كتب :عاطف محمد
كان صلاح جاهين يعرف سر الزير وأهمية غطاه، لهذا حفظ مشوار حياته فى المسلسل الإذاعى الزير وغطاه ،انه من عشق الحياة بالورقة والقلم وطاف فيها مزخرفا بكلماته جوانبها ،طرز الاحاسيس فوق قماسةالوطن لنعم نحن بكل جمال …
رباعية لخصت الحياة
“غمض عينيك وارقص بخفة ودلع
الدنيا هي الشابة و أنت الــــــــجدع
تشوف رشاقة خطوتك تعبــــــــدك
لكن أنت لو بصيت لرجليك ….تـقع
عجبي !!”
لقد تفتحت اذنى على أول ابداع لفظى من خلال تلك الرباعية المذهلة والتى لخصت الحياة فى جمل بسيطة لها فلسفتها ، والتى أدتها ايناس جوهر أيقونة إذاعة الشرق الأوسط تلك الرباعية الأشهر لفيلسوف الفنانين المبدع شعرا وزجلا وتأليفا وتمثيلا ورسما وانتاجا (وفنان الكاريكاتير الأشهر بجريدة الاهرام) صلاح جاهين الذى حلق بنا فى سماء الابداع (صوت وصورة وكلمة ريشة)
مولد مبدع
“أنا شاب لكن عمري ألف عام
وحيد لكن بين ضلوعي زحام
خايف و لكن خوفي مني أنا
أخرس و لكن قلبي مليان كلام
عجبي !!”
الغريب أن صلاح جاهين لايحتوى اسمه على( جاهين) الذى اشتهر به، و اسمه الحقيقى
(محمد صلاح الدين بهجت أحمد حلمي)
ولد صلاح جاهين( وهو الاسم الذى اشتهر به )
في 25 ديسمبر عام 1930م فى شبرا( والتى تعنى بالقبطية العزبة أو القرية ) وولد تحديدا فى شارع جميل باشا اشهر شوارع شبرا .
وقد ولد صلاح فى ولادة متعثرة جدا ، فقد كان حال نزوله ازرق اللون لم يصرخ كباقى الاطفال (ويبدو أنه فيلسوف منذ مولده فلقد تأنى فى الصراخ) حتى ظن الأطباء أنه ولد ميتا وولد جثة هامدة ،ولكن انطلقت منه صرخة الحياة فجأة لتعلن عن مولد مبدع مصرى ، ولكن يبدو أن هذا التعثر ترك أثرا فى حياته المزاجية فقد كان شديد الفرح كالأطفال عميق الحزن كالمجروحين…
عائلة جاهين
ايديا في جيوبي وقلبي طرب
سارح في غربة بس مش مغترب
وحدي لكن ونسان وماشي كده
وبابتعد….ماعرفش….او باقترب
عجبي”
الوالد هو بهجت حلمى والذى كان يعمل وكيلا للنيابة ، ثم مستشارا فى السلك القضائى ، وجاءت الترقية التى نقلته إلى المنصورة كرئيس محكمة الاستئناف بها .
التحق صلاح جاهين بكلية الفنون الجميلة لعشقه الكبير للرسم ،ولكن المفاجأة أنه لم يكمل الدراسة رغم تفوقه، وانتقل لدراسة الحقوق وأكمل دراسته بها .
عرف عن صلاح جاهين أنه من أنصار الفكر اليسارى وله ميول يساريه ..
عائلية جاهين
“يا باب يا مقفول … إمتي الدخول
صبرت ياما و اللي يصبر ينول
دقيت سنين … و الرد يرجع لي : مين ؟
لو كنت عارف مين أنا كنت أقول
عجبي !”
لحياة جاهين العائلية صورتين فنيتين متميزتين (الاولى رسامة والثانية ممثلة )أثمرت عن فنانين فى مجالهم
“ولدي نصحتك لما صوتي اتنبح..
ما تخافش من جني ولا من شبح ..
وان هب فيك عفريت قتيل اساله ..
ما دافعش ليه عن نفسه يوم ما اندبح ..
وعجبي”
وعن حياته العائلية تزوج صلاح مرتين الأولى
من ( سوسن محمد زكي) وهي رسامة كانت تعمل في مؤسسة الهلال الصحفية وذلك فى عام 1955م، وانجب منها (بهاء جاهين) الشاعر الشهير صاحب ديوان الرقص فى زحمة المرور والقميص المسكون والفلاح الفصيح وغيره من الدواوين ، وأمينة جاهين زوجة أمين حداد الشاعر الكبير (ابن فؤاد حداد والد الشعراء ) وصاحب ديوان الوقت سرقنا وغيرها من الدواوين ..
و تزوج صلاح للمرة الثانية من الفنانة منى قطان صاحبة الأدوار المميزة عام 1967م، وله منها ابنته الصغرى سامية جاهين عضو فرقة إسكندريلا الموسيقية
“لا تجبر الإنسان ولا تخيّره
يكفيه ما فيه من عقل بيحيّره
اللي النهارده بيطلبه ويشتهيه
هو اللي بكره ح يشتهي يغيّره
عجبي!”
كتابات وشعر جاهين
كانت حياة جاهين الشعرية والنثرية ثرية بالدواوين والكتابات الشعرية الجريئة البسيطة شكلا العميقة مضمونا ، فهى تلمس القلوب وتشحذ الهمم وتدعو العقل للتفكير والبحث للوصول للحقائق.
وقد احتوى شعره على فلسفة واضحة ميزته عن باقى الشعراء، فبرغم بساطة الكلمة لكنها كانت عميقة المعانى تحمل فى طياتها فلسفة كبيرة واعية بكل المتغيرات حوله، وكان جاهين يمتلك قاموسه الخاص الذى لم يستخدمه أحد سواه ،والغريب أن بداية جاهين كانت كتابة الاشعار بالفصحى الكلاسيكية شديدة التحفظ وهو فى سن (العشرين) وذلك فى حقبة الاربعينيات ولكن تحول تحولا جذريا وصار عميدا للعامية
حين قرأ قصيدة لفؤاد حداد ،تحول إلى ذلك العملاق الشعرى وصارت له صداقة وثيقة مع فؤاد حداد توجت بزواج ابنته أمينه من ابنه امين حداد الشاعر المتميز…
“أنا اللي بالأمر المحال اغتوى
شفت القمر نطيت لفوق في الهوا
طلته مطلتوش – إيه أنا يهمني ؟
وليه ما دام بالنشوى قلبي ارتوى
عجبي !!”
دواوين جاهين
ومن أهم دواوين صلاح جاهين :
كلمة سلام وموال عشان القنال و عن القمر والطين و رباعيات جاهين وقصاقيص ورق وأنغام سبتمبرية
وقد أعيد طبع تلك الدواوين بعد وفاة صلاح جاهين طباعة مميزة فاخرة بالإضافة إلى تصنيفها حسب رؤية أدبية وصنفت إلى
الأزجال الصحفية، الأشعار العامية ، المنوعات الغنائية ،الاغانى ..
مصر معشوقة جاهين