عبد الناصر البنا يكتب : للحرية .. ضوابط

أنت حر فيما تقول أو تعتقد ولكن إعلم أن لهذه الحرية ” ضوابط ” ، فالحرية المطلقة هى مفسدة مطلقة .
أنت حر ؟ نعم أنت حر ، ولكنها الحرية المسئولة أى التى لاتتعدى على ثوابت المجتمع ولا على أمنه أو إستقراره ، أو الحرية التى تؤدى إلى تعكدير الصفو العام أو السلم والأمن فى البلاد أو تقويض أركان المجتمع من خلال تأليب الطبقات بعضها على بعض .. إلخ

وأعتقد أن هذه المسئولية هى من بديهيات العمل الإعلامى وأول مايجب أن يتعلمه الإعلامى وهو يحبو أولى خطواته على طريق الإعلام ، إلى جانب ميثاق الشرف الإعلامى النابع من الضمير الإنسانى والأخلاق التى تربى عليها منذ صغره .

هناك حاله غضب عارمه لدى أهل الصعيد على وسائل التواصل الإجتماعى والسوشيال ميديا من التصريحات التى جاءت على لسان تامر أمين مذيع برنامج آخر النهار على قناة النهار الفضائية فى سياق حديثه عن مشكلة الزيادة السكانية وتحديد النسل ، والحقيقة أنها كانت تصريحات مثيرة للجدل كما دأب تامر أمين على ذلك دوما .

وقد إنتشرت عشرات الفيديوهات التى ترد على تامر أمين على موقع youtube بخلاف آلاف التعليقات على الصغحة الرسمية لقناه النهار . إنطلاقا من قناعة راسخة لدى أهل الصعيد : أن القافله تسير والكلاب تعوى ، وقول المتنبى : وَإِذا أَتَتكَ مَذَمَّتي مِن ناقِصٍ .. فَهِيَ الشَهادَةُ لي بِأَنِّيَ كامِلُ .. وقوله : “لكل داءٍ دواءٌ يُسْتَطَبُّ بهِ…إلاّ الحماقَةَ أَعيتْ من يُداويها”وقول الله تعالى : ( وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا ) وأيضا قوله تعالى :
{ خُذ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } وقول الحبيبﷺ (إن أشرّ الناس منزلة يوم القيامه من يتقيه الناس مخافة لسانه). وفى أمثالهم الشعبيه يقولوا : إن طلع العيب من أهل العيب ما يبقاش عيب !!

ويبدو أن المذيع المثير للجدل لايدرك جيدا الشعرة التى تفصل بين ضوابط الحديث على شاشة قناة فضائية تدخل البيوت دون إستذان ، والحديث على youtube أو وسائل التواصل الإجتماعى أو الدردشة مع الأهل والأصدقاء فى السهرات الخاصه ، وهنا نؤكد على دور ” المجلس الاعلى للأعلام ” ولابد أن يكون له موقف لأنه المسئول عن ضبط إيقاع الإعلام فى مصر وما الذى يقال أو لايقال قبل أن تقع الفأس فى الرأس لأنها ليس فى كل مره تسلم الجره .

والحقيقه أن الصفحة الرسميه لقناة النهار على موقع التواصل الإجتماعى face book ردت بفيديو لتامر أمين قدم خلاله الإعتذار للصعايدة وقال : أنه لاهو ولاغيره يجرؤ أن يهين الصعايدة وأهالينا فى الريف والفلاحين ، وأن كلامه إقتطع من سياقه ، وأن هناك من يحاول أن يصطاد فى الماء العكر ليحدث الوقيعه بينه وبين أهل الصعيد والريف . ووجه بعضا من كلامه لقناة الجزيرة التى أذاعت الفيديو ، وقال : إن الصعيد شرف مصر وعزة مصر وكرامة مصر وأهل مصر ، وكل القامات الثقافيه والشعريه والحضاريه والأدبيه والسياسيه خرجت من الصعيد .. إلخ

وحقيقه الأمر .. أن مصر تعانى منذ زمن بعيد من مشكلة الزيادة السكانية ويمكننا القول أنها فشلت إستثمار أو إحتواء تلك الزياده لسنوات ، كما فشلت الحملات القومية التى إستهدفت الحد منها مثل :” حسنين ومحمدين ” وغيرها ،

واليوم ومصر تخطو نحو المستقبل بثبات عليها أن تنظر إلى الزيادة التى تخطت ” 2 مليون ” نسمة فى السنة بمعايير مختلفة وبخطة قوميه تتبناها الدولة ويقوم الإعلام بدوره فى تنفيذها ، أنما أن يترك الحبل على الغارب هكذا لكل من هب ودب ولكل أراد أن يدلى بدلوه فأعتقد أن النتائج لن تكون أبدا فى الصالح العام .

وبعيدا عن كل ماقيل وعن تهمه الإنحياز إلى أهلى فى الصعيد هناك ثوابت راسخه فى وجدان كل صعيدى
قد تغيب عن تامر أمين أو لم يعايشها وهى أنهم أهل زود عن الشرف والعرض ومن صفاتهم الجود والكرم والشهامة ، ومن شيم الكرام التغاضى عن النقائص والهفوات ، والصعيدى دوما يسير بخطى ثابته إلى الأمام . ولا يلتفت إلى التفاهات وخاصة التى تصدر من السفهاء ، وفى أمثالهم قول مأثور : ” مايجيب لك الأذيه إلا كلبك أو ولدك ..”

حفظ الله مصر وأهلها من كيد الكائدين ومكر الماكرين

Elnaser66@yaoo.com