فى خطوة وصفت بالمفاجأه ، إنضم المغرب إلى قطار “التطبيع” ليصبح البلد الرابع في العالم العربي الذي يعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ، توقيعه إتفاقية سلام مع إسرائيل بعد دوله الإمارات العربيه ومملكه البحرين والسودان .
جاء الإعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على إقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه في سياق الإعلان عن إستئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل فيما عرف ب ” مقابل التطبيع “
والحقيقة أن إعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على الصحراء الغربية هى صفقة محفوفة بالمخاطر وهى كما يرى البعض أنها “ضربة قاضية” لجبهة البوليساريو ، فيما يرى البعض أنها “يفسح المجال لحل عسكري” لقضية الصحراء الغربية.
الصفقة التي أبرمها المغرب هي واحدة من سلسلة صفقات عقدتها الدول العربية التي حسنت علاقاتها مع إسرائيل بتوجيهات من الولايات المتحدة ، وكلها كانت بمقابل ، فالسوادن رُفع من قائمة رعاية الإرهاب ، فيما منح ترامب كلا من الإمارات والبحرين فرصة شراء الطائرات الأمريكية المقاتلة المتطورة من طراز إف- 35 .
أما المغرب ، فقد كسبت إعتراف الولايات المتحدة بسيادته على الإقليم المتنازع عليه منذ خروج الإحتلال الإسباني منه في 1975.
الحقيقة أن المقام لايسع الآن لذكر موقف الدول العربية من مصر عند توقيعها إتفاقية السلام مع إسرائيل فى عام 1978 وحاله ” الصدمة ” التى إنتابت قادة هذه الدول والشارع العربي، والإعلان عن مقاطعة مصر التي عرفت بعروبتها أيام عبد الناصر، وتعليق عضويتها فى جامعه الدول العربيه ونقل مقرها من القاهرة إلى تونس. وتشكيل مايسمى ب ” جبهه الرفض ” بزعامه العراق ورفض الإتفاقيه ومقاطعه مصر .. إلخ
أما السؤال الذى يشغل الرأى العام الآن : ماهو موقف الإدارة الامريكية الجديدة بقيادة ” جو بايدن ” تجاه منطقه الشرق الأوسط والمملكه العربيه السعوديه ؟
وقبل الإجابة على هذا السؤال قد لايغيب عن البال الصفقة التى أبرمها الرئيس الأمريكى السابق ” دونالد ترامب ” الذى زار الرياض برفقه زوجته ” ميلانيا ” عام 2017 فى أول زياره خارجيه له بعد توليه مقالد الحكم فى الولايات المتحده الامريكيه ، وعقد خلالها ثلاث قمم منها ” قمة ثنائية مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ــ وقمة مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي وقمة أخيره مع قادة وممثلي نحو 55 دولة عربية وإسلامية ” وخرج منها باتفاقات تخطت الـ 380 مليار دولار بخلاف الصغفات الإقتصاديه وصفقة سلاح هي الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة و عقود فى مجالات النفط والغاز والنقل الجوي .. إلخ
هناك مثل عامى يقول ” المتفطى بأمريكا عريان ” فالولايات المتحدة الأمريكية كل مايهمها هو مصالحها فى الشرق الأوسط ، إضافه إلى أمن وسلامه إسرائيل . الحقيقه أن القائمين على أمر السياسة الخارجية الأمريكية في واشنطن فى حال إنزعاج دائم من المملكه العربيه السعوديه السعودية ، وإنهم يذكّرون دوما أن المملكة ليست ” حليفة ” للولايات المتحدة وإنما مجرد “شريكة”.
لكن نظره السعوديين لهذا الأمر مختلفة ، فهم يرون أنهم حصلوا من الولايات المتحدة على وعد بالأمن مقابل النفط ، منذ حصول ” شركه أرامكو ” أولى الشركات الأمريكية على إمتيازات نفطية في السعودية في ثلاثينيات القرن العشرين . والرئيس ” جو بايدن ” يدرك ذلك لكن عندما تقول متحدثة باسمه : إنه يريد إعادة تقييم العلاقة مع السعودية، وأنه سوف يتعامل مباشرة مع الملك سلمان ، وليس الحاكم الفعلي للمملكة ولي العهد ” الأمير محمد بن سلمان ” ، فإن هذا كان لهدف. ولعل ذلك يعتبر بمثابة إعادة لسنوات الرئيس السابق” باراك أوباما “. فقد أعرب أوباما عن إستياء إدارته من السعودية “التي جعلها سجلها الحقوقي ودعمها التاريخي لتيار الإسلام السياسى لا تحظى بشعبية في الغرب ولا في الحزب الديمقراطي”. لكن فى كل الأحوال فإن كراهيه ” بايدن ” لولى العهد السعودى لم تصل إلى حد فرض ” إقالته” .
أما مايخص الدول التى وقعت فى فخ التطبيع مع إسرائيل فكما نعلم أن حكم الرئيس ” دونالد ترامب ” ابتدي بإبتزاز العرب والتهويل من ” إيران ” التي أعتقد أنها لا تتحرك إلا وأمريكا عندها علم مسبق به ، ورسم الأحلام العسكرية والإقتصادية أمام الحكام الجدد الذين يديرون ممالك آبائهم مما جعلهم يحلمون أكثر من اللازم
بل بالمستحيل فجاء التطبيع من أجل تحقيق تلك الأحلام وكان التطبيع مقابل ” السلاح ” ، ووقعت الدول العربية وتحديدا دول الخليج العربي في ” فخ التطبيع ” .
وطار ” ترامب ” من على قمة الهرم الأمريكي وجاء ” جو بايدن ” ليرسم مرحلة جديدة وهي السياسة الأمريكية بعد التطبيع وكانت بدايتها مراجعة ملف وضع السودان من على قائمة الدول الراعية للإرهاب التي تم التطبيع من أجلها . اما الدول الخليج فحدث ولا حرج ” دخول الغواصات الاسرائيلية وبعض القطع البحرية الي الخليج العربي ــ وقف صفقة الطائرات الأمريكية F_35 للامارات ــ الغارات الجوية الاسرائيلية على سوريا ــ زيادة النفوذ التركي والايراني في المنطقة ــ اشتعال دائرة الصراع في الصحراء المغربية ، وخلق تهديدات أقوى للسودان .. والبقيه تأتى .