عندنا مثل شعبى جميل يقول : ( اسمع كلامك اصدقك .. اشوف امورك استعجب ) .. وهو ينطبق تماماً على حكومة اثيوبيا .. فنحن جميعاً والعالم تابع معنا على مدى 10 سنوات مراوغات واستفزازات وتعنت اديس ابابا فيما يخص ماأطلقوا عليه ( سد النهضة ) .. يقولون كلاماً وعند التنفيذ لا نجد الا تراجعاً عما قالوه ووعدوا به .. هدفهم فرض الأمر الواقع .
الأدلة كثيرة .. ارجعوا الى اتفاق المبادىء الذى تم اقراره فى مارس 2015 ولم يلتزموا به بل يعتبرون اسلوبهم اعلى من هذا الاتفاق ، والى المباحثات الثلاثية التى انتهت الى لا شىء ، والى مباحثات واشنطن عندما دخلت امريكا وسيطاً وتخلفت اديس ابابا عن التوقيع وطلبت مهلة للدراسة ثم ملأت الملء الأول بل وحددت موعد الملء الثانى فى يوليو القادم وكأنها ورثت نهر النيل وحدها واستأثرت به
هنا .. كان لابد من وقفة حاسمة وحازمة ونهائية بعد ان طفح الكيل وبلغ السيل الزبى ومن ثم اصبحت كل الخيارات مفتوحة امامنا للحفاظ على حصتنا من المياه .. فكانت تصريحات الرئيس السيسى الأخيرة بأن ( المياة المصرية .. خط أحمر ) .. كما وضع النقاط فوق الحروف حتى لا يدعى احد انه لم يكن يعرف – بعد ان اشهد العالم كله على اديس ابابا – حيث اكد ان اى مساس بهذه المياه سوف يؤثر على استقرار المنطقة بما يعنى ان مصالح دول العالم بالمنطقة سوف تتضرر على كافة الأصعدة مع دول المنطقة ومنافذها الجوية والبرية والبحرية ..!!!
هذا التصريح هو الأخطر على الاطلاق .. حيث تنحصر معانيه فى :
× اولاً .. التصميم على انه من رابع المستحيلات ان نفرط فى نقطة مياه واحدة .. وهذه قضية شعبية ومسألة وجود .. وهى ايضاً قضية ايمانية نص عليها القرآن واثبتها التاريخ واكد عليها القانون الدولى للأنهار المشتركة والمعاهدات التى يجب احترامها .. فالقرآن الكريم كلام الله ذكر حينما رد فرعون مصر على سيدنا موسى عليه السلام عندما دعاه للتوحيد حتى يفوز بجنة تجرى من تحتها الأنهار ( ونادى فرعون قومه قال ياقوم اليس لى مُلك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى افلا تُبصرون ) ، والتاريخ يثبت مكانة نهر النيل عند المصريين حكاماً ومحكومين منذ قديم الأزل .. فالنقوش الأثرية على مدى 7 آلاف سنة نصت فى وصايا الحكام الفراعنة على بند يقول ( لم الوث النيل ) ، والقانون الدولى والمعاهدات اكدت ايضاً على احترام دول المنبع والمصب فى الحصص المائية دون تغول احدها على الآخرين .
× ثانياً .. مازالت اديس ابابا تسلك نفس المسلك المرفوض .. تعد وتُخلف ، تراوغ وتناور ، تستفز وتتعملق بفتحة صدر فارغة وعنجهية .. ففى الوقت الذى تحدد فيه امس الأول لعقد محادثات جديدة فى كينشاسا عاصمة الكونغو الديموقراطية رئيس الاتحاد الأفريقى .. خرجت تصريحات متناقضة للتخدير والتنويم تارة والاستفزاز وانعدام المسئولية تارة اخرى :
1 – وزير المياه والرى الأثيوبى سيليشى بيكى اكد التزام بلاده العادل للمياه دون التسبب فى ضرر لدولتى المصب .
2 – السفير الأثيوبى بالقاهرة ماركوس نيكلى ريكى اعلن فى مؤتمر صحفى بمقر السفارة ان بلاده ترغب فى اتفاق مرض لجميع الأطراف .. وان السد لن يسبب ضرراً لدولتى المصب .
3 – رئيسة اثيوبيا سهلى ورق زودى قالت يوم الجمعة الماضية قبل ساعات من انعقاد مباحثات كينشاسا وبمناسبة الذكرى العاشرة لبدء بناء السد الذى يوافق 2 ابريل ( حققنا الجولة الأولى من الملء بعد التغلب على كل التحديات والضغوطات .. لكن اثيوبيا مصممة على استكمال بناء السد .. وان تطوير احواض النهر ببلادى هو مسألة بقاء وسيادة .. فالسد هو ملكية تاريخية لنا ) ..!!!
4 – السفيرة الأمريكية السابقة بأديس ابابا باتريشيا هاسلاش قالت : ( ان الادارة الأمريكية الجديدة تحتاج الى مزيد من الوقت لدراسة ملف سد النهضة بدليل ان الادارة قررت عدم ربط مساعداتها لأثيوبيا بأزمة السد ) .. سعادة السفيرة .. هل تريدون 10 سنوات اخرى للدراسة .. ام مهلة حتى يوليو القادم لحين انتهاء اديس ابابا من الملء الثانى ؟؟.. ( الطلب مرفوض ) .. كما انها لم تشأ ان تتهم اثيوبيا بعرقلة مفاوضات واشنطن حيث حملت المسئولية للدول الثلاث ..!!!!!
هنا .. ينتهى الكلام .. ونقول عبارتين : الأولى .. ( احذروا الكارت الأحمر ) الذى رفعه السيسى مرتين من قبل .. الأولى للاخوان عام 2013 وقد خرجوا الى غير رجعة ، والثانية لحكومة الوفاق العميلة السابقة بليبيا حول ( سرت – الجفرة ) العام الماضى وقد اطيح بها ولا احد استطاع المساس بهذا الخط الى الآن .. الآن .. المرة الثالثة لأثيوبيا ولكنه مازال يمسك بالكارت الأحمر فى يده ولم يرفعه .. لكن اذا رفعه عالياً .. ساعتها سنقول العبارة الثانية التى ستدركها الدنيا بأسرها ( قُضى الأمر الذى فيه تستفتيان ) .. وهو ماتتوجس منه كل دول العالم التى ستتضرر مصالحها على كافة الأصعدة كما ذكرت آنفاً .