شخصية الفتوة من الشخصيات التى ترسخت صورتها في الوجدان المصري في مرحلة ما قبل ثوره يوليو 1952 ، وتحديدا فترة الثلاثينيات ومابعدها . ولاشك أن هذه الشخصية قد ألهبت خيال الأدباء والكتاب ، ومنها إنتقلت إلى السينما المصرية ، ويعد فيلم ” فتوات الحسينية ” إنتاج سنه 1954 إشاره إنطلاق الفتوة في روايات نجيب محفوظ التي كانت تتمحور في مجملها حول شخصيات تسعى إلى تأسيس قيم العدل والحرية والخلاص والحب والسعادة .. إلخ .
وكانت ” الحرافيش ” فى منتصف الستينات من القرن الماضى أبرز رواية تناولت السيرة الشعبية لفتوات الحارة المصرية وتاريخهم ، وهناك العديد والعديد من الأفلام المصرية التى عالجت مفهوم الفتوة في السينما المصرية ولايسع المقام هنا لذكرها .
الفتوة فى الوجدان الشعبى له صفات تميزه من أبرزها القوة التى تمكنه من فرض هيبته ونفوذه وإقامة العدل ونصرة الفقراء وأخذ الإتاوة من القادرين ليعطي المحتاجين .. وهكذا
” عالم الفتوة ” الذى جسدته الدراما المصرية يحتم علينا أن ندرك الشعرة الدقيقة بين الفتوة والبلطجي الذى تناولته أيضا السينما مؤخرا فى عدد من الأفلام منها ” شد أجزاء ” و” عبده موته ” .. وغيرها
وقد يثور سؤال : لماذا الحديث عن الفتوة الآن ؟
والإجابة على السؤال تقتضى أن نؤكد على حقيقة راسخة وهى أن ما تحققه مصر من إنجازات فى صورة مشروعات قومية كبرى ماهى إلا محصلة طبيعية لحالة الأمن والإستقرار التى تنعم بها البلاد فى السنوات الأخيرة .
ولكن دعونا أن نتفق فى البداية أن الجريمة وجدت مع الإنسان ، كما أن الحديث عن مجتمع بدون جريمة هو أقرب إلى الخيال ، فالجريمه قديمة قدم الإنسان .
منذ فترة طويلة والصحف تطالعنا ببعض الحوادث المتفرقة بتنامى نفوذ ( العرب البدو الذين يسكنون أطراف المدن ) وخاصة فى الأماكن النائية والمدن الجديدة وغيرها ، ومايلبث الموضوع أن يهدأ حتى يظهر على السطح مرة أخرى فى شكل جريمه قتل أو بلطجه أو فرض السطوة والنفوذ بالقوة ، كما حدث مع عدد كبير جدا من الشباب فى مشروع ” إبنى بيتك ” وغيره .
عشرات القصص يحكيها من عاصروا التجربة ويؤكدوا من خلالها أنه لابد من ترضية هؤلاء العرب المتواجدين فى تلك الأماكن ، والترضية هى عبارة عن ( إتاوة ) يجب دفعها .
ومما لاشك فيه أن هذا السلوك يمثل تهديدا خطيرا لمسيرة التنمية فى مناطق الإستثمار الواعدة فى مطروح والمدن الجديدة .. وغيرها ، ولذلك يجب على الدولة أن تنتبه لخطوره ذلك
وماحدث مؤخرا مع صاحب سلسلة المطاعم الشهيرة فى شارع فيصل عندما أمطره مجموعة من ( العربان ) بوابل من الرصاص أثناء تواجده داخل مزرعته بمنطقة الحزام الأخضر التابعة لدائرة قسم ثان أكتوبر ، وكان الدافع لإرتكاب الجريمة هو الإنتقام بسبب رفض المجنى عليه السماح لهم بالعمل لديه فى المزرعة التى يملكها بالمنطقة ، حيث تربصوا له وأطلقوا عليه 13 عيارا ناريا أودت بحياته .
وقد أدت جهود الأمن إلى سرعه القبض عليهم وإحالتهم إلى المحكمة بتهمه القتل العمد مع سبق الإصرار حتى يكون الحكم العادل هو القصاص الذى يردع كل من تسول له نفسه بإتيان هذا الفعل .
حفظ الله مصر وجعل منها واحه للأمن والأمان تصديقا لقوله تعالى : (أدخلوها بسلام آمنين ) صدق الله العظيم