هل نحن الان على ابواب عصرجديد يعتمد فيه الاتحاد الاوروبي على نفسه في قضايا الدفاع والامن ؟ هل بدأت اولى خطوات خروج التكتل الاوروبي الموحد من عباءة الولايات المتحدة الاميركية ؟بعد عقود طويلة من الاعتماد بشكل كبير على المساهمات الاميركية بالعتاد والجنود والمساهمات المالية سواء في اطار شراكة تجمع الجانبين من خلال حلف شمال الاطلسي او من خلال التنسيق والعمل المشترك وتواجد قوات وأسلحة اميركية على الاراضي الاوروبية بحجة حماية اوروبا من خطر العدو الروسي او الوريث الشرعي للعدو القديم وهو حلف وارسو،. والسؤال لثالث هو ، هل يبحث الاتحاد الاوروبي الان عن دور عالمي اكثر فعالية بحيث لايقتصر دوره على مجرد تقديم المال ؟ والسؤال الرابع والاهم كيف سيكون رد فعل الادارة الاميركية الجديدة هل التوجهات الاوروبية ؟
قبل مايزيد عن عامين وخلال تواجد الرئيس الاميركي السابق دونالد ترمب في قمة لحلف شمال الاطلسي الذسي يضم في عضويته معظم دول الاتحاد الاوروبي تحدث ترامب بلهجة فيها التهديد والوعيد والغطرسة لكل الدول التي تعتمد بشكل كبير على مساهمات ودور القوات والسلاح الاميركيين في حماية المصالح الاستراتيجية لاوروبا وكان ملف الانفاق الدفاعي وحرص واشنطن على ضرورة تقاسم الاعباء المالية في اطار الناتو وايضا الحصول على سداد للفاتورة التي تتحملها الولايات المتحدة من اجل خدمة قضايا عالمية ذات اهتمام اوروبي اميركي مشترك ومع مرور الوقت زادت هوة الخلاف الاوروبي الاميركي ليشمل حربا تجارية وفرض رسوم جمركية الى جانب تباين وجهات النظر حول العديد من القضايا الدولية ومنها ملف الاتفاق مع طهران بشأن برنامجها النووي وعملية السلام في الشرق الاوسط وغيرها كل هذه الامور دفعت دول الاتحاد الاوروبي الى التحدث وبصوت عال حول ضرورة وجود استراتيجية اوروبية جديدة للتعامل مع القضايا الدولية ودور عالمي اقوى للتكتل الموحد بحيث لايقتصر دوره على مجرد تقديم مساعدات مالية
وكانت القمة الاوروبية التي اختتمت الجمعه الماضية واستغرقت يومين ، شاهدا على نقاش وصفه البعض من المراقبين بالهام والاستراتيجي وجعل البعض منهم يبحث عن اجابات على الاسئلة التي طرحناها في بداية المقال
خلال القمة الاوروبية الاخيرة التي انعقدت عبر دوائر الفيديو ، ناقش قادة دول الاتحاد الاوروبي سياسة الامن والدفاع الاوروبي وذلك عقب حضور امين عام الناتو جانبا من النقاشات وتركزت حول العلاقات بين الناتو والاتحاد الاوروبي وفي البيان الختامي للنقاشات أكد قادة اوروبا على التزامهم بزيادة قدرة الاتحاد الاوروبي على التصرف بشكل مستقل وفي ظل قناعة بان الاتحاد في حاجة لتحمل الزيد من المسئولية عن أمنه وقال رئيس الاتحاد شارل ميشال في المؤتمر الصحفي الختامي في هذا الصدد ” نريد ان نتصرف بشكل اكثر استراتيجية وان ندافع عن مصالحنا ونعزز قيمنا ”
كما اعرب القادة عن التزامهم بالتعاون الوثيق مع الناتو وتعزيز الشراكات مع الامم المتحدة والشركاء الاقليميين الرئيسيين وايضا يتطلعون للتعاون مع الولايات المتحدة الاميركية في ظل الادارة الجديدة وعلى اجندة قوية وطموحة عبر الاطلسي تتضمن حوار وثيقا حول الامن والدفاع وكانها رسالة طمأنة من بروكسل الى واشنطن من وجهة نظر البعض من المراقبين
وبعد ذلك اشار القادة في البيان الختامي الى الخطوات المهمة التي تم اتخاذها لتعزيز سياسات وادوات الامن والدفاع في الاتحاد الاوروبي واشاروا الى اهداف زيادة تعميق التعاون الامني والدفاعي بين الدول الاعضاء وزيادة الاستثمار الدفاعي وتعزيز القدرات المدنية والعسكرية والاستعداد التشغيلي
ومن اجل تحقيق هذه الاهداف فقد التزم القادة بعدة امور منها تعزيز المشاركة المدنية والعسكرية للاتحاد الاوروبي بما في ذلك من خلال الية السلام الاوروبية وثانيا تشجيع على الاستفادة بشكل افضل من المراجعة السنوية المنسقة للدفاع وتعزيز القاعدة التكنولوجية والصناعية الدفاعية في اوروبا وتوفير وصول اوروبي أمن الى الفضاء والفضاء السيبرائي وتحسين التنقل العسكري عبر الاتحاد الاوروبي .
ولجأ البعض من القادة الى استخدام اسلوب الملاطفة والحرص على اهمية التنسيق مع وتشنطن وان لايفهم احد ذلك على انه خلاف في السياسات الدفاعية والامنية بين بروكسل وواشنطن
وخلال اعمال القمة تحدث رئيس الوزراء الايطالي، ماريو دراغي ، مؤكدا على أهمية الاستقلالية الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي في إطار تكاملي مع حلف شمال الاطلسي (نانو) والتنسيق مع الولايات المتحدة الامريكية.وأشار رئيس الوزراء الايطالي، إلى ضرورة أن يجمع الاتحاد الاوروبي في آن واحد بين “الاستقلالية والتنسيق” مع الحلفاء، مشيرًا إلى أن هذا الأمر سيسهل تطبيقه مع إدارة الرئيس الامريكي جو بايدن.لم يفت دراغي التأكيد على أن هناك أيضًا تهديدات جديدة ويجب على الاتحاد الأوروبي مواصلة تعزيز التعاون مع حلف شمال الاطلسي، حيث يعتبر رئيس الوزراء الايطالي “إعادة إطلاق الأجندة عبر الأطلسي” هدفا مفصليا.
ويبدو ان الادارة الاميركية الجديدة مشغولة في مرحلة ترتيب الاوراق وتحديد الاولويات وربما سيتم التركيز على هذا الملف في مرحلة قادمة بعد ان اعطت الادارة الاميركية الاولوية لقضايا اخرى ومنها العلاقات مع كندا والمكسيك من خلال الاعلان عن ان اول زيارة خارجية سيقوم بها وزير الخارجية الاميركي ستكون الى هذين البلدين وعليه فلننتظر الاسابيع القليلة القادمة حتى يتضح الموقف الاميركي وستكون الامور اكثر وضوحا خلال قمة مرتقبة في بروكسل خلال العام الجاري لقادة دول حلف الناتو وستكون فرصة لاول لقاء يجمع الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن ونظرائة في القارة العجوز