عبد الناصر البنا يكتب : أزمة سد أثيوبيا ، والبدائل المتاحة

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
ما الذى تريده أديس أبابا من مصر والسودان ؟ وما الذى تراهن عليه أثيوبيا بتعنتها وإصرارها على خططها رغم رفض مصر والسودان ؟ ومن الذى بقوى شوكة أثيوبيا ؟ وماهى حقيقه المصالح ” الروسية والصينية والأمريكية ” فى أثيوبيا ؟
وإلى أى مدى أدى تغيير الإدارة الأمريكية إلى زيادة التعنت الأثيوبى ؟ وهل يمكن لأثيوبيا أن تغطى على خلافاتها وأزماتها الداخلية بالتعنت والصلف فى مفاوضات سد النهضة فى محاوله لإستنهاض المجتمع الأثيوبى المتشرزم على نفسه ؟ وماهو موقف دول الخليج ” السعودية والإمارات ” التى لها إستثمارات مباشره فى أثيوبيا ؟ وماهو موقف تركيا التى تستثمر أكثر من 2.5 مليار فى أثيوبيا ؟
الحقيقه .. المشهد مرتبك ومعقد ولايمكن لـ أحد توقع ما الذى يمكن أن يحدث فى المستقبل وخاصة بعد أن لجات مصر إلى كل الخيارات وأدارت الملف بسياسة النفس الطويل بالقدر الذى جعل المواطن يسأل عن ماهى البدائل المتاحه أمام مصر إزاء هذا التعنت من الجانب الأثيوبى ؟ وهل يمكن لمصر أن تلجأ للخيار العسكرى ؟
فى تصريح مفاجىء أعلن وزير الخارجية الأثيوبى أن سد النهضة هو مورد طبيعى لجميع الأثيوبيين ولايمكن لأحد أن يحرمهم من حصتهم البالغة 86% من مياه نهر النيل ، وهو يرى أن المفاوضات لم تات بنتائج إيجابية حتى الآن وان جهود أديس أبابا للتعاون مع الدول المتفاوضة لم تأت بنتائج أيجابية حتى الآن .
على الجانب الآخر وأمام إستمرار التوتر بين السودان ومصر من جانب وأثيوبيا من جانب آخر بدأ العد التنازلى الذى حددته أديس أبابا للملىء الثانى للسد بعد أقل من ثلاثة أشهر فى الوقت الذى إعتبرت فيه الخرطوم أن ذلك يمثل تهديدا لحياه ملايين السودانيين ، إلا أن أثوبيا عادت لتؤكد أنه لا أحد سيحرمها من نصيبها البالغ 86% من مياه النيل .
تعود أزمه سد النهضة إلى إستغلال أثيوبيا للتوترات التى حدثت فى فتره الربيع العربى فى كل من مصر والسودان والشروع فى بناء سد الألفية الذى عرف لاحقا بإسم سد النهضة .
والحقيقه أن الفترة اللاحقه لعملية البناء شهدت العديد من الإرهاصات وخاصه فى ظل فتره حكم الإخوان والتهديدات التى صدرت من مصر وتم إذاعتها على الهواء مباشره وكانت سببا فى زيادة الصلف والتعنت الأثيوبى بالقدر الذى جعل من بناء السد مسألة كرامة أو حياه أو موت بالنسيه للجانب الأثيوبى . وصولا إلى مايسمى ” بإعلان المبادىء ” الذى تتمسك بها أثيوبيا كلما حاولت مصر تدويل القضية ، على الرغم من عدم إلتزام أثيوبيا ب” إعلان المبادىء ” الذى ينص فى البند الخامس على ضرورة التعاون فى ملئ وإدارة السد وهو مالم تنفذه أثيوبيا .
