عبد الناصر البنا يكتب : بعد تركيا .. إلى أين يذهب أيتام البنا ؟

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
هذه قراءة متانية فى مشهد مرتبك ، ولكن لكى تكون الصورة أكثر وضوحا علينا أن نتخيل مجموعة من المشاهد المتتابعة أو ” قطع البازل ” التى لابد من وضعها متجاورة حتى تظهر الصوره كامله
أول هذه المشاهد بدأ مع ثورات الربيع العربى ، وكان هناك مشروع كبير  بين أنقرة والتنظيم الدولى للإخوان على تحويل المنطقة العربية إلى ” إمارات إسلامية ” وهو المشروع الى أجهض مع ثوره 30 يونيو فى مصر وخروج الشعب المصرى رافعا الكارت الأحمر لتنظيم الإخوان وتم القبض على المرشد العام وأغلب قيادات الإخوان
وتم بعدها تأسيس مايعرف ب ” مجلس شورى الإخوان العالمى ” فى لندن وشرق آسيا فى ” ماليزيا وتايلاند ” وهناك نقاط إرتكاز جغرافية ومحافظ إستثمارية لخيرت الشاطر وعدد من قيادات الإخوان فى مجال تكرير البترول ومشروعات الإعمار فى تلك الدول وفى وسط كينيا .
لو وضعنا إلى جانب هذا المشهد مشهد القبض على القيادى محمود عزت نائب المرشد العام للإخوان الذى وصفته الصحافة ب ” الصيد الثمين ” . حيث جاء القبض على عزت  بمثابه كنز للمعلومات أدى إلى القبض على عدد كبير من قيادات الإخوان الذين كانوا يتخفوا فى بعض الأنشطة التجارية والإقتصادية
وأيضا أدى إلى القبض على ” خلية الكويت ” وترحيلها إلى مصر وهى مايسمى ب” تجفيف منابع التمويل ” ومن المعلومات التى سبق أن أدلى بها محمود عزت الحديث عن الحسابات السرية الخاصة بتنظيم الإخوان التى تكمن فى بنوك جنوب أفريقيا
قد يتساءل البعض هل لايزال تنظيم الإخوان تنظيما قويا أم أنه أصبح تنظيما هشا ضعيفا ؟
فى البداية : إستثمارات التنظيم الدولى فى أوربا وحدها تعادل حوالى 18.2 مليار يورو والتنظيم منذ منتصف السبعينات له علاقات إقتصاديه متشابكه مع ” إيران ” التى تعتبر مكون أساسى للمحافظ الإستثماريه للتنظيم الدولى
إضافه إلى العلاقات المتشابكة مع دول شرق آسيا وبعض الدول الأفريقية هذا من الناحيه المالية . اما من الناحيه السياسيه ، ففى واقع الأمر أن تنظيم الإخوان قد إنهار سياسيا ولم يعد يملك العصا التى يغازل بها المجتمع الدولى وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية إذا ماوضعنا فى الإعتبار تغير الأوضاع بين سياسة ” باراك أوباما ” و” جو بايدن “
لأن تواجد الإخوان فى الشارع العربى الآن لم يعد يغرى الشارع بل لم يعد له أى تأثير يذكر ولذلك أصبح وجوده لايعنى شيئا للمجتمع الدولى لأنه لم يعد ورقه ضغط كما كان فى الماضى ولذلك فهو يواجه أزمه كبيره فى النواصل مع المجتمع الدولى وأجهزته الإستخباراتيه بالقدر الذى شبهه بعض المحللون بالرجل العجوز أو ” الملك لير ” .

على يسار الصورة نجد أن هناك عددا من الإتفاقيات وترسيم الحدود التى تم توقيعها بين إيطاليا وقبرص واليونان ومصر على ترسيم الحدود البحريه وإستغلال غاز شرق المتوسط وهو ماوصل بمصر إلى الإكتفاء الذاتى من الغاز بل وتصبح مصر ” منطقه إقليمية للغاز ” ومحطة للغاز المسال فى شرق المتوسط ، بالقطع تركيا لم تقف مكتوفه الأيدى وإنما حاولت القيام بمناوره عسكريه للحصول على نصيبها من غاز شرق المتوسط ولكنها قوبلت بهجوم شرس داخل ” الناتو” من فرنسا وإيطاليا وغيرها من دول أوربا .

