انتهى أمس الأول “الأحد” الموسم الثالث للعرض المسرحي ” جنة هنا ” من تأليف الزميلة الصحفية المبدعة صفاء البيلي، وتمنيت لو شاهدت هذه المسرحية منذ بداية عرضها لدعوة الناس جميعا كبارا وصغارا لمشاهدتها، ومناشدة قنوات التليفزيون لتصويرها وعرضها أكثر من مرة، لأنها من الأعمال الفنية القليلة جدا التى تستطيع وصفها بأنها عمل مسرحى نظيف، لا يحتوى لفظا جارحا ولا حركة موحية تخدش الحياء، فهى عمل تستطيع الأسرة بكامل أفرادها أن تشاهده دون خوف من مشهد سخيف أو عبارة يخجل رب الأسرة من تفسيرها لأبنائه الصغار.
مدة المسرحية ساعة واحدة، فصل واحد بلا استراحة، وبلغة السينما “wone shot” أو مشهد واحد عبارة عن حوار مستمر بين البنت “جنة” والأم “هنا” يلخص الصراع بين القديم والجديد، ويعالج عدة قضايا أهمها خطورة غياب رب الأسرة بعد سنوات قليلة من الزواج سواء بالسفر أو الانفصال أو الوفاة، وتحمل الأم ما لا تطيق فى تربية الأبناء حتى لو كانت بنتا واحدة، وكذلك يمس الحوار قضية الختان مسا خفيفا، بأسلوب راق غير مباشر يفهم من السياق ويوضح أضراره النفسية التى تقع على الأنثى وتأثيره السلبى على العلاقة الزوجية فيما بعد، لدرجة أن الحوار السلس والأداء الممتع الرائع للفنانة الصاعدة الواعدة هالة سرور “جنة” ينتزع منك البكاء بالدموع قبل التصفيق بالأيدى، ومشاهد أخرى للفنانة عبير الطوخى “هنا” تفعل فيك الشيئ نفسه حين تعترف لابنتها بعد ثلاثين عاما من غياب الأب أنه مات وليس كما كانت تحاول إقناعها طوال هذه السنوات بأنه مسافر وسيعود، وكذلك مشهد وفاتها بعد هذا الاعتراف الذى صدم البنت وجعلها تنهار، لينتزعا منك ثانية التصفيق مع البكاء، إلا أنك رغم بكائك القسرى تشعر بمتعة الأداء، وروعة الحوار ونظافة الأسلوب.
تذكرت بعد مشاهدة “جنة هنا” لقاء للرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية بالمثقفين والمبدعين والفنانين، فى بداية توليه مسئولية الحكم، وأراد أن يحملهم مسئولية المشاركة فى بناء شخصية وعقل ووجدان المواطن المصرى من خلال الأعمال الفنية النظيفة، وأقسم لهم أثناء حواره معهم أن الله سيسألهم عما يقدمون للناس، ولعل المتحدة للإنتاج الإعلامى استجابت لرغبة سيادة الرئيس – حفظه الله – وأخذت زمام المبادرة مؤخرا بتقديم أعمال فنية نظيفة ووطنية هادفة، من نوعية مسلسل “الاختيار” وعلى غرار فيلم “الممر”
ويسير على النهج نفسه مسرح الغد برئاسة الفنان سامح مجاهد مدير عام المسرح، الذى أنتج مسرحية “جنة هنا” موضوع هذا المقال، التى كانت تعرض على مسرح “أوبرا ملك” بعماد الدين، التابع لفرقة مسرح الشباب، وقام بدور البطولة الفنانة عبير الطوخي، والفنانة هالة سرور، وظهور خاص للفنان محمد دياب، والأغانى من أشعار مسعود شومان، وغناء سلمي هشام، وتعبير حركي حسن شحاته، ألحان أحمد الناصر، مساعد مخرج تامر بدير، مخرج منفذ سيادة نايل، مخرج مساعد نائل على، واخراج الفنان محمد صابر صابر، ولهم منى جميعا، وكل من ساهم فى هذا العمل خالص التحية والتقدير.
بعد انتهاء الموسم الثالث للمسرحية، سوف تجوب المحافظات، وأنصح بالحرص على مشاهدتها، فسوف تبكى وتضحك، وتستمتع بفن جميل افتقدناه كثيرا، وسوف تعيش من خلال العرض ذكريات كثيرة مرت في حياتك، كل هذا بتذكرة موحدة سعرها ٢٠ جنيها فقط، أرخص من أى تذكرة مسرح قطاع خاص أو تذكرة سينما تقدم العنف والمخدرات والعرى والإسفاف، وهى كذلك أرخص من تكلفة أى وسيلة ترفيه أخرى.
………………….. بعد الفاصل:
ماحدث مع الإعلامى تامر أمين لتطاوله وخطئه غير المتعمد فى حق الصعايدة – رغم اعتذاره – لماذا لا يحدث مع المتطاولين على الصحابة والأئمة الأعلام مع سبق الإصرار والترصد؟!.
Ibrahim.nssr@gmail.com