أصبح القلق ملازما لها كلما سمعت اسم تلك المادة الدراسية وخاصة بعد مرور أسبوعين منذ بداية الدراسة ، لم تكن علياء تتنازل يوما ما عن طموحها ولا عن منافستها للفوز بالمركز الأول على مستوى مدرستها ومنطقتها التعليمية ولكن منذ أن هربت من أيديها الخيوط الأساسية لتلك المادة فقد لاحظ الجميع هبوط عزيمتها وعدم اكتراثها بالمنافسة وكان من فرط أدبها وأخلاقها أن تلقي باللوم على نفسها رغم تأكدها من تقصير الآخرين .
ذات صباح ، شعرت بقرب انتهاء أزمتها وخصامها مع تلك المادة . تبدأ الفسحة بعد إعلان جرس المدرسة نهاية الحصة الرابعة ، تخرج علياء من فصلها لتبحث عن صديقتها الحميمة وفاء في الفصل المجاور ، وبعد لقائهما تشير وفاء ناحية مقصف المدرسة الذي بدأ يزدحم .
تبدأ رحلتهما نحو المقصف وهنا تلمح وفاء معلمها الأستاذ عادل فتتجه نحوه ومعها علياء ويدور هذا الحوار :
وفاء : صباح الخير على حضرتك أستاذ عادل .
الأستاذ عادل : صباح الخير والأمل .
وفاء : هل تتكرم بشرح معلومة ما لم أستطع فهمها أثناء استذكار دروسي بالأمس ؟
الأستاذ عادل : نعم بكل سرور .
تشعر علياء بالخجل لأن الأستاذ عادل ليس هو مدرس فصلها ولكنها عندما رأت منه بشاشة الوجه والترحيب بشرح المعلومة حتى في غير أوقات الحصص الرسمية فرحت واطمئنت وبدأت تستمع له بشغف في حين يبدو التركيز مرسوما على وجهها .
كان الحوار ممتعا ومقنعا بين المعلم وهاتين الطالبتين واختتم بسؤال أكد على الفهم الكامل لما تم شرحه ، بعدها كانت عبارات الشكر والثناء تتسابق من وفاء وعلياء نحو هذا المعلم النبيل لما قدمه من شرح مبسط مدعوم بالأدلة وأخيرا انصرفت الفتاتان والسعادة تملأ عيونهما .
ما زال الزحام قائما امام باب المقصف ولكن وفاء وعلياء أصرتا على الانتظار حتى يحصلا على بعض الأطعمة الخفيفة ، وهنا أصرت علياء على دفع الحساب كاملا لها ولصديقتها ، ولما رأت وفاء اصرارها سألتها عن السبب فأجابت علياء قائلة : لدي سببان لذلك الاصرار أولهما : كرمك الزائد معي وحسن صداقتك ، ترد وفاء قائلة لا شيء يا صديقتى فأنت أكثر مني كرما ، ولكن ما السبب الثاني ؟ وهنا تجيب علياء بقولها : السبب الثاني هو هديتك القيمة لي ، ألا وهى معرفتي بالأستاذ عادل الذى أعاد لي الأمل في فهم مادة كنت على وشك اليأس من فهمها ، لقد غير صورتها في عيني بفضل طريقته ومعاملته ، أستطيع الآن أن أعود للمنافسة ، حقا إن المعلم الموهوب يصنع أجيالا لا تعرف اليأس .