وعلى مدى 10 سنوات حدثت تغيرات عديدة أقليمية ودولية كان لها تأثيرا مباشرا على القضية أبرزها تغير الموقف السودانى والأوضاع الجديدة التى أدت إلى توحيد الجهود المصريه السودانيه بعد إزاحه نظام الرئيس عمر حسن البشير وأيضا تغير الإداره الأمريكيه والضغوط التى كان يمارسها الرئيس دونالد ترامب على أثيوبيا وغيرها من العوامل التى لايسع المقام لذكرها ،
والحقيقة أن مصر تتمسك بالحقوق التاريخية الثابتة وبالإتفاقبات الدولية الخاصة بمياه النيل ومنها إتفاقية عام 1902 التى تنص على أن لاتقيم دولة المنبع مشروعات فى نهر النيل الأزرق دون الإتفاق مع مصر والسودان ،
وعلى الرغم من ذلك فإن أثيوبيا ترى أن تلك الإتفاقيات غير ملزمة لها لأنها وقعت فى الحقبة الإستعمارية ولم تكن لها إرادة حرة أو مستقله . إذن أثيوبيا لاتعترف بالحقوق التاريخية التى رتبها الإستعمار البريطانى وهذا يكشف عن نوايا أثيوبيا التى لاتريد الإلتزام بأى إلتزام قانونى .
أثيوبيا رفضت الوساطة الدولية بعد ” أربعة ” أشهر قضتها مصر فى المفاوضات مع الولايات المتجحده الأمريكية بحضور البنك الدولى ، أثيوبيا تريد أن تعيد بناء التاريخ وتلغى الإتفاقيات التى تمت فى الحقبة الإستعمارية والحقيقة أنها لاتريد توليد كهرباء وإنما تريد إحتجاز المياه للضغط على دول المصب .
مصر كانت ولازالت تتمسك بالجهود السلمية والتفاوض من أجل حل الأزمة ولم تنكر مصر فى يوم من الايام حق أثيوبيا فى التنمية وفى توليد الكهرباء ولكن بما لايضر بمصالح دولتى المصب ” السودان ومصر ” . ولم تلوح القيادة المصرية ولو مرة واحدة باللجوء إلى الخيار العسكرى وإن كان ذلك فى مقدور مصر وقد تلجأ إليه فى نهايه المطاف .
السودان بدوره يرى أن عدم الإتفاق حول كيفية إدارة عملية الملىء وكيفيه التشغيل وأن الملىء الثانى للسد بإرادة منفردة من قبل الجانب الأثيوبى يمثل تهديدا مباشرا لمنظومه السدود فى السودان وخاصة وان سد النهضه يبعد عن سد ” الروصيرص ” السودانى بمسافه 100كم وأن الملىء الثانى للسد يحتاج إلى حوالى 13.500 مليار متر مكعب من المياه ولاشك أن إنحسار كميات المياه لها تأثير مباشر على محطات مياه الشرب . إذن الضرر موجود ويصيب الملايين فى مصر والسودان .
الواضح أنه طوال العشر سنوات الماضية تملص أثيوبيا من كل الإلتزمات الدولية والمماطله والتسويف وإضاعه الوقت وإستغلال الظروف فهل تدرك أثيوبيا عواقب الإستمرار فى خطه الملىء الثانى فى غضون ثلاثه أشهر وما هو رد فعل مصر إذا فشلت كل الوساطات ومضت أثيوبيا فى الملىء الثانى ؟
أعتقد ان مصر لديها العديد من البدائل ومنها ” السياسية ـ الإقتصادية ـ العودة إلى المجتمع الدولى ” مصر يمكن لها أن تعود إلى الأوساط الدولية ذات الصله ولديها أيضا العديد من الملفات الإقتصادية والشراكات الإقليميه التى يمكن أن تتدخل ويكون لها تأثير مباشر للضغط عل أديس أبابا .
والحقيقه أن لدى القيادة المصرية بدائل أخرى متاحة بعد أن لجات إلى الحوار وعلاقات حسن الجوار ومراعاة البعد الافريقى على مدى عشر سنوات وإن كانت قد فسرت بشكل خاطىء وهذا قد يفرض على أى متخذ قرار بدائل أكثر حسما ورغم ذلك لم يتحدث أى مسئول مصرى عن بدائل عسكرية منذ بداية الأزمه وحتى الآن ، والغريب أن مثل هذه الأمور كانت تصدر من أديس أبابا .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.