لا شك أن بناء الأمم والحضارات يقوم أولا على بناء الإنسان، ومن هذا المنطلق كانت دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى للعمل على بناء الإنسان المصرى فكرا وسلوكا، ولا أحد ينكر أننا في حاجة دائمة إلى إبراز القيم والأخلاق والمبادئ السامية، والتوعية الدائمة بصحيح الدين وإيضاح جانب اليسر والسماحة في الشريعة الغراء ونبذ كل ألوان التشدد والمغالاة.
والقدوة الحسنة هي أحد الركائز الأساسية في بناء المجتمع، والرسول – صلى الله عليه وسلم – حينما هاجر إلى المدينة قام ببناء المسجد لبناء الإنسان روحيا وسلوكيا، وفق مبادئ إيمانية ترسخ فيه القيم والفضيلة والدعوة إلى الخير وتحمل المشاق في سبيل تحقيق ذلك، ولتحقيق هذا الهدف المنشود لابد وأن تتحرك القوى وتتوحد الجهود، وبناء الحضارة يبدأ أيضا ببناء الإنسان الصالح اليقظ لمصلحة وطنه والخائف على تراب بلده من الطامعين، ومن المترصدين له بخبائث الأفكار، والدعوات الشيطانية لهدم الدولة.
ولا بد من تجلية جانب اليسر والسماحة في الشريعة الغراء، ومن ثم التعامل مع أحكامها في ضوء المقاصد العليا والكلية لديننا الحنيف، ونبذ كل ألوان التشدد، والتنطع والمغالاة الذي ينافي روح الدين وسماحته، فقد قال – صلى الله عليه وسلم -: “إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم بالغلو في الدين”، وقال أيضًا: “إنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين”، وقال أيضًا: “يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا” ، وقال أيضًا: “هلك المتنطعون” قالها ثلاثًا، وقال أيضًا: “إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا..”، وإن جميع العبادات تقوم على مبدأ اليسر والتسهيل على الناس، وقد ميز الله تعالى أمة الإسلام عن غيرها من الأمم بيسر العبادات فقد قال الرسول الكريم – عليه الصلاة والسلام : “عليكم بما تطيقون فإنّ الله لا يملّ حتّى تملّوا”، ويسر العبادة يخفف على الناس المشقة ويجعل أداء العبادة سهلا وميسورا.
والقدوة الحسنة هى أحد ركائز بناء الإنسان والمجتمع، وهي عامل التحول السريع الفعال، فالقدوة عنصر مهم في كل مجتمع، فمهما كان أفراده صالحين فهم في أمس الحاجة للاقتداء بالنماذج الحية، كيف لا وقد أمر الله نبيه – صلَّى الله عليه وسلَّم – بالاقتداء، فقال: “أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ”، وتشتد الحاجة إلى القدوة الحسنة كلما بعد الناس عن قيم الإسلام وأخلاقه وأحكامه، كما أن الله – عز وجل – حذر من مخالفة القول للفعل الذي ينفي كون الإنسان قدوة بين الناس فقال: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ”.
من هذا المنطلق، تقوم وزارة الأوقاف بدور مهم، وجهود وزيرها الدكتور محمد مختار جمعة في هذا الصدد لا تنكر، وقد كان لعقيدتى إسهام بارز فى تجلية بعض جوانب عظمة الإسلام، من خلال صفحاتها وكذلك من خلال الندوات المشتركة مع وزارة الأوقاف التى كانت تجوب أرجاء مصر وتوقفت للأسف الشديد بسبب وباء “كورونا”، ولأهمية هذه الندوات حرصت وزارة الأوقاف على عقدها أونلاين بدون جمهور مؤقتا لحين عودة انعقادها بالمساجد كما كانت من قبل على مدى ثلاث سنوات متتالية،
وذلك فى إطار التعاون المثمر البناء بين وزارة الأوقاف وجريدة عقيدتى، والتكثيف الدائم والمستمر للقوافل الدعوية التي تسيرها الوزارة في كل محافظات مصر للإسهام فى إعادة صياغة الشخصية المصرية على أسس من الأخلاق القويمة والسلوكيات الحسنة، بل امتد هذا النشاط مؤخرا إلى دولة السودان الشقيقة، حيث انطلقت إلى هناك قافة دعوية تضم عددا من دعاة وواعظات الأوقاف المصرية للمشاركة فى عقد ندوات وحلقات نقاشية تنظمها وزارة الشئون الدينية والأوقاف السودانية.