قالوا عن موت الوعي ..” نوم ” ، وعن موت الجسد ” وفاة ” ، ولم يقولوا شيئا عن موت الضمير !
هل لأنهم لم يجدو له إسما أو وصفا يليق ببشاعته .. أم لأن موت الضمير أصبح ظاهرة وقاعدة والإستثناء هو أن نجد ضميرا يقظا ؟!
موت الضمير أخطر وأشد وطأة علي المجتمع لأنه عندما يموت تجري علي الألسنة كلمات كطلقات الرصاص ، وقالوا ” الكلمة نور وبعض الكلمات قبور ” وما أكثر القبور في وقتنا هذا
كلمات تامر أمين التى باتت حديث الجميع لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة وبالتالى لايجب أن نتوقف كثيرا عند كلماته الذى استفزت أهالينا فى الصعيد ، وإن كنت لا أوافق علي تقسيم المصريين بين الصعيد والريف والحضر لأن تامر أمين خاطب كل المصريين
الخطورة ليست فقط في كلمات تجاوز بها في حق المصريين .. لكن الخطورة هي في قضية الزيادة السكانية التي تعاني منها مصر وتهدد مستقبلها والتي يجب معالجتها علي كل الأصعدة بكل شفافية ووضوح .
تامر أمين تم إيقافه عن مزاولة المهنة حتي يتم توفيق أوضاعه مع نقابة الإعلاميين ، وتم منعه من الظهور علي الشاشة لمدة شهرين بقرار من الأعلي للإعلام ، وأصيحت قضيته جانبية بالنسبة للقضية الأهم وهي إيجاد حلول منطقية ورادعة لمواجهة هذه القنبلة السكانية ، وهو ما يجب أن يشغل الإعلام والبرلمان بكل نوابه والمصريين جميعا
وربما تكون أزمة تامر أمين مبررا قويا لفتح ملف ميثاق الشرف الإعلامي الذي تحول إلي مجرد كلمات مسطورة في ورق لا نراه إلا عندما تقع واقعة فنتحرك وتعلو الأصوات وسرعان ما تخبو كما تخبوا النيران المشتعلة وتتحول إلي رماد !
ربما أيضا يسأل البعض .. هل تفاجأنا بما وصل إليه حال إعلامنا من تردى ثقافى وقيمى ؟
الحقيقة أننا لم نفاجأ بذلك بعد أن دخل حقل الإعلام من هم لا علاقة لهم به ، وليس في الإعلام فقط ولكن في كل مسارات قوتنا الناعمة من إعلام وسينما ومسرح وغناء وبرامج وفنون مختلفة .. القضية ليست قضية مقدم البرامج فقط .. القضية هي تلك العشوائية التي ضربت كل ذلك علي مرأي ومسمع من الجميع ومن هيئات ومؤسسات معنية برقابة هذا وذاك .. لكن يبدو أن سطوة المال غلبت كل شيء
علماء الاجتماع قالوا أن التغيرات الاجتماعية لا تحدث كطفرة تنقل المجتمع من حال الي آخر إنما تتم ببطء ودون أن نلاحظ ذلك
فبعد أن كانت قيمة الفرد تتحدد علي أساس علمه و ثقافته و اسهامه في تنمية المجتمع أصبحت القيمة تتحدد علي أساس رصيده في البنك أيا كان مصدره ، وصاحب ذلك دخول القيم الهابطة في محتوي الأفلام والبرامج التي نشرت البلطجة وكرست صور هدم القانون وانتشار الموبقات والفساد فساعد ذلك علي تدمير الطبقة الوسطي رمانة الميزان و مستودع القيم في أي مجتمع
وانقسم المجتمع الي طبقتين و بينهم أعداد قليلة تصارع للبقاء في المنطقة الوسطي و يتساقط أعداد منها يوميا الي طبقة المهمشين
هنا تم فتح الباب علي مصراعيه أمام الاعلام الخاص المعبر عن قيم و مصالح مالكيه مستغلا حالات الانقسام وتغير القيم التي كانت تحمي المجتمع من السقوط ، وقد سهل ذلك انسحاب الدولة من مجال الانتاج الفني الرصين الذي يتضمن قيم بقاء المجتمع بحاله صحيه ونفسية جيدة
كل هذه العوامل أوصلتنا الي ما نحن فيه الآن .. فهل تفاجأنا بما وصلنا اليه ؟