مصر تواجه ثلاث قضايا استراتيجية مهمة وعلى درجة كبيرة من الخطورة فى وقت واحد .. النجاح فى بعضها لا بديل عنه وفى البعض الآخر متوقع بنسبة كبيرة .. اولى هذه القضايا سد النهضة والذى هو قضية أمن قومى لا تفريط فيها مطلقاً .
عشر سنوات منذ بدأت اثيوبيا بناء السد وهى تماطل وتسوف وتتلكك وتصدر تصريحات معسولة عن عدم الاضرار بدولتى المصب لنهر النيل ثم تسير خطوة للأمام وخطوتين للوراء وتخلف فى كل مرة وعودها ..!!
اثيوبيا بدأت بناء السد مستغلة انشغال مصر فى احداث يناير 2011 وماصاحبها من فوضى عارمة .. وعندما بدأت مصر تستعيد زمام الأمور مرة اخرى بعد الاطاحة بالاخوان الارهابيين فى ثورة 30 يونيه 2013 كان البناء قد وصل لمراحل متقدمة منه ومن هنا بدأت المفاوضات الماراثونية .. تارة ثنائية واخرى سداسية لوزراء الرى والخارجية فى الدول الثلاث مصر والسودان واثيوبيا وتارة ثالثة فيما وراء الأطلنطى برعاية امريكية وعندما افشلتها اديس ابابا فى تعمد صارخ عادت بأوامر اممية الى الاتحاد الأفريقى .
وهكذا ندور فى حلقة مفرغة ونحرص على انهاء التفاوض ( بشكل سلمى ) يراعى مصالح كل الأطراف رغم ان الحق كل الحق معنا وبالقانون الدولى ان نحصل على حقوقنا بكل الأشكال باعتبار ان مياه النيل من حقوق الانسان التى اقرتها معاهدة دول حوض النيل والمواثيق الدولية وقانون الأنهار الدولية .. وان سد النهضة بالمفهوم الأثيوبى ينسف حقوق الانسان .. وقد حاولت اثيوبيا السيطرة على النهر منفردة رغم وجود 9 دول اخرى متشاطئة فيه وزعمت انها دولة المنبع ومن حقها ان تبيع المياه لمن تشاء وتمنعها عمن تريد .. وهو امرلا يمت للمنطق ولا للقانون بأية صلة لكنها ماطلت ومازالت حتى تملأ لثانى مرة وتقر الأمر الواقع وساعتها تقول ( اضربوا دماغكم فى الحيط ) ..!!
ماتفكر فيه قيادات اديس ابابا هو الجنون فى اعلى مراتبه ولا يمكن اقراره أو تنفيذه .. فماذا لو قامت كل دولة لها منبع ما بمنعه عن الغير المشارك فيه ؟؟.. هل تستطيع بلجيكا أو فرنسا منع نهر السين عن الغير .. هل تستطيع النمسا منع نهر الفولجا .. هل تستطيع المانيا منع مسار نهر الراين .. هل تستطيع اليمن او الصومال اغلاق باب المندب .. هل تستطيع المغرب غلق مضيق جبل طارق ؟؟.. ماذا سيكون الرد العالمى تجاه اى منع أو اغلاق ..؟؟!! افتونا يرحمكم الله .
هناك 3 امور جوهرية مرتبطة بسد النهضة وأباطيل اثيوبيا :
× الأول .. ان مصر فى سباق مع الزمن ونظراً لأنها قلقة جداً من تعثر المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقى بمفرده فقد وافقت على مقترح سودانى بأن تكون هناك ( رباعية دولية ) لتطوير مفاوضات السد من الاتحاد الأفريقى والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة .
× الثانى .. ان الموقف الأمريكى الآن ملتبس .. فقد قررت واشنطن – على لسان وزير خارجيتها – فى 18 فبراير الماضى اى بعد اقل من شهر على تولى جو بايدن السلطة فصل المساعدات التى تقدمها لأثيوبيا عن موقف حكومة آبى احمد من سد النهضة .. فهل معنى ذلك ان واشنطن مؤيدة لأفكار اديس ابابا وان هذه المساعدات هى مكافأة لأثيوبيا .. اعقب هذا اعلان حكومة اديس ابابا مؤخرالتفاوض مع مصر والسودان حول السد بحسن نية ..!!!!!
× الثالث .. المندبة التى يقوم بها الاخوان على قنوات رابعة التركية حول حق مصر الثابت فى مياه النيل الأزرق .. فى استعباط صارخ .. فهل نسيتم ايها ( الخرفان ) وفد الدبلوماسية الشعبية الذى كنتم ضمن اعضائه و زار اديس ابابا مخاطباً ود اثيوبيا ووافق علانية على بناء السد ؟؟.. وهل نسيتم ايها ( المعاتيه ) المؤتمر الصحفى الهزلى فى قصر الاتحادية برئاسة ( مرسيكم ) وتم نقل فضائحه على الهواء للعالم كله ؟؟.. صحيح اللى اختشوا ماتوا ..!!!
ان حق مصر والسودان فى اتفاق عادل وغير احادى حول ( سد النهضة ) يجد مساندة عربية واسعة يدعمها القانون الدولى خاصة ان هذا الحق لا ينتقص من حقوق احد ويحمى سدود مصر والسودان .. والأهم انه يحمى حياة اكثر من 120 مليون مواطن فى البلدين .. ونحن فى انتظار ماستسفر عنه المبادرتان : الرباعية الدولية واستعداد اديس ابابا للتفاوض مع مصر والسودان بحسن نية .. اكرر ( حُسن نية ) .. افلح ان صدق .
قال تعالى : ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) .. الأنفال – 30
وقال تعالى : ( ومكر اولئك هو يبور ) .. فاطر – 10 ، ( ولا يحيق المكر السىء الا بأهله ) .. فاطر – 43 .. صدق الله العظيم .