الدكتورة سامية خضر : كل عيد أم .. وكل أم بكل خير وسلام

حقاً إنك لا تستطيع أن تحكم على أى مجتمع إلا من خلال تتبعك لمكانة المرأة ودورها فى ذلك المجتمع وخاصة دور الأم .
وإننى أتذكر أنه خلال تواجدى فى اليابان فى عام 1995 كأستاذ زائر لمدة ستة أشهر فى محاولة لدراسة الدور التى تلعبه المرأة اليابانية لتنمية بلادها،
وبجامعة “أوشانوميزو – .ochanomizu University ” طلبت منى رئيسة الجامعة أن أقدم “سيمنار” عن المرأة المصرية، وأمهلتنى شهرا بأكمله حتى أقوم بتحضير ذلك اللقاء وبما يمكن أن يتعرفوا به عن المرأة المصرية
فاليابان كمجتمع هو بعيد إلى حد ما عن مجتمعنا .. ونحن أيضاً لا نحمل للمجتمع اليابانى صورة ذهنية متكاملة لذلك المجتمع الأسيوى المجهول لأكثرنا ليس فى مصر فقط ولكن فى المنطقة العربية بأكملها .
وبعد تفقدى للمكتبات فى عدد من جامعات مدينة ” طوكيو ” العاصمة حيث كنت أقيم وفى مستهل حديثى فضلت البدأ بأسطورة ” إيزيس وأوزوريس ” تلك الأسطورة التى تمتلئ قوة وشجاعة كذلك الوفاء العظيم من زوجة إلى زوجها ثم تأهيل الإبن
” حورس ” ليثأر من العم الطاغى وليعود الأب إلى الحياة مرة أخرى وبذلك ترجع شمل الأسرة وقوتها وحنانها وكل ذلك من خلال الأم .
ورغم أننا نعتقد أن الاحتفال بعيد الأم هى عادة فيها تكريم واحترام وصلت إلينا من الخارج إلا أن الحقيقة الغائبة فعلاً أن أول من احترم الأم وعظمها ورفعها إلى أعلى مكانة وقدس تلك المكانة .. هى الحضارة المصرية القديمة وإذا رجعنا إلى الحكيم “أنى” من الأسرة الثامنة فهو يوصى الزوج بأن تكون الزوجة هى سيدة لقلب الزوج
فيقول: إسعدها لتسعد أولادك ويؤكد: وإياك والقسوة .. وهو يرفع من شأن الأم فيقول رد إلى أمك ضعف الخبز الذى أعطته لك واحملها كما حملتك ولا تنسى أنه برغم أنه كنت عبئا مرهقا عليها فهى كانت سعيدة بموعد مولدك .
أما وإذا كانت فكرة عيد الأم فى عصرنا الحالى وانتشاره عالمياً فهى ترجع إلى بدايات القرن العشرين بفضل سيدة تدعى ” أنا جارفيس ” وهى ناشطة حقوقية أمريكية خاصة وأن المجتمع الأمريكى كان الجمود والجحود قد انتشرا فيه حتى تجاه الأمهات، فقد بذلت تلك السيدة الكثير حتى يحتفل العالم بأجمعه بتلك المناسبة لإظهار الحب والتقدير والاعتزاز بكل الأمهات.
وقد كان للصحفى المصرى القدير “مصطفى أمين” الفضل الكبير فى نقل ثقافة الاحتفال بعيد الأم إلى مصر والعالم العربى بأكمله وذلك من خلال الترويج له فى جريدة “أخبار اليوم” وعمود بعنوان: “فكرة” والذى كان منبرا له صدى عند معظم مفكرى مصر إن لم يكن كل المفكرين والمسئولين فى مصر بل العالم العربى بأكمله،
وقد ساعده فى ذلك أخوه وتوأمه الكاتب “على أمين” وبالفعل تم اختيار يوم 21 مارس للاحتفال بالأم العربية رمزا لفصل الربيع وانعكاسا لمشاعر الأمل والمحبة والحنان والصفاء والتى أكدته القيم المسيحية والاسلامية أيضاً، ففى المسيحية هناك إحترام وتقديس للسيدة مريم العذراء خير نساء العالمين بل وجاءت فى القرآن الكريم فى سورة مريم وهى السورة الوحيدة المسماه بأسم إمراة .
كما أنه من أعظم الأدلة على مكانة الأم فى الاسلام ..
هذا الحديث الشريف الذى يروى قصة رجل جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم وسأله ، من أحق الناس بصحابتى يا رسول الله ؟ قال : أمك . قال ثم من ؟ قال أمك ، قال : ثم من ؟ قال أمك. قال ثم من ؟ قال أبوك .
وفى حين تحتفل العديد من البلاد العربية لدينا فى الوطن العربى وكافة الدول العربية بعيد الأم فى يوم 21 مارس من كل عام وأيضاً المملكة العربية السعودية إلا أن بعض دول المغرب العربى قد تأثروا بالثقافة الفرنسية منذ الاستعمار الفرنسى واتبعوا الاحتفال بيوم الأم باليوم الأخير من شهر مايو مثل الدولة الفرنسية ذاتها .. لكن المهم فى الموضوع أن كل العالم يقول: “كل عيد أم .. وكل أم طيبة وبخير وسلام وأمان يا ست الحبايب”.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.