على صعيد الأوضاع الداخليه هناك إنخفاض كبير فى سعر الليره التركيه بنسبه تجاوزت الـ 40% بخلاف التضخم الذى وصل إلى 15% والأوضاع الإقتصاديه تسير من سىء إلى أسوأ . إلى جانب هذه الصوره تأتى تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن سرت والجفره ” خط احمر ” هى خط أحمر للأطماع التركيه ووقف لطموح تركيا فى ليبيا ، تركيا التى دفعت بالآلاف من المرتزقه السوريين إلى ليبيا وجدت نفسها الآن فى أزمه بعد إتفاق المصالحه الذى تم فى ليبيا وهناك تهدئه تامه وإستقرار للأوضاع فى ليبيا وهنا أصبح على تركيا التفكير فى كيفيه تفكيك الآله البشريه ونقل الميليشيات إلى تركيا ، ولذلك هى ترى أو تطمح فى الحصول على نصيب
من كعكعه إعاده الإعمار فى ليبيا .
على جانب آخر كل مايهم أنقرة الآن هو تحقيق هدف واحد وهو الجلوس على طاوله المفاوضات مع مصر أولا : للحصول على نصيب من كعكه الغاز فى شرق المتوسط ، ثانيا : من أجل الحصول على نصيب من كعكه الإعمار فى ليبيا ، يأتى هذا فى الوقت الذى تعلم فيه أنقره أنها لايمكن لها أن توثق علاقاتها مع مصر أو أن مصر لاتقبل توثيق تلك العلاقات إلا بعد إغلاق المنصات الإعلاميه وخروج قيادات الإخوان من تركيا وهو الموقف الذى يجد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان وحزبه الرئيسى ” العداه والتنميه ” أمامه وهو موقف لايحسد عليه لأنه هو الذى وضع نفسه فيه بإرادته .
مما لاشك فيه أن تركيا الآن لاتملك رفاهية الإختيار وخاصه فيما يتعلق بعلاقتها مع مصر وبعض دول الخليج العربى وأن الظروف الإقتصاديه تفرض عليها هذا التقارب ، ولكن على جانب آخر لابد وأن هناك تواصل ما قد تم بين قيادات التنظيم الدولى للإخوان ووزير الخارجيه التركى وعدد من قيادات إستخبارات عسكريه تركيه تم خلاله الإتفاق على الخروج بشكل مرحلى إلى مايعرف بالملاذات الآمنه لبعض قيادات الإخوان فى تركيا ولو بصورة مؤقته
وأعتقد أن الفترة القادمه يمكن أن تشهد تسليم عدد كبير من الإخوان الذين تورطوا فى قضايا جنائيه لمحاكمتهم عن تلك الجرائم . وخاصه وأن التقارب التركى المصرى قد يفرض قواعد جديده للعبه أبرزها منع القنوات التى تبث من تركيا من الإساءه إلى الدوله المصريه ، وقد رجح عدد كبير من المحليين السياسين إلى أن تكون وجهه جماعه الإخوان إلى مايسمى ب” الملاذات الآمنه ” فى بريطانيا وألمانيا وكندا وشرق آسيا ” ماليزيا وتايلاند وأندونيسيا .. وغيرها ” لأنهم نجحوا فى إستغلال الأوضاع الداخليه فى هذه الدول ، ومعلوم أن تلك المنصات يتم تمويلها من مكتب التنظيم الدولى للإخوان فى بريطانيا إضافه إلى نسبه من المحافظ الإستثماريه للتنظيم الدولى وهى تعتمد على المعلومات المغلوطه أو الأخبار الموضوعه أو fake news فى محاوله يائسه للدفع بثوره أو إحداث الفوضى فى الوطن العربى .
والحقيقه أنه لايمكن أن يكون هناك مفاوضات بين تركيا ومصر بشكل مباشر أو الجلوس على طاوله المفاوضات إلا بعد أن تثبت” أنقره “حسن النوايا ، وأن تبادر تبادر بتسليم كل من ثبت تورطه فى قضايا جنائيه إلى مصر لمحاكمته محاكمه عادله ليكون عبره لغيره ولكى يتم القصاص لمن دفعوا حياتهم ثمنا لجرائم الإخوان .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.