات الدينيه والأدعيه والأناشيد من أناس وصفت أصواتهم بأنها ساحره أو ” أصوات من السماء ” أصوات تبث الخشوع فى النفس سواء حين تسمعهم يتلون القرآن أو حين ينشدون فى حب رسول الله وآل بيته الكرام
ومصر لها قراءها الذين ذاع صيتهم فى قراءه القرآن الكريم وتلاوته ومنهم ” الشيخ محمد رفعت ـ مصطفى إساعيل ـ محمد صديق المنشاوى ـ محمود خليل الحصرى ـ عبدالباسط عبدالصمد ـ والطبلاوى .. وغيرهم ، وأيضا لها مبتهليها ومنشديها الذين ذاع صيتهم أيضا فى فن الإنشاد والغناء الدينى وعندما يذكر الإنشاد الصوفى نتذكر مشايخ كبار أمثال” الشيخ طه الفشنى ـ سيد النقشبندى ـ نصر الدين طوبارـ محمد الكحلاوى ـ والشيخ محمد الهلباوى .. وغيرهم .
ويذكر أن فن الإنشاد الدينى إرتبط بالطرق الصوفية اللى عرفتها مصر من أيام الفاطميين ، وعبر التاريخ كان هناك شعراء للمديح والمنشدين أمثال ” الإمام البوصيرى ــ صاحب البرده ــ وعمر إبن الفارض ـ وأحمد شوقى وإبن عروس ، بالإضافه إلى مولاى جلال الدين الرومي الملقب ب “سلطان العارفين” وزعيم المولوية . قصص وذكريات وبقايا حكايات ، سوف نحكيها طوال شهر رمضان أعاده الله عليكم بالخير واليمن والبركات .