تابعت بكل أسى وأسف الإتهامات المتبادله على الساحه الإعلاميه الآن وردود الفعل المتباينه والمبالغ فيها أحيانا ردا على مقال أ.دكتور أيمن منصور رئيس قسم الإذاعه والتليفزيون ــ كليه إعلام القاهرة القائم على النقد العلمى البناء والذى أسهب فيه فى وصف وتشخيص الحال الذى وصل إليه الإعلام فى مصر والفوضى التى يعيشها فى محاوله يائسه منه للبحث عن موطن الداء وتوصيف الدواء . وبعيدا عما قوبل به المقال والتهديد بمقاضاته وإتهامه بالتنمر .. إلخ
دعونا نتفق أنه لايوجد أحد فوق النقد أو القانون فى مصر وخاصة إذا كنا بصدد الحديث عن منظومه إعلاميه تعانى من الترهل والتماهى وغياب الرؤيه من بدايتها إلى نهايتها سواء كانت ” مرئيه ـ مسموعه ـ مقروءه ” لأسباب عديده تبدأ ب ” غياب الرؤيه ” وتنهى بوجود أشخاص ” غير مؤهلين ” لإداره هذا المنظومه ومابينهما ، وللأسف أن ياتى هذا فى وقت أمس ماتكون فيه الدوله لمنظومه إعلام تتبنى قضاياها وتتبنى هموم المواطن وقضاياه ، منظومه تتبنى الرد على خونه الداخل الذين يروجون للإشاعات وقلب الحقائق بهدف إشاعه الفوضى ، ومنظومه لديها القدره للرد على أعداء الخارج الذين يحاولوا أن يشوهوا صوره الوطن ، ولا أريد أن أزيد .
الحقيقه أن واقع الإعلام فى مصر يرثى له ، واقع ترك فيه الحبل على الغارب ، وإختلط فيه الحابل بالنابل ، وتاهت الحقيقة وتحت مسمى ” حريه التعبير ” تحول الإعلام الخاص من وسيله يجب أن تبنى العقول وتثرى الوجدان إلى وسيلة تبعث على الفوضى وتهدم تماسك بنيان المجتمع .
فضائيات تفوح عبر شاشاتها رائحة النفاق وبرامج حوارية فجة لاطائل منها عير ” القعقعة ” الفارغه والكلام الذى لايثمن ولايغنى من جوع ، متناسية تهديدات للأمن القومى داخليه كانت أو إقليميه أو خارجية تحيك لنا المكائد ، ومصلحة وطن يمر بمرحله تحول هامة تستدعى أن تتكاتف الجهود لكى ينهض من كبوته .
مشهد إعلامي عبثى ممتد ، تغلفه الفوضي ولا تحكمه أية معايير مهنية ، ولا أخلاقيه ، ولا يردعه قانون ، مشهد لا يقره واقع ، ولا يقبله منطق ، ولا يوجد له نظير في أي دولة في العالم ، فقط تنفرد به مصر , وتغيب عنه كل الأجهزة المعنية .
الحكايه بدأت بخطأ فادح عندما ألغيت وزاره الإعلام فى مصر ، ” إعتباراً من وزارة إبراهيم محلب الثانية ” ، وهي الوزارة المسئولة عن إقتراح السياسة والخطة العامة للدولة في كافة مجالات الإعلام الداخلية والخارجية .. إلخ
ومع تعديلات الدستور عام 2019 كان هناك إقتراح بلإستفتاء على إلغاء المواد الثلاث التى تضبط منظومة الإعلام فى مصر وعوده وزارة الإعلام . إلا أن الإقتراح قوبل بالرفض من قبل لجنه الثقافه والإعلام بمجلس النواب ، وبقيت الهيئات الثلاث كما هى ” هما على هم “، وضاعت فرصه ذهبيه لعوده الوزاره مع التعديلات الدستورية .
ومع فشل الهيئات الثلاث فى ضبط منظومة الإعلام وغياب الرؤية وأشياء أخرى لايسع المقام لذكرها إقتضت الحاجه إلى عوده الوزاره ، وخروجا من المأذق القانونى والدستورى عادت الوزاره تحت إسم وزاره الدوله للأعلام في تعديل وزارة مصطفى مدبولي في ديسمبر 2019 ، وللأسف كانت وزاره ” بلا وزير .. وبلا صلاحيات ” وظل الوضع على ماهو عليه .
واقع عبثى ممتد عباره عن ” إعلام خاص ” خادم لسيده يرعى مصالحه ويحرس رأسماله ولسان حاله المعبر عن آماله وتطلعاته ، وهو السيد الذى يقول مايريد وقت مايريد ” بضوابط ” ومراعاه للخطوط والحدود الموضوعه له . والضحيه ” المواطن ” الذى يلهث سعيا وراء الحقيقه ولايجدها إلا فى إعلام خارجى مسموم ومضلل ، و” إعلام دوله ” ذبح على قارعه الطريق ومازال ينتظر رصاصه الرحمه التى تريحه من آلامه بعد أن نفضت الدوله يدها منه وتبرأت منه براءه الذئب من دم إبن يعقوب ، وتطهرت من دنسه ، وربما لأنها إكتفت بما يسد رمقها ويتبنى قضاياها !!
والسؤال : من الذى يعيد الإعلام المصرى إلى ريادته وإلى سابق عهده ؟
ألم يخطر ببالكم أن صناعة الإعلام في مصر هى صناعة ضخمة وعريقة وأن عمرها أكثر من قرنين من الزمان وعلى الرغم من ذلك أنها أصبحت لا تتسق مع المعايير الإعلامية ، وأصبح النظام الإعلامي مهترئ في نظر الكثيريين من خبراء الاعلام الذين كيلت لهم الإتهامات . ألم يخطر ببالكم أن هذه هى السلطه الرابعه أو ما يسمونها ” القوه الناعمه ” التى تفوقت بها مصر على أمتها العربيه ؟
والسؤال الأهم : ماهى الأسس التى بناءا عليها يتم إختيار القائمين على منظومه الإعلام فى مصر ؟
ألم يخطر ببالنا أن هناك دولا كانت هى والعدم سواء عندما سادت مصر العالم ، ولكنها بالعلم والعمل وإختيار الكفاءات إستطاعت أن ترتاد الفضاء وجلسنا نتبادل ونكيل لبعض الإتهامات ونتصيد الاخطاء .
وأخيرا هل الموجود على الساحه الآن هو إعلام ؟ ولماذا أفسحت الدوله المجال لهؤلاء من أصحاب مدرسه ” التطبيل ” الفج الذى لاينطلى على أحد ، المواطن ذكى ، فطن ، يقدر الثمين من الغث ، لعل مقال الدكتور أيمن منصور يكون بمثابة حجر ألقى فى الماء الآثن حتى نفيق من كبوتنا ونعيد للإعلام المصرى ريادته المفقوده