شرفت بتلبية دعوة كريمة من الأستاذ الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف لحضور الجلسة الافتتاحية لمؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الحادى والثلاثين، الذى عقد برعاية كريمة من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية على أرض مصر المحروسة، على مدى يومى السبت والأحد الماضيين تحت عنوان “حوار الأديان والثقافات”.
لن أخوض فى تفاصيل المؤتمر، خاصة وأن وسائل الإعلام المختلفة أفردت له تغطية خاصة وموسعة، وأستطيع أن أقول: إن وزارة الأوقاف نجحت نجاحا عظيما فى تنظيم المؤتمر، وقد ظهر جليا للجميع الالتزام التام بالإجراءات الاحترازية التى كان أهمها التباعد الاجتماعى فى أماكن انعقاد المؤتمر، وارتداء ماسك الوجه، وقياس الحرارة عند دخول القاعات وتطهير اليدين بالكحول.
فقط أريد أن أتوقف عند لفتة كريمة حدثت فى الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أثناء كلمة الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف رئيس المؤتمر، الذى تحدث بإيجاز شديد عن أهداف المؤتمر، موضحا أن أنعقاده تحت هذا العنوان جاء استجابة لدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى، لعقد حوار دولي ينطلق من منطلقات المشترك الإنساني ويحترم الخصوصيات الدينية والثقافية للدول والمجتمعات.
اللفتة ذات المغزى والمعنى التى أعنيها، هى توقف الوزير عند حديثه عن واعظات الأوقاف واهتمام الوزارة بهن، وكما أن لخطباء الوزارة زى يميزهم، فقد تم تخصيص زى موحد للواعظات لا يبعد عن التزامهن بالزى الشرعى الوسطى الذى كن يلتزمون به مع إضافة بعض اللمسات، حتى يتميزن عن غيرهن، ويظهر نسبتهن لوزارة الأوقاف، لمنع الأدعياء اللائى كن يتخذن من المساجد مكانا لترويج الأفكار المغلوطة أو المؤدلجة التابعة للجامعات المتطرفة، وبذلك يتضح الفارق الذى هو كالفرق بين السماء والأرض، والحياة والموت.
ولأن الجلسة الافتتاحية كانت تنقلها كاميرات الفضائيات والتلفزيون المصرى الرسمى على الهواء مباشرة، فأراد الوزير أن يستفيد من ذلك بتعريف عامة الناس بالهيئة التى عليها واعظات الأوقاف المعتمدات، والمصرح لهن بإلقاء الدروس فى المساجد دون غيرهن، فطلب منهن الوقوف نصف دقيقة حتى تتجه لهن كاميرات التليفزيون وعدسات مصورى الصحف.
هذه اللفتة الكريمة من وزير الأوقاف تدل على الشجاعة، وسرعة البديهة التى عهدناها فى فضيلته، وكان لها – من وجهة نظرى – مغزى، ألا وهو إعطاء دفعة معنوية للواعظات، وقوة يستفدن منها فى التحرك الدعوى، وفى الوقت نفسه كأن الوزير يعرب لهن عن رضائه عن بذلهن الجهد ومواصلة الليل بالنهار لتحصيل العلم وبذله فى اللقاءات بالسيدات وفى الندوات والمحاضرات، وخاصة أن نشاطهن تعدد فى الآونة الأخيرة رغم ظروف “كورونا” حتى أنهن شاركن فى القافلة الدعوية الأخيرة التى نظمتها وزارة الأوقاف فى دولة السودان الشقيقة، واستمرت أسبوعين وطافت عدة ولايات هناك،
وكان للواعظات المشاركات فى القافلة قبول حسن، وأداء طيب، دفع وزير الأوقاف السودانى أن يفكر فى إرسال داعيات من السودان، ليتدربن فى أكادمية الأوقاف الدولية لتدريب الأئمة والواعظات التابعة لوزارة الأوقاف المصرية.
ويبقى المعنى وهو – من وجهة نظرى أيضا – الإشارة إلى اقتناع الوزير بالتجربة، وأن الوزارة ماضية فى دعم الواعظات وتنمية قدراتهن العلمية ومهاراتهن الدعوية، وزيادة عددهن لتغطية جميع المساجد التى ظلت ردحا من الزمان مختطفة من قبل تنظيم الأخوات التابع للجماعة الإرهابية،
وكذلك تعريف القاضى والدانى بأن وزارة الأوقاف كما أحكمت السيطرة على المنابر، فلم يعد يعتليها غير الداعية الأزهرى المتخصص، المتدرب على فنون الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، دون الانتماء إلى جماعة أو الدعوة لغير الله تعالى، أو اتباع الهوى والحرص على زيادة المريدين أكثر من الحرص على دعوة الخلق إلى الحق، فإن وزارة الأوقاف كما فعلت ذلك مع الأئمة والخطباء، فإنها ماضية فى فعل ذلك أيضا مع الواعظات.
وختاما: استطيع القول بأن سر نجاح وزارة الأوقاف في تنظيم مؤتمراتها الإسلامية على أرض مصر فى سنوات ما بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ أنها تهتم باختيار مناقشة موضوعات ذات أبعاد وطنية تصحح مفاهيم مغلوطة استقرت فى أذهان عامة الناس ليس فى مصر وحدها، وإنما فى مختلف بلاد العالم.
Ibrahim.nssr@gmail.com